من المتوقع اليوم، وبصرف النظر عن النتيجة التي ستُسفر عنها الانتخابات الأميركية، جمهوري أو ديمقراطي، أن يكون للنتيجة تأثيرها المباشر على الدولار الأميركي وفي الاقتصاد بشكل عام.
رغم أنّ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي هو المسؤول عن السياسة النقدية فإنّ القرارات التي سوف يتّخذها الرئيس الجديد سيكون لها تأثيرٌ كبير في الاستقرار السياسي والاقتصادي وقد يكون التأثير الديقراطي في السياسة والاقتصاد أنعم بكثير من أن يستلم دونالد ترامب البيت الأبيض لا سيما وأنّ الحكم مع ترامب يعني تغيّرات كبيرة في السياسة الخارجية والتي قد تبعد أميركا من شركائها التجاريّين وتؤثر في الصادرات وقد يكون الأثر الأكبر على الدولار الأميركي.
لذلك قد يكون اليوم من دون أدنى شك ليس فقط خيار مَن سوف يفوز بهذه الانتخابات إنما أيضاً خيارات ومقترحات اقتصادية مختلفة تماماً لها أثرها في الأمة والعالم أجمع. هذا وفي توقعات ثمانية من الاقتصاديين الذين حازوا على جائزة نوبل حذّروا في رسالة لهم من خطر اختيار ترامب لرئاسة الجمهورية ووصفوه بأنه «الخيار الخطير المدمّر».
ومن ضمن الموقّعين على هذه الرسالة Angus Deaton الذي فاز بجائزة نوبل في الاقتصاد العام الماضي و Oliver Hart والذي كان أحد الفائزين بجائزة نوبل هذا العام لا سيما وأنّ الرسالة جاءت أكثر تركيزاً لا سيما أنّ ترامب وخلال حملته الانتخابية اعترض على البيانات الاقتصادية التي تنتجها مؤسسات مثل مكتب العمل الإحصائي ولم يقترح حلولاً موثوقة لخفض العجز في الميزانية ما عزّز الإدّعاءات المضلّلة عن التجارة والسياسة الضريبية. أضف الى ذلك أنه لا يستمع للخبراء والمحلّلين الاقتصاديّين- وتبقى أهمية هذه الورقة كونها حيادية ولا تؤيّد أحداً من المرشحين لمنصب الرئيس.
وفي نهاية هذا النهار سوف يتّضح مَن سيفوز بالرئاسة الأميركية ودونالد ترامب يعود مع فرصة الفوز بعد الاستطلاعات التي حصلت أخيراً؛ فإذا جاء التصويت لصالح ترامب فمن المؤكد أنّ ذلك سوف يثيرهزّةً كبيرة في الأسواق المالية العالمية وقد تكون ردّة فعل هذه الأسواق سيّئة للغاية ما قد يثير حسب العديد من المحلّلين تقويض الثقة في النظام السياسي في أميركا لا سيما بين الشركات والمستثمرين.
هذا ناهيك عما سوف يحدث من تغيّرات كالتخلص من obamacare واتخاذ إجراءات صارمة تجاه الهجرة وإقامة جدار على طول الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة الأميركية- وأبسط الأمور هي أنّ الخيار لترامب سوف يُحدث فترة عدم يقين في الأسواق وهذا ما يكرهه المستثمرون وأصحاب رؤوس الأموال خصوصاً أنّ الاستقرار الذي تعد به كلينتون هو أقرب للواقع الأميركي وما حققه الديمقراطي باراك أوباما خلال السنوات الـ8 في البيت الأبيض.
ودون الدخول في السياسات الضيّقة. يبقى القول إنّ سياسات الرئاسة والرئيس في نهاية المطاف سوف تكون المحرّك الأساس للأسواق وقد تكون ضمن هذه السياسات قضيّتان مهمّتان منها الضرائب والسؤال الاهم هنا هو أيّ مِن المرشحَين هو الأفضل بالنسبة لمستثمري الأسهم والسندات! والقضية الثانية هي التجارة الدولية والتي سوف تترتّب عليها آثارٌ كبيرة كونها سوف تضرّ بالعديد من القطاعات وستكون لها تشعبات دولية.
