IMLebanon

فنيانوس لـ«الجمهورية»: هذه إمكاناتنا لمواجهة «ميريام»

 

لم تُفلح محاولات وزير الأشغال العامة يوسف فنيانوس لمواجهة «عواصف السماء»، في حماية وزارته من «عواصف الأرض»… ومواقع التواصل الاجتماعي. ولم تحل البراهين والأدلّة التي قدّمها لإثبات حسن نيّته وقيامه بدوره على أكمل وجه، دون تعرّضه لحملة انتقادات اتّهمته بالتقصير حيناً وبالتراخي أحياناً أخرى.

 

مشهدُ أوتوستراد الضبية الغارق في أوحاله كما منازل أهالي حيّ السلم الذين سبحت منازلُهم في نهر الغدير، خلط حابلَ المسؤوليات بنابلِ طوفان «نورما»، في ليلةٍ لم تعرف فيها العاصفة لحظة هدوءٍ بعدما رمت كل «خيراتها» على طول الخريطة اللبنانية وعرضها. ولكن في الاجتماعات الرسمية، بدت الصورة مناقضةً كلياً: وزير الأشغال قدّم أفضلَ ما لديه. وهذه إمكانات الوزارة، حسب ما يشرحها فنيانوس لـ»الجمهورية».

 

يستعيد وزيرُ الأشغال العامة شريطَ الصور ومقاطعَ الفيديو التي بدا فيها البلد أشبه بمنزلٍ «كرتونيّ» سرعان ما بلّلته أمطارٌ «كانونية» يُفترض أنها منتظرة، ويقول: «لا بدّ أولاً من الإشارة إلى أنّ العاصفة التي شهدناها الأسبوع الماضي كانت إستثنائية في نسبة المتساقطات، ولهذا يمكن القول إنّها مرّت من دون تسجيل أيّ حوادث بشرية باستثناء حالة وفاة الطفلة السورية التي حاولت عبورَ النهر. ولم تسجَّل حالاتُ محاصَرة في الثلج مع العلم أنّ شريحةً كبيرة من المواطنين لم تلتزم إرشاداتِ القوى الأمنية في تجهيز السيارات ما أدّى الى تعطّل عدد منها على الطرق وعرقلة حركة السير».

 

نقصُ الأليات

وهنا يشير فنيانوس إلى أنّ «وزارة الأشغال العامة تملك نوعين من الآليات المجهّزة لإزالة الثلج وهي الجرافات العادية وتلك التي تعمل على نسف الثلج، ويبلغ عدد الأخيرة 20 يعود عمرُ أحدثها بين 15 و20 عاماً وتتعرض دوماً للأعطال، فيما لا تزال مناقصةُ شراء قافلة جديدة من هذه الآليات في مجلس الإنماء والإعمار. أما الجرافات التقليدية فيبلغ عددها أربعين وعادة نستأجر عدداً من الجرافات حسب الظروف المناخية، وحتى الآن إستأجرنا أكثرَ من 35 جرافة موزَّعة على المناطق اللبنانية، ولكن ليس في قدرة هذه الجرّافات أن تجرفَ الثلج حين يتخطى ارتفاعُه المتر ونصف المتر».

بالنسبة الى فنيانوس «الأهم من ذلك، هو أنّ هذه الآليات مخصصة للطرق الدولية والأوتوسترادات وفق صلاحيات الوزارة، فيما بقية الطرق هي من صلاحية البلديات، وبالتالي لا تتدخّل آلياتُ نسف الثلج في الطرق الداخلية إلّا بعد انتهاء عملها من الطرق الرئيسة».

وإزاء الشكاوي حول تقاعس عمال مراكز رفع الثلج، يشير فنيانوس الى أنّ «الوزارة تقدمت في 10 تشرين الأول 2018 من الأمانة العامة لمجلس الوزراء بطلبِ موافقةٍ إستثنائية لتسمية هؤلاء العمال المياومين، كما يحصل كل عام، مع أنّ اعتمادَهم موجود. لكن حتى اللحظة لم تحصل الموافقة الاستثنائية، ما اضطرنا الى إعادة تسمية العمال الذين تعاقدنا معهم العامَ الماضي، على مسؤوليتي، على أساس تسوية رواتبهم بعد وصول الموافقة. وبالتالي هذه المجموعة تعمل اليوم مجاناً في انتظار ورود الموافقة، مع الاحتفاظ بحقوقهم كاملة».

ويجزم فنيانوس في أنّ «كل مراكز الثلج مؤمّنة بالمازوت على عكس الشائعات المتداوَلة، وأطلب من كل مواطن لديه شكوى في حق أيّ عامل مقصّر التقدم بشكواه إلى المدير العام وأتعهّد بتوقيف أيّ مخالف عن العمل».

 

