تكشف مصادر وزارية مطّلعة، أن ولادة الحكومة لا بد آتية، لا سيما في ظل عودة الأجواء التفاؤلية التي تظهّرت من خلال ما أعلنه بعض العاملين على خط الإتصالات الحكومية بالأمس، إلا أن المصادر، اعتبرت أيضاً أن تشكيل الحكومة العتيدة ليست نهاية المطاف، لأن الفريق الحكومي الجديد سيجد نفسه، ومنذ اللحظة الأولى لنيل حكومة العهد الأولى الثقة من مجلس النواب، أمام روزنامة استحقاقات وعناوين داخلية وخارجية، قد يكون بعضها مفصلياً بالنسبة للمرحلة المقبلة. وفي مقدمة هذه العناوين أمام الحكومة العتيدة، يبرز ملف التعاطي مع العقوبات الأميركية ضد «حزب الله»، مع ما يحمله هذا الملف من تفاصيل مرتبطة بكيفية تكوين الموقف اللبناني الرسمي إزاء عقوبات حالية ومرتقبة ضد مكوّن أساسي في الحكومة بالدرجة الأولى، إضافة إلى تولّي هذا المكوّن حقيبة وزارية هامة هي وزارة الصحة، كما بات معلوماً. كذلك، فإن عنواناً تحوّل إلى محطة سنوية أمام الساحة الداخلية، هو المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في ضوء اقتراب موعد صدور قرار هذه المحكمة في ملف اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من جهة، كما بالنسبة لمواصلة الدولة اللبنانية تمويل هذه المحكمة من جهة أخرى.
وتقول المصادر الوزارية نفسها، أن كيفية مواجهة استحقاقات المنطقة، لن تكون عملية سهلة أمام الحكومة التي تختلف في مقاربات أعضائها بالنسبة للصراع السعودي ـ الإيراني أولاً، وللتسوية السورية ثانياً، وذلك من إسقاط عنوان أساسي مرتبط بالأزمة السورية هو عودة النازحين السوريين الموجودين في لبنان إلى وطنهم. وبحسب المصادر ذاتها، فإن هذه التفاصيل التي تتشكّل منها أجندة الحكومة، ليست ذات طابع سياسي وأمني ومالي فقط، بل هي على تماس مع الواقع الإقتصادي المتردّي، والذي كان الحافز الرئيسي وراء استنفار القيادات المحلية والدولية، على حدّ سواء من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة، ومن أبرز ما ينتظر حكومة الرئيس سعد الحريري في الأسابيع المقبلة، ملف الإصلاحات الذي يشكّل الركيزة الأساسية لاستفادة لبنان من مفاعيل مؤتمر «سيدر1»، ومن دعم الدول المانحة التي لا تزال تتمسّك بالإستقرار في لبنان كمعبر إلى تمويل مشاريع الإعمار وتأهيل البنى التحتية، والنهوض بالقطاعات الإقتصادية إلى مرحلة متقدمة من الإنتاجية.
وفي هذا السياق، تحدّثت المصادر نفسها عن سقف الوفاق الوطني الذي سيكون عنوان الحكومة، حيث أنه سيشكّل العامل المؤثّر في تكريس تسوية بين كل الأطراف، رغم الخلافات والنزاعات المرتبطة بالمحاور الإقليمية. وكشفت المصادر عن سلّة تفاهمات كانت قد أُعدّت في النقاشات التي سبقت مخاض ولادة الحكومة، تقضي بفصل الملفات الجدلية عن الواقع العام، وبالتالي، تأجيل أي بتّ يأخذ طابع الحسم في العناوين البارزة التي اعتبرت جوهر الخلافات السياسية على الساحة الداخلية، وتتناول كل الملفات المذكورة سابقاً. لكن الرئيس الحريري يدرك أن إنجاز عملية التأليف، لن تكون كافية من أجل إحداث صدمة في الوضع الإقتصادي المتردّي، ولذلك، فهو يضع في أولويات عمل حكومته، البدء بتنفيذ المشاريع الكفيلة بتحريك عجلة الإقتصاد بشكل أساسي، كما تقول المصادر التي كشفت عن تقدّم الملف الإقتصادي على كل الملفات السياسية الأخرى، معتبرة أن هذا الأمر من شأنه أن يحيّد الحكومة العتيدة عن كل النزاعات الخارجية، بعدما تراجعت في الأيام الماضية حدّة الإستقطاب بين كل القوى السياسية، وسُحبت كل فتائل التصعيد الداخلي، ولا سيما بالنسبة للعلاقات الرسمية اللبنانية ـ السورية كشرط أساسي لتأمين عودة النازحين السوريين أولاً، وإعادة إطلاق حركة التبادل التجاري عبر معبر نصيب ثانياً.