تضيق «المساحة» الجغرافية، كما الفسحة الزمنية على «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك. هذه حقيقة باتت معروفة ومعلنة.
فالجيش اللبناني في ذروة استعداداته والتأهّب. والمعلومات المتداولة تشير الى أنّ المعركة باتت مكتملة العناصر: عدةً وعديداً وذخائر اي على الصعيدين العسكري واللوجستي.
وهذا الاستنفار لا يمكن ان يستمر الى الأبد. وبالتالي فلا بدّ من نهاية له، وهي احدى اثنتين: إمّا إلغاء الاستنفار! وهذه غير واردة، واما الانتقال الى التنفيذ العسكري، وهذه في أواخر ما يُعرف بــ»العدّ العكسي» الذي شارف على نهايته.
ولا يمكن قراءة التطورات الجارية في منطقة الجرود إلاّ بهذا المنطق. من هنا تُفهم العمليات العسكرية (المحدودة حتى الان، ولكن بالغة الأهمية) التي ينفذها الجيش، والتي من ابرز نتائجها أمران على الاقل: أولهما تدمير مواقع عديدة للتنظيم الارهابي جرى تصويرها جواً من طائرت «سيسنا» الاستطلاعية التابعة للجيش اللبناني. وثانيهما انكفاء الارهابيين عن خمسة مواقع استراتيجية في خمس تلال مشرفة على البقاع وايضاً على الداخل السوري، استرجعها الجيش اللبناني بقوّة النار التي اكرهت الارهابي المحتل ان ينسحب منها… فيوم السبت استرجع الجيش ثلاث تلال، وامس الاحد استرجع تلتين، كما بات معلوماً وموثقاً أقله بالعين المجرّدة.
ومع أنّ الرقعة الجغرافية تضيق، والفسحة الزمنية هي ايضاً تضيق كما سبق وأسلفنا أعلاه، فإنّ ساعات معدودة لا تزال أمام التنظيم الارهابي ليوافق على الانسحاب كلياً من لبنان. فهل يفعل؟ لا يمكن الجزم في ما سيكون عليه القرار…
ولكن ما هو محسوم أنّ قرار تطهير أرض لبنان من هذا الإحتلال المتخلّف بات نهائياً والمسألة بإنتظار ان يصدر قائد الجيش العماد جوزيف عون الامر التنفيذي.
إلى ذلك وجد البعض مادّة سجالية لا مبّرر لها في هذه اللحظة الحاسمة، راحوا يتسلّون بها، بعضهم من منطلق مبدئي، وبعضهم الاخر من باب الحرتقة… ألا وهي: يقوم أو لا يقوم تنسيق بين الجيشين اللبناني والسوري في المعركة المقررة في الجرود.
والواقع هو الاتي:
أولاً – الرقعة التي يسطو عليها تنظيم «داعش» الارهابي تمتد مساحتها على نحو 315 كيلومتراً مربعاً، نصف هذه المساحة تقريباً يوجد في الارض اللبنانية ونصفها الاخر في الاراضي السورية.
ثانياً – إنّ الجيش اللبناني وحده (أجل وحده) سيتولّى العمل لتحرير الجزء اللبناني من تلك الرقعة… وهو سينفذ المهّمة، التي لن يتقدم بعد انجازها خطوة واحدة داخل الحدود السورية.
ثالثاً – ماذا سيفعل الجيش السوري داخل حدود بلده؟ وهذا سؤال الجواب عليه من شأن القيادة السورية … تريد أن يكون التوقيت متوافقاً مع التوقيت اللبناني او لا تريد فهذا يعود اليها.
لذلك يجب الكف عن هذا التنغيم الذي لا مبرّر له ولا منطق له، سوى زرع الشكوك. فقيادة الجيش وتحديداً هذه القيادة، والجيش عموماً موضع ثقة من القصر والبرلمان والسراي، واستطراداً من اللبنانيين جميعاً.