لم يكن «لقاء الرياض» الذي عقده الرئيس سعد الحريري مع كل من: الرئيس فؤاد السنيورة، والوزيرَين نهاد المشنوق وأشرف ريفي، والنائبَين سمير الجسر وأحمد فتفت، مخصصاً للبحث في قضية إطلاق سراح ميشال سماحة، بل كان الهدف الأساسي منه الوقوف على تداعيات ترشيح الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية.
وإذا كانت قضية سماحة متفقاً عليها ضمن «تيار المستقبل» لجهة الاستمرار في الضغط لاحالتها الى المجلس العدلي رغم صعوبة الأمر، وفي الهجوم على المحكمة العسكرية بكل درجاتها، فان ترشيح جعجع لعون يحتاج الى كثير من الجهد وتوزيع المهام ضمن «الحلقة الزرقاء» الضيقة لاجراء المشاورات مع سائر الكتل النيابية بشأن الجلسة الرئاسية المقبلة في 8 شباط، في ظل وجود ثلاثة مرشحين هم: عون وسليمان فرنجية وهنري حلو الذي أعلن «اللقاء الديمقراطي» تمسكه بترشيحه.
ويبدو أن الرئيس الحريري عندما حدد موعد اللقاء في الرياض، كان ترشيح جعجع لعون مجرد طرح يهدد رئيس «القوات» باللجوء إليه، لذلك فقد أراد التشاور مع قيادات «المستقبل» لدرس الخطوات الاستباقية لما يمكن أن يكون، لكن شاءت الصدف أن يتزامن مؤتمر معراب مع لقاء الرياض، فأرخت مشهدية الثنائي الماروني بثقلها على الحريري وقيادات «المستقبل» الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للتعامل مع واقع جديد أطاح كل التفاهمات والتحالفات السابقة مع «القوات اللبنانية».
وأشارت مصادر مطلعة على أجواء اللقاء الى أن الحريري كان في قمة الانزعاج وهو يرى جعجع ممسكا بيد الجنرال عون تمهيدا لاعلان تبني ترشيحه، مؤكدا أنه لم يكن يتوقع أن يقدم جعجع على هذه الخطوة التي من شأنها أن تضعضع التحالف القائم بين «المستقبل» و «القوات»، مؤكدا أن ما قبل هذا الترشيح ليس كما بعده.
ولفتت هذه المصادر الانتباه الى أن اللقاء ساده صمت مطبق يعبر عن حالة الغضب والتوتر التي فرضتها «مشهدية معراب» على المجتمعين، وذلك قبل أن يؤكد الحريري تمسكه بترشيح فرنجية وأنه سيمضي به حتى النهاية، الأمر الذي قطع الطريق على معارضي هذا الترشيح ممن كانوا في الاجتماع من إبداء أي رأي جديد في هذا الاطار.
وتضيف هذه المصادر: ان المجتمعين، وبعد استيعابهم صدمة جعجع السياسية، استفاضوا في نقاش ما حصل في معراب، وكان تأكيد على أن ما فعله جعجع لا يقدم ولا يؤخر على الصعيد الرئاسي، خصوصا أن حلف «المستقبل» يجمع 44 نائبا، وهو قادر على تعطيل نصاب أي جلسة رئاسية مقبلة، وهذا من المفترض أن يحصل في جلسة 8 شباط المقبل، مرجحين أن يأتي أي تنافس ديموقراطي في مجلس النواب بين المرشحيّن بعد ذلك لمصلحة فرنجية الذي اعتبر قسم من المجتمعين أن حظوظه في الوصول الى الكرسي الأولى ازدادت بعد لقاء معراب.
وتؤكد المصادر نفسها أنه تم التوافق على القيام بمروحة واسعة من المشاورات مع كثير من الكتل النيابية لاستطلاع موقفها والتنسيق معها، لا سيما تلك التي تتقاطع مع تيار «المستقبل» في ترشيح فرنجية للرئاسة، على أن يكون للحريري موقف واضح من كل هذه التطورات في الكلمة التي سيلقيها، أو الاطلالة التلفزيونية له في الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط المقبل.
أما على صعيد إطلاق سراح سماحة، فبحث المجتمعون في تحويل القضية الى المجلس العدلي والعقبات التي يمكن أن تقف حائلا دون ذلك في مجلس الوزراء في ظل اعتراض بعض التيارات السياسية على الموضوع، خصوصا أن محاولة مماثلة جرت عند صدور الحكم ولم يتم إدراج بند التحويل على جدول الأعمال.
وعلمت «السفير» أن المجتمعين ناقشوا بكثير من الموضوعية، الخطوات التصعيدية التي يمكن أن تتخذ في حال لم يتم تحويل القضية الى المجلس العدلي، وأخذوا بعين الاعتبار أن قضايا خلافية أقل شأنا كادت تفجر مجلس الوزراء من الداخل، فكيف بقضية حساسة من هذا النوع؟ لكن القرار كان بالوقوف الى جانب الشارع الذي استعاد تواصله مع «تيار المستقبل»، على خلفية ما حصل، وممارسة كل ما أمكن من الضغط في سبيل تحويل قضية سماحة الى المجلس العدلي، وكان تأكيد أيضا على «رفض مقررات المحكمة العسكرية، وعدم الثقة بها بكل درجاتها، واعتبار أن بعض الأحكام الصادرة عنها تشكل استباحة لدمنا وتقديم مكافأة لقاتلنا وتشجيعه على القيام بمزيد من أعمال القتل».