أما في الضرائب وإذ نرى كلينتون تتوجّه نحو خفضٍ ضريبيٍّ متواضع للفئات الوسطى إلّا أنّ ذلك قد لا يُحدث تغيّرات في العجز القومي ومن المستبعد أيضاً أن يقدّم هذا دفعة إضافية للأسهم ومستثمري السندات وهذه الاستثمارات قد تستفيد من بقاء أسعار الفوائد منخفضة لفترة اطول، بينما ترامب اقترح إجراء تخفيض ضريبي شامل وزيادة الإنفاق على البنية التحتية والدفاع وكذلك أظهر رغبة في دفع الديون الوطنية.
وقد تكون هذه الخطة جريئة لكن من الصعب جداً تحقيق جميع هذه الأشياء في الوقت نفسه، لذلك من حيث التأثير المباشر يبدو أنّ رئاسة ترامب تعطي دفعة للاقتصاد والاسهم أقله على المدى القصير على رغم إمكانية ارتفاع اسعار الفائدة.
أما من ناحية التجارة الدولية فليس من المستغرب أن تكون لها تشعبات دولية مع ترامب المتشدّد حيال الاتفاقات التجارية وقد يظهر ذلك جلياً في أسواق النقد، وتكفي الاشارة الى أنّ احتدام التنافس بين كلينتون وترامب في الاسابيع الاخيرة كان له أثر مباشر على عملات المكسيك والصين اللتين انخفضتا بسبب المخاوف من سياسات أقل استيعاباً للتجارة الدولية من اكبر اقتصاد في العالم. وعلى النقيض من ذلك فإذا فازت كلينتون فإنّ عملات الدول الناشئة سوف ترتاح فعلياً للحدث.
والاكيد أخيراً أنك لست بحاجة لأن تكون عبقرياً أو اقتصاديّاً محنّكاً لترى أنّ نتائج الانتخابات سيكون لها اثر خطير على إنتاج النفط الأميركي ويقدّر المحلّلون أنّ الولايات المتحدة قد ينخفض إنتاجها بقدر ٥٠٠ الف برميل يومياً إذا ما جاءت كلينتون الى البيت الابيض في حين أنّ سياسات ترامب سوف ترفع الانتاج بالمقدار نفسه. وقد يكون الجدير بالذكر أنّ العوامل الجيوسايسة بما في ذلك انتاج اوبك يمكن ان يقوّض أثر السياسة الاميركية.
أخيراً، والاهم الدولار الاميركي وهو عملة الاحتياط الأهم في العام التي أظهرت تفضيلها للرؤساء الديمقراطيّين على الأقل خلال العقدين الماضيين وترجع الى الرئيس جورج بوش الاب في عام ١٩٨٨ حيث انخفض مؤشر الدولار الأميركي وبقي منخفضاً خلال رئاسة الجمهوريّين بينما ارتفع وعلى مدى 8 سنوات في ظلّ رئاسة أوباما والديمقراطيين بشكل عام.
ويبقى القول إنّ الانتخابات الرئاسية الاميركية أبقت الفوائد مستقرّة ومن بين الذين يرون أنّ الانتخابات الرئاسية اليوم دفعت الفيدرالي الاميركي لعدم التحرك كونه لا يريد التأثير في النتائج، ولكنّ هذا لن يمنع من رفعها في كانون الأول كون الاقتصاد على ما يبدو جيداً واحتمال دخول أميركا في مرحلة ركود تراجع ليصل الى ٢٣.٢ بالمئة.
لذلك نتائج الانتخابات في اكبر اقتصادات العالم لها تأثير مباشر على مختلف الصعد وقد يؤخر أو على العكس يعزّز حال الارتياح التي وصلت اليها الولايات المتحدة في الفترة الاخيرة التي تبعت الازمة المالية العالمية ويبقى الدولار كما سبق و ذكرنا العامل الأهم عالمياً ويبقى انحيازه ديمقراطيّاً بشكل عام.