ببنطال جينز أسود وكنزة رماديّة ممزقة عند الكتف، وقف الشاب الأسمر المربوع القامة تحت قوس المحكمة واضعاً يديه خلف ظهره، وممرراً أصابعه على بعضها البعض بين الحين والآخر من دون أن يظهر على جسده أي آثار تعذيب أو ضرب. فيما عيناه زائغتان في المكان، فهو لأوّل مرة يحضر جلسةً أمام هيئة المحكمة العسكريّة الدائمة، ينظر إلى أولئك الموقوفين داخل القفص فيما هو يقف خارجه.
شعره الأسود المجعّد غير مصفّف وذقنه الخفيفة توحي بأنّها حديثة النموّ. وبالفعل، فإن الشاب قاصر، هذا ما كتب إلى جانب اسمه الموضوع على جدول الجلسات التي عقدت، أمس، في المحكمة العسكريّة وبوجود مندوبة الأحداث التي ستحضر هذه الجلسة كرمى لعيون الشاب الأسمر الذي سيبلغ الـ18 عاماً بعد أشهر.
هي دقائق قليلة، قبل أن يرفع الشاب الأسمر يده حينما ينطق رئيس المحكمة العسكريّة باسمه: إنّه عمر ميقاتي. الشاب الأسمر القاصر متّهم بانتمائه إلى «داعش» وبذبح ثلاثة أشخاص بينهم الرقيب الشهيد علي السيّد والعديد من الجرائم الأخرى.
وعلى بعد خطوات معدودة، وقف والده أحمد سليم ميقاتي بذقنه البيضاء التي تكاد تصل إلى صدره وبعينين جاحظتين.
وعند سؤال عن محاميه، يرتفع صوت «أبو هريرة» من دون أن يشير إلى أنّه خائف أو متوتّر لحضوره جلسة متصلة بأحداث باب التبانة وجبل محسن، مشدداً على أنّ «لا قدرة لنا على توكيل محام»، ليسأله رئيس المحكمة إن كان يوافق أن تكون وكيلة والده المحامية فاديا شديد هي وكيلته أيضاً، فردّ: «متل ما بدكن». حينها استدار ميقاتي الأب لتصدر عنه «الموافقة الشرعية» إيماءً حتى يقول الإبن: «نعم أوافق». ولكن الجلسة لم تنعقد بسبب غياب عدد من وكلاء المدعى عليهم، ليرجئها العميد ابراهيم إلى 20 أيّار المقبل.