تُعتبر روسيا من المحطات المهمّة التي يجب الإطلاع على ما يجرى في كواليسها من خططٍ للشرق الأوسط، على إعتبار أنّها اللاعبُ الأقوى في المنطقة، وتحديداً في سوريا.
تمرّ العلاقات اللبنانية- الروسية بفترة إستقرار وتطوير، وتعتبِر موسكو أنّ لبنان يشكّل بوابة أمان للمنطقة جمعاء، وأيّ إهتزاز لأمنه ستنجم عنه تداعياتٌ كارثية في المنطقة.
وفي إطار اللقاءات المهمّة بين مسؤولي البلدين، علمت «الجمهورية» أنّ المبعوثَ الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف سيحضر القمة العربية التي تستضيفها الأردن في 29 آذار المقبل، ومن المقرّر أن يجتمع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، ورئيس الحكومة سعد الحريري إذا حضر القمّة.
وتأتي هذه اللقاءات في إطار البحث في أوضاع لبنان وليُطلع الروس عن كثب على الأحداث السياسية التي يشهدها بعد التسوية الرئاسية، وعلى الأحداث الأمنية نتيجة تداعيات الأزمة السورية والنازحين، علماً أنّ موسكو تبدي رضاها عمّا جرى ويجرى، وتفاؤلها بالمرحلة المقبلة.
من جهة ثانية، أكّدت معلومات ديبلوماسية أنّ روسيا تُرحّب بزيارة عون الى أراضيها، لكنّ مواعيد بوتين المتلاحقة وإنشغاله بالوضع الروسي الداخلي وبأوضاع سوريا والمنطقة، كلها أمور تؤخّر الزيارة، إذ إنّ جدول مواعيده مكثّف، وبالتالي ترجّح المعلومات عدم حصول لقاء عون- بوتين، أقله من الآن وحتى نهاية نيسان المقبل، ومن الممكن أن يحصل لاحقاً، مع تشديد الكرملين على عدم وجود سبب سياسي يؤخّر الزيارة.
وفي إطار متابعة روسيا للوضع اللبناني، تؤكّد مصادر ديبلوماسية تعمل في موسكو لـ«الجمهورية»، أنّ «روسيا تبدي إهتماماً لافتاً بالوضع الداخلي اللبناني خصوصاً لجهة حفظ الأمن والإستقرار، لكنّها لا تتدخّل في التفاصيل الضيقة».
وتكشف أنّ موسكو تدعم حيادَ لبنان، وأنّ المسؤولين الروس، وعلى أعلى المستويات يؤكّدون خلال لقاءاتهم، أنّ هناك شبه إتفاق إقليمي ودولي كبير على حياد لبنان وإبقائه بعيداً من نيران المنطقة، وهذا أمر يفسّر بقاء الوضع اللبناني مستقراً.
وبالنسبة الى وضعية «حزب الله» وما إذا كانت روسيا قد دعت الى سحب سلاحه، يوضح المسؤولون الروس أنّ «موسكو تتعامل مع سلاح «حزب الله» في سوريا بميزان مغاير لتعاملها معه في لبنان، فهم يعتبرون أنّ الحزب شريكٌ في المعركة السورية الكبرى ومعه إيران على رغم الخلافات والتباينات بينهما، لكن في الداخل يجب ألّا يستعمل السلاح ويمسّ التوازنات السياسية والطائفية».
وتؤكّد المصادر الديبلوماسية أنّ «التوتّر الذي ساد العلاقات الروسية – الإيرانية بعد زيارة رئيس الحكومة السوري عماد خميس طهران وتوقيعه اتفاقات مع إيران في 17 كانون الثاني الماضي قد تراجع»، لافتة الى أنّ «موسكو اعتبرت أنّ هذه الاتفاقات مشبوهة وفيها تخلٍّ عن السيادة لصالح طهران خصوصاً في ما يتعلّق بإعطاء إيران نحو 100 مليون متر مربع من الأراضي لاستغلالها، وهذا الأمر أحدث نقمة كبيرة جدّاً لدى بوتين، فسارعت موسكو الى توقيع اتفاقية مع النظام السوري في 20 كانون الثاني تتضمَّن توسيع مركز الإمداد المادي والتقني التابع للأسطول الحربي الروسي في ميناء طرطوس، ليستوعب 11 سفينة حربية في آن واحد»، فيما تحدثت المعلومات عن أنّ «بعض السفن التي قد تدخل تحوي مولّدات نووية».
وفيما تبقى أوكرانيا الهاجسَ الأكبر لروسيا، ترتبط سياساتُ موسكو رتباطاً عضوياً بما تشهده سوريا والمنطقة، خصوصاً أنّ موسكو ما زالت تعتبر نفسها اللاعبَ الأكبر ولن تفرّط بهذا الدور.
وكعلامة على النجاح الروسي، تبرز قدرتها على جمع إيران وتركيا للاتفاق على الأزمة السورية في أستانة، في حين تتردّد معلومات غير مؤكّدة عن أنّ مناف طلاس قد زار روسيا مراراً وبحث مع مسؤولين روس خلال اجتماعات سرية في مستقبل سوريا.
مهما تبدّلت السياسات، فإنّ روسيا تريد الحفاظ على دورها في المتوسّط، والذي يتّسع مع الوقت إنطلاقاً من طرطوس التي تقاتل من أجل الحفاظ على امن مينائها، فيما تفضّل أن يبقى لبنان ميناءً سياسياً آمناً.