أثبتَ تيّار المردة بعد النتائج الأخيرة أنّ زعامة سليمان فرنجية ليست «زغرتاوية» وأنّ تيار المردة ليس «جمعية في زغرتا»، وتحقّق ما أعلنه فرنجية في لقائه الأخير مع «الجمهورية» بأنه مؤمن بأنّ تيار المردة ومن خلال أدائه السياسي والاجتماعي ماضياً وحاضراً، سواء في طرابلس أو في الكورة أو في الشمال بشكل عام، قادرٌ على حصدِ أصواتِ المسلمين قبل المسيحيين، وهو واثق من محبّتِهم ومن تأييدهم بنسبة 70 في المئة من دون مجهود أو مِنّة من زعمائهم.
الصوت المسلم السنّي والشيعي والعلوي صبَّ لصالح تيار سليمان فرنجية وحلفائه في الانتخابات النيابية. هذا الواقع برهنَته صناديق الاقتراع في المناطق التي خاض فيها مرشحو تيار المردة أو حلفاؤه معاركهم الانتخابية.
فالمردة تمكّن من حصد آلاف الأصوات في طرابلس ودعم حلفاءه ليتمكنوا من الفوز، ويقال في عاصمة الشمال أنّ مقعد كرامي الذي كان مهدداً أسعفه بشكل اساس دعمُ سليمان فرنجية شخصياً ووساطته. فعندما يتوجّه سليمان فرنجية قبل يوم واحد من الانتخابات النيابية الى طرابلس وهو «ابن زغرتا» أو«الغريب» عن المدينة، ويزور «جبل العلويين» مع فيصل كرامي «إبن البلد» لدعم لائحته، اعتُبرت خطوته دليل قوّة أثبت من خلالها تيار المردة بالفعل لا بالقول تمدّد زعامته الشمالية في كل لبنان متخطيةً منطقة زغرتا الى جميع المناطق والجوار المحيطة كما تمكّن المردة أيضاً من خرق الحصار القواتي – المستقبلي في الكورة بمقعدين « نظيفين» لنائب رئيس تيار المردة فايز غصن وحليفه سليم سعادة مرشح الحزب القومي السوري.
المردة يواجه ممثّلي العهد
يلفت المراقبون الى أهمية انتصار تيار المردة وحصول لائحته على أربعة مقاعد نيابية، لأنه عملياً كان في مواجهة مع «وزير رئاسة الجمهورية « بيار رفول «مرشّح التيار المسيحي الأقوى» ومِن هنا يُعتبر فوز المردة بالمقعد إنجازاً كبيراً يبدأ به نصره الكبير.
أمّا النائب الفائز ميشال معوض إبنُ زغرتا الزاوية فلفوزِه اعتبارات زغرتاوية ساهمَت في وصوله، ولا يمكن التعليق على نجاحه، بعكس الوزير بيار رفول الذي كان ليشكّل انتصارُه في زغرتا نكسةً لتيار المردة، وهذا ما لم يحصل.
وفي القراءة السياسية لفوز المردة بأربعة مقاعد (ضمنها مقعد حليفه سليم سعادة)، فهو يشكّل رسالة سياسية للأحزاب المسيحية تؤكّد أنّ المردة «حقيقة مسيحية وازنة، وهي جزء من هذه الزعامة، وأنّ مقولة القطبَين المسيحيين الاساسيين ما هي إلّا حكاية ووَلّت». فقد كسَر تيار المردة قاعدةَ الإلغاء التي أرادها البعض للقيادات المسيحية.
وفي القراءة السياسية تمدّد تيار المردة الى «قلب» كسروان من خلال نسجِ علاقات، وتحديداً من خلال دعم حليفه النائب الفائز فريد هيكل الخازن الذي أعلنَ عبر «الجمهورية» أنّ حِلفه مع النائب سليمان فرنجية قديم ومستقبلي وثابت، وهو يفتخر بتحالفه مع المردة.
خريطة الطريق … تمدد
وفي السياق تشكّل هذه الخلاصة من التمدد خارطةً لطريق تيار المردة ورئيسها انطلاقاً من زغرتا وشمال لبنان والأطراف وصولاً الى كسروان والمتن من خلال تحالفِه مع الرئيس ميشال المر وحتى الجبل، ونسج علاقات خارج منطقته تؤهّله لاستحقاقات كبرى سواء على مستوى رئاسة الجمهورية أو غيرها.
مع الاشارة الى أنّ فرنجية يحظى بتأييد كامل من قبَل الثنائي الشيعي الذي يحبّذ صِدقه وشخصيته وهو «القريب الى القلب». وفي السياق يَشعر البعض بأنّ سليمان فرنجية بعد نتائج هذه الانتخابات سيكون لاعباً سياسياً أساسياً ومريحاً للثنائي الشيعي.
في خلاصة تقييم النتائج، ملاحظة أساسية، تتجلى في قدرة تيار المردة على إيصال ثلاثة نواب، شأنه في ذلك شأن أحزاب تُعتبَر كبرى. وهذا يؤمّن له الطريق إلى الشراكة في الحكومة دون مِنّة من أحد، فضلاً عن أنّ فوزه سيتعزّز أكثر قريباً من خلال حِلف سياسي كبير، سيكون تيار المردة جزءاً أساسياً فيه.