Site icon IMLebanon

هذا هو الحلّ

 

 

 

حسم لبنان – نظاما وشعبا – أمره من زمان. وفعل ذلك بكامل الوعي والادراك والارادة الحرّة، وليس خضوعا لضغوط من أحد، أو تزلفا لأحد. كل ما في الأمر انه درس تجاربه السابقة، الحلوة منها والمرّة، واختار منها طريق العقل والتصالح مع الذات. وتخلّى مختارا عن مقولة لبنان ذو وجه عربي، واستعاض عنها بتكريس حقيقته القومية على قاعدة ان لبنان عربي الهوية والانتماء. ويستند لبنان اليوم الى عمق استراتيجي مزدوج: عمقه اللبناني المنتشر في أرجاء الكوكب، وعمقه العربي من المحيط الى الخليج. ويدرك لبنان – النظام والشعب – أن لا عمق بديلا له، لا في فرنسا التي كانت بمثابة الأم الحنون، ولا في غيرها من دول العالم بأقطابه كافة…

 

***

هذه الحقيقة البسيطة هي ما يحتاج لبنان من أشقائه العرب الى تفهمها والتعامل على أساسها بين أشقاء أحرار على قاعدة التضامن ووحدة المصير القومي. ومقولة النأي بالنفس طارئة على المفاهيم والقيم اللبنانية وقد فرضت عليه، ولم يبتدعها بنفسه ولنفسه. النأي بالنفس هو الاستثناء في المفهوم اللبناني لأنه يعني ابتعاد لبنان عن الخلافات العربية – العربية، بينما القاعدة في القاموس اللبناني هي الانخراط في العمل الجماعي العربي بروح الأخوة والتعاون والتضامن والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الشقيقة. والمصير الذي اختاره لبنان – نظاما وشعبا – لنفسه هو وحدة الأرض والشعب والدولة في اطار التعدد والتنوّع كظاهرة غنى حضاري، بديلا عن مراحل سوداء سابقة كان فيها التنوّع مستنقعا يصطاد فيه السفراء والقناصل فئات من الشعب لتوظيفها في خصومات وحروب ضد فئات أخرى من الشعب نفسه!

***

التوجه الطبيعي للبنان هو نحو عمقه العربي وبخاصة الأشقاء في الخليج وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، واقامة أكثر العلاقات شفافية وعمقا. وبصراحة أكثر. ان ما يزعج المملكة هو تمدّد النفوذ الايراني في المنطقة العربية، وفي لبنان. غير أن المملكة لم تجد بعد الأسلوب المناسب لحلّ هذه المشكلة. وبالنسبة للبنان، الحلّ بسيط للغاية، ولكنه يحتاج الى قرار كبير من المملكة. ولبنان يحتاج الى قوة ردع ضدّ أي عدوان خارجي. ولدى المملكة القدرة والامكانات لتسليح الجيش اللبناني والتعامل مع لبنان من دولة الى دولة، وهو نموذج مناقض لما تفعله ايران بالتعامل مع فئات من الشعب اذا تعذر التعامل من دولة الى دولة، غير ان شرط هذا التسليح السعودي للجيش اللبناني هو ألاّ يكون أقل مستوى من تسليح ايران لامتدادها في لبنان، وان يؤمّن القدر نفسه من الردع على الأقل. وعندها يعتمد لبنان على جيشه ولا يحتاج الى أي رديف آخر…