طوفانُ الأوتوستراد

أما بالنسبة الى الساحل، فيوضح فنيانوس أنّه «وفقاً لمناقصات عمومية علنية مفتوحة أجرتها إدارةُ المناقصات في آذار 2018، فقد تمّ تلزيمُ تنظيف مجاري وأقنية الطرق الدولية والأوتوسترادات، على ما يجري كل عام، وبعد توزيع الملفات على المتعهدين أُرسِلت إلى ديوان المحاسبة الذي أعطى موافقته شرط أن يصار الى تلزيم الأشغال بعد الهطول المطري الأول، لكنّ رئيس الديوان عاد وطلب منا شفوياً عدمَ الأخذ بتوصية الديوان لأنها غيرُ منطقية وغيرُ عملية». ويضيف: «بالفعل تمّ تنظيف الأقنية مرات لا تعد ولا تحصى بدءاً من أيلول الماضي، وتحديداً في منطقتي نهر الغدير وأوتوستراد الكرنتينا- كازينو لبنان. في ما يخصّ نهر الغدير شهد اتحادُ بلديات الضاحية أنّ الوزارة قامت للمرة الأولى بتنظيف المجرى الذي تقلّص عرضُه من أربعين متراً إلى ثلاثة أمتار ونصف المتر بفعل التعدّيات، وهذه ليست مسؤوليّتي. أما في شأن قناة تصريف المياه على الأوتوستراد الساحلي، وتحديداً في أنطلياس ـ الضبيه فلا يتعدى قطرُها الستين سنتم وهي تستقبل مجارير المنطقة السكنية المقابلة لها وصولاً الى عوكر بكل مخلّفات ورش البناء من حجارة وبحص».

ويروي فنيانوس أنّ «في تلك الليلة عملت الوزارة بواسطة المتعهّد على إحداث حفرة كبيرة لتصريف المياه وهذه معالجة موقتة يُفترض أن تساعدنا خلال الأيام القليلة المقبلة ولكنها في حاجة الى معالجة دائمة، خصوصاً وأنّ هذه الطريق تشهد مرورَ أكثر من مليون ونصف مليون سيارة، وبالتالي فإنّ الحلّ الوحيد هو في حفر نفق صغير تحت الأوتستراد لاستيعاب أقنية المنطقة التي سيتزايد حجمُها إذا ما سُكن مشروع الفطيم البحري».

يتّكل فنيانوس على «الباروميتر» السياسي لينفيَ وجودَ حملة منظّمة في وجهه. ويقول: «شاركتُ في اجتماعين لمعالجة تداعيات العاصفة، الأول وزاري برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري والثاني نيابي ضمن جلسات لجنة الأشغال العامة. وفي كلا الاجتماعين لم أواجَه بانتقاد أو ملاحظة تطاول عمل الوزارة لا بل سمعت تنويهاً بأداء الوزارة باستثناء محافظ الشمال رمزي نهرا الذي أثار مشكلة أوتوستراد شكا وأعتقد أنّه «مدفوش» سياسياً من باب تبييض الوجه لا أكثر. وأنهت لجنة الأشغال اجتماعَها بتوصية دعم وزير الأشغال، مع العلم أنّ النواب الذي شاركوا في الاجتماع كانوا من مختلف الأطياف السياسية. وقد تألفت لجنة من النواب: نزيه نجم، شامل روكز، حسين الحاج حسن وحسن جشي، للتواصل معي في حال حصول حوادث».

وإزاء سقوط جدار الدعم في شكا يلفت فنيانوس إلى أنّه «سبق ونبّهنا إلى إمكانية سقوطه كون عمره يعود الى تاريخ إنشاء الأوتوستراد، إضافةً الى كمية الأمطار التي سقطت وضغطت على الجدار ونحن نتابع على الأرض علماً أنني تفقّدته ليلة العاصفة عند الأولى فجراً».

 

إقتراحات للدرس

ولمواجهة العواصف المقبلة يقول فنيانوس: «ثمّة اقتراحات للدرس منها مثلاً أن تمنع القوى الأمنية السيارات غير المجهّزة من العبور الى منطقة فاريا وكفرذبيان أو ضهر البيدر وغيرها من المناطق الثلجية، ولا بدّ من التنويه بدور قوى الأمن الداخلي والدفاع المدني والصليب الأحمر في مساعدتنا على مواجهة أضرار العواصف».

وعلى رغم كل التوضيحات، فإنّ فنيانوس يواجه تهمة تركيز اهتمامه في الوزارة على فلش «الزفت الانتخابي» على حساب الأدوار الإنمائية الأخرى.

ويقول وزير الأشغال: «في ما يخص صلاحية وزارة الأشغال إزاء البنى التحتية، فهي مسؤولة عن صَون الطرق. مشروعُنا لهذه السنة هو صون الطرق الدولية وأبرزها من النهر الكبير الجنوبي الى الناقورة ومن بيروت الى البقاع وإنارتها وتخطيطها. ومع ذلك، أنا مستعدّ للتخلّي عن صلاحيتي في ترميم جدران الدعم ولتتولَ الصناديق الإنمائية هذه المهمة كونها لا تحتاج الى مراقبة مسبَقة أو لاحقة للإسراع في تنفيذها، ولا أريد أن أسجّلَ هذا الإنجاز باسمي، ما يهمّني هو سلامة المواطنين. كما سبق وقلت في الموضوع الحكومي: كبار القوم هم مَن يقومون بعملية التأليف، أما أنا فلا أريد سوى ايصال الناس الى منازلهم سالمين».

 

مفاوضاتُ التأليف

أما في الشأن الحكومي المعلّق فيلفت فنيانوس إلى أنّ «كل لحظة هي فرصة أمل في عملية التأليف. ولكن على بعض طابخي الحكومة التواضع قليلاً، لأنّ هذا البعض يعاني من جشع فظيع». وينفي وجود أيّ علاقة للتطورات السورية بالموضوع الحكومي، مشيراً إلى أنها «ليست عودة سوريا الى الجامعة العربية وإنما عودة الجامعة الى سوريا التي لا تزال على حالها في مواقفها». ويختم قائلاً: «أنا أجزم أنّ سوريا لا تتدخل في الشأن اللبناني ولا حتى إيران ولا حتى روسيا. المسألة محصورة بخلافات حول الحصص، وإذا ما تواضع البعض تتألف الحكومة اليوم قبل الغد».