Site icon IMLebanon

هذا ما تفعله القوات وهكذا تتصرف الكتائب

تختصر اوساط مسيحية في تفاصيل ما يجري على الساحة المسيحية ان الوضع المسيحي لا يزال على حاله من التخبط والشرذمة وان كان بدرجة اقل من السابق بعد انجاز مصالحة القوات والتيار الوطني الحر وان المسيحيين الذين خاضوا معارك سياسية مؤخراً خسروها جميعاً ليكسب الفريق الآخر ويستمر التهميش والفراغ على الساحة المسيحية سواء في قصر بعبدا او المؤسسات ومراكز القرار. ويلخص العارفون ما انجزته القيادات على الشكل التالي، زعيم الرابية خاض وحيداً معاركه بدون مساندة مسيحية فعالة، وقاتل على كل الجبهات الداخلية لاحداث تغيير واختراق في الوضع المسيحي دون ان يتمكن من تحقيق اهداف ونقاط رابحة في معاركه لا في قيادة الجيش او رئاسة الجمهورية او في معركة الترقية الامنية، زعيم معراب انجز مصالحته مع الرابية لكنه لم يوظفه في استحقاقات الجنرال او لمصلحته، وبالعكس استمر جعجع رغم «ورقة النوايا» التي حصنته مسيحياً على حاله السابقة بالعداء لحلفاء الرابية والتواصل مع السعودية واخصام عون وبرفض الحكومة والحوار، وبالمقابل بدا فرنجية اكثر هدوءاً واتزاناً فلم يورط نفسه بمعارك الرابية إلا في اطار الكلام والدعم لعون بالمعركة الرئاسية، في حين كان رئيس الكتائب الوحيد الذي غرد خارج السرب المسيحي مزايداً على رئيس القوات بحقده الماضي على زعيم الرابية.

وخلاصة القول ان احداً من القيادات المسيحية رغم كل المصالحات السياسية لم يمد اليد المساعدة الحقيقية لعون في معركة الرئاسة، وحتى في استحقاق قيادة الجيش وبقاء قائد المغاوير في الخدمة العسكرية اكتفت القيادات المسيحية بتسجيل الموقف دون النزول الى ميدان المعركة لتقديم المساندة الحقيقية لرئيس التغيير والاصلاح، فيما سجل البعض فاولات كثيرة في حرب التصفية المسيحة المستمرة، ففيما اكتفت القوات بتحييد نفسها عن المعركة وعدم الانحياز لاحد فان الكتائب ارتكبت خطأ تاريخيا لم يفهم مغزاه واهدافه في موضوع الترقية العسكرية لروكز خصوصاً وان الكتائب لم تكن على الاطلاق طرفاً في الحرب التي خيضت في الماضي مع الجيش على غرار القوات ورغم ذلك فان موقف القوات كان مفاجئاً بعد الممانعة في موضوع الترقية اذا اقتضت المصلحة الوطنية، فيما اعتبرت الكتائب ان رفضها «وسام يعلق على صدرها « كما قال وزير عملها سجعان قزي.

