Site icon IMLebanon

هذا هو «الحلف – الحلم» السعودي

كان واضحاً أنّ السعودية التي تخوض مواجهات على أكثر من ساحة قد أعطت الأولوية لتحصين التحالف العربي – الإسلامي الذي قادته وترجَمته في «عاصفة الحزم» في اليمن. فقد يئست من الأحلاف الدولية التي استنزفت كثيراً من مواردها بلا مردود أرادته. فكانت القمة السعودية – المصرية خير دليل على إعادة نظر سعودية كبيرة في علاقاتها الدولية. فما الذي قاد الى هذه المعادلة؟

يؤكّد زوار الرياض أنّ القيادة السعودية تتّجه الى إعادة نظر كبيرة في سياستها الخارجية تقودها الى موقع متقدّم تلمّست أهميته الكبيرة من خلال قيادة الحلف العربي – الإسلامي في اليمن بمعزل عن حلفائها الدوليين ومنهم الحلف الأطلسي ومجموعة الدول الصناعية العشرين الأكثر ثراء في العالم وغيرها من التكتلات الدولية التي تشارك فيها بشكل من الأشكال.

ويضيف الزوار أنّ القيادة السعودية اختبرت سريعاً ما حصدته من «عاصفة الحزم» من دور في المنطقة والعالم أعادها الى الموقع الدولي المتقدّم وهي في عزّ المواجهة مع «الأمبراطورية الإيرانية» التي كانت تسعى الى دخول مدار الدول النووية الكبرى، وبعدما تحقّق لها ذلك تسعى الى فرض سيطرتها على محيطها، ما وضَعها، بحكم التاريخ والجغرافيا، في صدام مباشر مع دول مجلس التعاون الخليجي عموماً والسعودية خصوصاً، ما عزّز المواجهة المفتوحة بين الرياض وطهران في أكثر من ساحة في العالمين العربي والإسلامي وليست سوريا سوى إحدى هذه الساحات.

قبل سبعة أشهر من الإعلان عن «عاصفة الحزم» التي أطلقتها المملكة في 26 آذار 2015 على رغم الضغوط الدولية التي مورست والنصائح التي حذّرتها من المواجهة المفتوحة على شتى الإحتمالات، كانت أولى الدول التي رَعت الإعلان عن الحلف الدولي على الإرهاب و«داعش» في «مؤتمر جدة» الذي اختارت له تاريخاً دولياً مميزاً مع الإرهاب وهو 11 ايلول 2014، ما فتح أمامها مساراً دولياً كبيراً لا أفق له في المدى المنظور. ولكنه جعلها في مواجهة مفتوحة مع الإرهاب من جهة ومع ايران وحلفائها داعمي النظام في سوريا قبل أن يتوسّع نطاقها في معركة مماثلة مع روسيا التي تبنّت النظام نفسه وتعهّدت بحمايته للتغلّب على معارضيه.

ويقول قادة عسكريون إنّ الرياض قدمت تجربة عسكرية شاملة لا تختلف كثيراً في أشكالها الإعلامية والعسكرية والديبلوماسية عن تلك التي قدمتها الولايات المتحدة في الحملات الدولية التي قادتها، خصوصاً في عملية «عاصفة الصحراء» في العراق أو «حرب تحرير الكويت» التي امتدت من 17 كانون الثاني 1991 وانتهت في 28 شباط من العام نفسه، وشَنّتها قوات التحالف المكوّنة من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة وانتهت بإطاحة صدام حسين وتغيير وجه العراق.

ويرى اعتراف زوّار الرياض من ديبلوماسيين وقادة عسكريين أنّ ما غيّرته «عاصفة الحزم» في تاريخ المملكة يشكل إشارة الى قيام قوة عسكرية واقتصادية جديدة في الإقليم، ودلالة على أولويّات جديدة للسياسة الخارجية السعودية بدأت تظهر عناوينها من خلال سعيها الى إنشاء حلف عربي – اسلامي جديد ومستقل ينطلق من القوة العربية المشتركة كخطوة أولى نحو الحلف. فلا يكون بديلاً ممّا تقدمه الأحلاف الأخرى من ضمانات للمملكة ودول الخليج العربي، بل ليكون حلفاً إضافياً على لائحتها.

ويرى هؤلاء العسكريون والديبلوماسيون أنّ بشائر المتغيرات السعودية عَبّرت عنها ديبلوماسياً قبل الأساليب العسكرية. فالسعودية برفضها في تشرين الأول 2013 عضوية مجلس الأمن الدولي عن الموقع العربي التي كان يشغلها لبنان وإهدائها هذه العضوية للأردن، إنما عبّرت عن غضبها من السياسات الدولية التي لم تعط العرب والخليجيين شيئاً ممّا أرادوه لا في فلسطين ولا في أي مكان من العالم.

على هذه الخلفيات، يبدو للمراقبين الذين واكبوا الزيارة الملكية الى مصر أنها كانت أولى الإشارات لتعزيز الحلف الدولي الجديد ومن عاصمة اكبر دولة عربية وإسلامية بالذات من دون غيرها لِما يمكن أن تقدّمه من دعم له.

ولذلك فقد خصّصت لها أكثر من 27 مليار دولار من الإستثمارات المختلفة – على رغم الحديث عن فقرها وحاجتها ربما للإستدانة – وأهدتها جسراً بحرياً بتمويل سعودي وعمالة مصرية كاملة ما سيُنعش الإقتصاد المصري بما يفيض عن تقديمات قناة السويس في مواجهة الحصار الدولي الذي يواجهه مقابل كثير من العطاءات المصرية التي ستظهر معالمها من الآن وصاعداً والتي نال لبنان أولى الإشارات منها بوَقف بثّ قناة «المنار» عبر القمر الصناعي المصري «نايل سات».

والى أن تظهر نتائج المساعي السعودية لقيام الحلف الجديد، كشف تقرير وردَ من القاهرة انّ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز الذي انتقل من مصر الى تركيا مباشرة يقود مبادرة مصالحة بين مصر وتركيا لإنهاء الخلاف بينهما، والذي كان تعمّق بعد إسقاط الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي ووضعه في السجن.

واذا نجحت هذه المبادرة فسيفاجأ العالم الإسلامي بوصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الى اسطنبول للمشاركة في القمة الإسلامية غداً، وهو ما يعني مصالحة مصرية – تركية تاريخية من شأنها أن تعزّز الآمال السعودية بإمكان ولادة الحلف المنشود قريباً.

ففي نظر الرياض واستراتيجيتها الجديدة إنّ مصر وتركيا هما من أطراف الحلف العربي – الإسلامي الجديد، على أمل ان يكتمل بانضمام باكستان اليه.