ارخت حركة اللقاءات السياسية التي تشهدها الساحة الداخلية، على خلفية عودة الرئيس سعد الحريري الى بيروت، أجواء من الارتياح العام بفعل اتّساع مروحة الحوارات المتعددة الجهات على أكثر من خط، عززتها الجولة السادسة من الحوار بين المستقبل وحزب الله ، وما سرب من اجواء حولها ، تزامنا مع العشاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري والعماد ميشال عون في بيت الوسط، في ذكرى عيد ميلاد الاخير .
لم يكن لقاء بيت الوسط بين العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري الأول من نوعه بين الرجلين بل أن لقاءات عديدة قد جرت بينهما منذ العام 2005 ولكنها لم تصمد إذ أن الخلاف السياسي واللعب على الوتر الطائفي كان يُسقط أي تفاهمات لتعود المشاكل فتحتدم وتسقط حكومة سعد الحريري من الرابية ويتحدث العماد عون عن one way ticket لرئيس تيار المستقبل وصولاً إلى كتاب الإبراء المستحيل وتوزيع آلاف النسخ منه.
أمور تخطاها الحوار الأخير بين الرجلين منذ أن قاربت ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان على الانتهاء فتحسس الرجلان خطورة ما يواجهه لبنان فحاولا في البداية التوصل إلى تفاهم في مسألة الرئاسة ولما لم يتمكنا تفاهما على حكومة أكملت ما تبقى من العهد وتسلمت صلاحيات رئاسة الجمهورية في زمن الفراغ.
غير ان اللقاء، الذي ادرج في اطار حرص الطرفين على استمرار التواصل والحوار بينهما، رغم الموجات الساخنة والباردة التي ضربته في اكثر من مرحلة، ذهب باحد المشاركين الى حد القول، بانه شكل مؤشرا على ان مرحلة الخلاف السابقة قد انتهت ولن يعودا اليها، وان العلاقة بين الطرفين ستبقى مستمرة والى تحسن دائم.
عشاء جاء شاملا وواسع الآفاق ولم يوفّر موضوعاً بحسب مصدر في تيار المستقبل، استعرض مسار الحوار المستمر بينهما والذي أفضى إلى حلحلة في الكثير من الملفات التي كانت عالقة، وفي مقدمتها تشكيل الحكومة وتمرير التعيينات ، قبل ان يتوسع في اتجاه مواقف بعض الكتل والأجواء الإقليمية حول الاحداث التي تشهدها المنطقة، من دون الوصول الى قراءة مشتركة للمرحلة. وفي هذا الاطار عددت الاوساط ابرز الملفات التي تطرق اليها البحث:
– على صعيد ملف رئاسة الجمهورية وبحسب المصدر نفسه، لم يجر التطرق الى الموضوع بشكل مباشر. فلا العماد عون طرح الموضوع ولا الرئيس الحريري تطرق اليه، بل ان طرحه جاء من زاوية التشديد المبدئي المشترك على ضرورة بذل كل الممكن لإنهاء الأزمة الرئاسية.
– استحوذت مقاربة الملف الحكومي على جزء كبير من الحوار ، كذاك قضية الارهاب وسبل مواجهته ، حيث شدد الطرفان على ضرورة توفير كل الدعم اللازم لاستمرار الحكومة في عملها في هذه الظروف الدقيقة التي تمر بها البلاد، وبالتالي عدم اختلاق العراقيل أمامها وتأمين الأجواء الملائمة لتقوم بدورها على أكمل وجه، وفي هذا الاطار اشار العماد عون الى انفتاحه على مسالة تعديل آلية التصويت مقترحا حصرها بممثلين عن الفرقاء الاساسيين في الحكومة، وفي هذا الاطار تحدثت مصادر الوطني الحر عن انه اذا كان الحوار في السابق بين الجانبين قد انتج حكومة فان نتائج لقاء بيت الوسط ستظهر ايضا قريبا في الحكومة.
-اثار العماد عون مسالة التمديد لبعض الضباط معتبرا ان الامر غير قانوني ، فكان رد الرئيس الحريري بان الحل لكل هذه المشاكل يكمن في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ، مؤكدا انه لا يعارض تعيين اصيلين في هذه المراكز، مشيرا الى ان الخطوة التي اتخذها وزير الدفاع مع رئيس الحكومة انما جاءت تحاشيا للفراغ، لان عدم التوصل الى تعيين بديل للواء خير انما كان سيؤدي الى شل المجلس العسكري وبالتالي الجيش ، في ظل شغور اربعة مواقع من اصل ستة فيه.
– تشجيع الرئيس الحريري العماد عون مجددا على الحوار مع القوات اللبنانية، آملا أن يكون حواراً أوسع وأشمل على مستوى القواعد المسيحية بمختلف مكوّناتها الحزبية وفتح صفحة جديدة لملاقاة الحوار المفتوح بين السنّة والشيعة، فرد الجنرال مشيرا الى انه تم التوصل الى ورقة نيات وانه ما زال بانتظار رد القوات عليها. وقال احد المشاركين ان العماد عون بدا في هذا الموضوع لا متفائل ولا متشائم .
– طرح العماد عون سؤالا عن الحوار مع حزب الله ، مع انضمام نادر الحريري الى الجلسة عائدا من ساحة النجمة، فكان الرد بانه جرى التأكيد على المسلمات التي اعلنها «الشيخ سعد» في خطابه في 14 شباط، وان المستقبل ابلغ حزب الله ردا على دعوة السيد بالذهاب جميعا الى سوريا باننا باقون في لبنان ولن نذهب لا الى سوريا ولا الى العراق.
وقال المصدر انه في الاحاديث التي جرت بين «الشيخ» و«الجنرال»، أدرك الرجلان أن لا أحد منهما يُمكنه أن يتجاهل الأخر رغم أن أحداً منهما لا يُمكن أن يتخلى عن مبادئه ومسلماته، كما أدركا أن مسألة رئاسة الجمهورية قد خرجت من الإطار اللبناني لتستقر في الإطار الإقليمي حيث لكل منهما حلفاء لا بد أن يستمزجهما بأي تطور مستقبلي، كما أن الاستقرار الأمني والسياسي ولو بالحد المقبول هو ضرورة للبنان في هذه المرحلة ولذلك يُمكن القول انهما تعاهدا على العمل في هذا المسار والسياق.
في الخلاصة بحسب مصادر المستقبل انتهى اللقاء الأخير بين الرجلين الى اتفاق على مزيد من التعاون بينهما في الحكومة وفي العديد من الملفات الخلافية واتفاق على تشجيع كل الحوارات وبذل الجهود مع الحلفاء للتوصل إلى نتائج كتلك التي توصل إليها التيار الوطني الحر وتيار المستقبل.
ايا يكن ، يبدو ان الخبز والملح الذين حضرا دائما بين الرجلين، كانا يفعلان فعلهما سواء مالت الامور ايجابا ام سلبا ، فكيف سيكون عليه الحال هذه المرة وقد اضيف اليهما قالب «كاتو» و«عقبال المية جنرال»؟