وهذا الموقف من قيادة الكتائب بحسب الاوساط لم يمر مرور الكرام لدى الرابية ولن يمر خصوصاً ان التيار الوطني الحر الذي طفح من اداء المستقبل وهجومه عليه لتحجيمه يعد ويحصي الضربات الاخرى الاضافية التي تلقاها من داخل الفريق المسيحي بحيث يحتفظ بالرد المناسب بالتوقيت المناسب ايضاً للكتائب التي لم يفهم بعد الاسباب التي جعلها تكون طرفاً الى جانب الرئيس ميشال سليمان في المعركة ضد عون، فيما يبدو الوضع مقبولاً مع معراب التي حافظت على ثوابته وعلاقتها بحلفائها السابقين لكنها لم تنتهج سياسة الكتائب بالتصدي لعون، فاعلان النوايا بين القوات والتيار فعل فعله في تهدئة الوضع، وهو لا يزال يشكل متنفساً مريحاً للجو المسيحي العام الذي انهكته الانقسامات والخلافات المسيحية على مدى ثلاثين عاماً بين القوات والتيار انعكست سلباً على الوضع المسيحي وتراجعاً في الدولة، فأقل ما في التفاهم وانجازاته كما تقول اوساط سياسية ان نوعاً من الستاتيكو الجديد بات يحكم العلاقة بين معراب والرابية ويقوم على إلغاء التشنج السياسي وضبط النفس والحفاظ على الحد الادنى من البروتوكولات السياسية في التعاطي مع الاحداث وقد بدا ذلك واضحاً في طريقة مقاربة القوات للملفات الخلافية المستجدة بحيث بات التعبير عن الموقف من الاحداث مرتبطاً الى حد كبير باعلان النوايا من دون ان يعني ذلك ان القوات في صدد تسليف التيار مواقف مختلفة عن المرحلة الماضية او العكس، ولكن طريقة مقاربة الملفات الخلافية والتعاطي بها باتت اقل حدة من السابق فموقف القوات من التعيينات الأمنية او التمديد في قيادة الجيش لا يشبه موقف تيار المستقبل او الكتائب وميشال سليمان، وبالتالي فان القوات رسمت خطاً احمر ممنوع تجاوزه مع الرابية وعممته على كل قياداتها ومسؤوليها، الواضح ان القوات التي تسعى الى محو آثار الماضي في المجتمع المسيحي باتت تمارس ضبط النفس قبل اطلاق المواقف النارية التي تزعج الرأي العام المسيحي والتي تتصل مباشرة بالملف المسيحي الذي استحوذ جزءاً اساسياً والاهم في ملف اعلان النوايا، ومن جهة الرابية فان الخطوة مع معراب ممنوع التشويش عليها وإلغائها خصوصاً ان اعلان النوايا تجاوز مطبات كثيرة وهو كان حاجة ملحة في ظل الأزمة المسيحية الراهنة في الحكم وما يواجهه المسيحيون في المنطقة.

لكن اعلان النوايا لمن يراقب كل التفاصيل التي تلت تلك المحطة لا يعني كما تقول الأوساط ان معراب ألغت نفسها لحساب هذا الاتفاق او ان الرابية في وارد الانقلاب على ذاتها وما انجزته من تفاهمات سياسية، فعون لا يزال في محور 8 آذار ويلتقي مع افكاره ورؤيته السياسية وسمير جعجع في 14 آذار، وعليه ليس مفاجئاً موقف معراب من ارهاب داعش والنصرة داعش عندما يعتبر جعجع ان ان تأثير داعش محدود في الداخل اللبناني ، في حين تعتبر الرابية ان الارهاب تمدد كثيراً على الساحة اللبنانية ولولا حزب الله والعمليات النوعية التي نفذها والمؤسسة العسكرية لكان خطر داعش بات بدون سقوف، وتمدد بقوة الى الداخل اللبناني.

من هنا ترى الاوساط المسيحية ان ثمة استحقاقاً جديداً يفرض نفسه مجدداً في علاقة القوى المسيحية ببعضها وهو استحقاق قانون الانتخاب، فبعد مرور استحقاق التمديد وتسريح روكز من الخدمة العسكرية، ثمة حاجة مؤكدة لانجاز ما في اي موضوع او ملف يعني المسيحيين سواء في قانون الانتخاب او استعادة الجنسية او حتى في موضوع الارهاب العابر للقارات، وبالتالي فان معراب سوف تجد نفسها محرجة في المرحلة المقبلة اكثر من الرابية عندما تطرح الاستحقاقات وحين يحين موعدها، فسابقاً سارت معراب في القانون الانتخابي ومن ثم انقلبت عليه، ومرد احراج القوات لأن موقف المستقبل من الملفات المسيحية او المتعلقة بالساحة المسيحية واضح وصريح باسقاط عون بالضربة القاضية، فالمستقبل مستمر بمعركته لزكزكة زعيم الرابية وبالتالي فان جعجع سيكون ملزما في المرحلة القادمة بتحديد خياراته وما يريد في مسائل كثيرة من الاستحقاق الرئاسي الى ملف الارهاب خصوصاً مع عودة المخاوف الامنية الى الظهور، وليس مجرد الإكتفاء بالشعارات والوعود الرنانة لطي صفحة الماضي، فعلى المسيحيين كما تقول الاوساط وضع تفاهم النوايا حيز التنفيذ لا بل تطويره قبل ان يفوت القطار ويدهمهم عامل الوقت.