إذا كان صحيحاً أنّ المشاهد التي وصلتنا هي فعلاً من الملهى الليلي الذي أُقفل أمس، وخُتِمَ بالشمع الأحمر بتوجيه من وزير الداخلية، فإنّ أقل المطلوب سحب الرخصة نهائياً! إنّ ما جرى تداوله لا يشبه ملهى ليلياً بأي شكل من الأشكال… إنه بمثابة بيت لتمثيل الأفلام الإباحية بكل ما للكلمة من معنى.
هذه ليست حرية ولا بأي شكل من الأشكال.
وهذه ليست تسلية على الإطلاق.
وهذا ليس نادياً ليلياً للسهر، أبداً قطعياً بتاتاً!
إن ما تناهى إلينا يدعو الى لحظة تأمّل وإلى موقف.
أمّا التأمّل ففي هذه الفوضى الإجتماعية التي وصلنا إليها. وفي هذا النسخ المسخ عن الخارج: فالخارج لا يقدِّم هكذا أموراً ومشاهد وأعمالاً في نواديه الليلية. إذ أنّ مثل هذه الإرتكابات (أجل: إرتكابات) لها أماكنها الخاصة، ولها روّادها الخاصون، وليست مباحة للجميع. والتأمل أيضاً في حالنا، في هذه الأشداق المفتوحة على كسب الثروة الحرام. أجل، الثروة الحرام من خلال هذه المغريات العلنية على حساب سلم القيم، وعلى حساب آخر مكوِّنات المناعة في هذه الأجيال الطالعة التي سلبوها حقها في الوظيفة وفتحوا أمامها أبواب الهجرة و… أبواب بيوت الدعارة… ذلك ان ما تناهى إلينا من مشاهد لا يشبه إلاّ الدعارة بإسم السهر في نادٍ ليلي مزعوم!
يكفي! لقد طفح الكيل مع المافيات على أنواعها: مافيات تجارة المخدّرات، ومافيات بعض (ونشدّد على كلمة بعض لأننا لا نعمّم في هذه المسألة) ومافيات بعض النوادي الليلية… ناهيك بمافيات أصحاب مولّدات الكهربائية… وهذا حديث آخر.
وأمّا الموقف فهو في ما يخطر لنا، الآن، من مقترحات:
أولاً – ان تشدّد السلطات المعنية في تطبيق القانون على غرار ما تمّ أمس بختم الملهى الليلي الداعر بالشمع الأحمر.
ثانياً – أن تُرفد الشرطة السياحية وشرطة الآداب بالمزيد من العناصر لتكون حاضرة بفاعلية في النوادي الليلية لمراقبة ما يجري فيها ضدّ الأخلاق، ولضبط تجار ومروجي المخدرات المتواجدين بكثرة، ولقمع الزعران الذين يروّعون الناس وسبق أن إرتكب بعضهم جرائم ليس في (وأمام) نوادي بيروت وحدها.
ثالثاً – تعديل القانون لتشديد العقوبات على الذين يستهينون بالقيم وبالأخلاق ويعرّضون الشبان والشابات الى الأذى ويفسدون الحياة الإجتماعية في سبيل الكسب الحرام.
ونود أن نشير، في هذه المناسبة، إلى أننا لسنا من دعاة التزمت والكبت، ونحن نؤمن بحق الإنسان في ممارسة حريته كاملة على مختلف الصعدان، بما فيها على صعيد الحياة الشخصية والحميمة. وهذا أضعف الإيمان. إلا ان ما جرى في »النايت كلوب« (الذي أفقل أمس) ليس حرية شخصية، ولا هو يمت الى الحرية بأي صلة. إنّه جريمة (جناية) موصوفة، تامة، مكتملة العناصر الجرمية…
وبالتالي فإننا ندعو الى عدم الإكتفاء بإقفال الملهى الليلي. بل نقترح كما أوردنا سابقاً أن يكون الإقفال نهائياً، وأيضاً إحالة صاحب الملهى والمسؤولين الإداريين فيه أمام القضاء وإنزال أشد العقوبات القانونية بحقهم…
عساهم يكونون عبرة للآخرين!