في وقت يستكمل الأكراد نضالهم ومشروعهم للحصول على الحكم الذاتي تمهيداً لإعلان دولة كردستان، ينشغل موارنة لبنان الذين كانوا سبّاقين إلى الحداثة والتطوير بانتخابات الرابطة المارونية التي تجرى اليوم، والتي شكّلت ساحة جديدة من ساحات المواجهة الهامشية مقارنة بأحداث المنطقة.
الخسارة الأكبر التي مُني بها المسيحيون في لبنان والشرق هي غياب رئيس الجمهورية، ما يؤثّر سلباً في المجتمع المسيحي الذي يفقد هرميته الاجتماعية، في وقت شكّلت الرهبنة المارونية بمؤسساتها كافة، إضافة الى المؤسسات المدنية، العمود الفقري للمجتمع المسيحي.
قد تكون انتخابات الرابطة المارونية استحقاقاً محلّياً، لكنّ المدى الحيوي وانشغال الرأي العام المسيحي به خصوصاً بعد إعلان لائحة «التجذّر والنهوض» برئاسة النقيب أنطوان قليموس من بكركي، وظهور بعض الاعتراضات، دفعَ الى التساؤل عن أهمية الرابطة ودورها؟ وماذا ينتظر الموارنة والمسيحيون منها؟
بعيداً عن التحليلات السياسية، وللإجابة عن كل التساؤلات بطريقة علمية، تنشر «الجمهورية» استطلاع رأي استشرافي في شأن نظرة الموارنة الى الرابطة المارونية وانتظاراتهم منها في المرحلة المقبلة، والذي نفّذته مؤسسة غلوبل فيجين (Global Vision) بطلب من المحامي بول كنعان.
باشرت المؤسسة عملها الميداني في 25 كانون الثاني 2016 وأنهَته في 5 شباط 2016. وتمّ التوافق مع طالب الدراسة على تنفيذها مع عَيّنة عشوائية مؤلفة من 1200 ماروني من كل لبنان، وقد راعَت المؤسسة في اختيارهم متغيّرات مكان القيد والجنس والفئة العمرية.
وقد أضافت الى هذه المتغيرات متغيّر المستوى التعليمي والوضع المهني. كذلك تمّ التوافق مع طالب الدراسة على اعتماد لوائح الشطب الصادرة عن وزارة الداخلية في العام 2015 كقاعدة للاستفتاء.
وتبيّن من خلال هذا الإستفتاء أنّ «15% من المستجوبين لا علم لهم بوجود الرابطة المارونية. و55% لا يتابعون نشاطاتها، وهناك خلط بين الرابطة المارونية والمؤسسة المارونية للانتشار الماروني. كما أنّ الإناث هنّ أقلّ معرفة من الذكور بنشاطات الرابطة».
وبالنسبة للمناطق، كانت المفاجأة أنّ «أبناء بيروت من أفراد العَيّنة هم الأقل معرفة بنشاطات الرابطة، ويليهم أبناء الجنوب. كذلك، فإنّ جيل الشباب هم أقلّ معرفة بالرابطة المارونية (25% من فئة العمر 21 – 30 سنة، مقابل 40% من الفئة العمرية 61 سنة وما فوق).
وبالنظر الى إنتاجية الرابطة، ظهر أنّ «ثلث أفراد العيّنة الذين لا يتابعون نشاطات الرابطة لا يفعلون ذلك لأنها بحسب رأيهم غير فاعلة، والثلث الآخر منهم لا يهتمون بنشاطاتها.
علماً أنّ الذين يتابعون نشاطات الرابطة يشكلون 33% من هذه العيّنة، 22% منهم صرّحوا أنهم لا يعرفون ما هي نشاطاتها، وهذا يعني أنهم يعرفون بوجودها فقط، أمّا النشاط الأول الذي صرّح عنه المستجوبون فهو الحَدّ من بيع الملكيات العقارية المارونية، يليه النشاط الثاني وهو التواصل مع الموارنة في الانتشار ومساعدتهم على استعادة جنسيتهم».
وفيما خصّ الدور الذي تؤديه، إعتبر «33% من العيّنة أنّ دور الرابطة يقتصر على النشاطات الاجتماعية بينما اعتبر 50% منهم أنّ الرابطة فاعلة في هذا المجال، و5% فقط اعتبروا أنّ دورها اقتصادي، و3% منهم يعتبرونها فاعلة في مجال الاقتصاد. بينما يؤكد 56% أنّ دورالرابطة إيجابي، و26% يعتبرون أن لا دور لها».
تتعادل نسبياً آراء أفراد العيّنة حول فاعلية الرابطة إذ إنّ «48% منهم يعتبرونها فاعلة و52% يؤكدون أنها غير فاعلة. أمّا
الـ 43% الذين يعتبرونها غير فاعلة، فيَردّون السبب الى تركيبتها الداخلية».
ويشدّد «48% على أنّ الرابطة غير فاعلة في السياسة، و56% منهم يردّون سبب عدم فاعليتها الى حضورها الضعيف في السياسة. و50% يقولون إنّ الرابطة لا تقوم بالدور الاقتصادي المنوط بها، و37 % منهم يَردّون السبب الى عدم رغبة المتمّولين منهم بالقيام بهذا الدور».
وتتعادل النسب (41%) بين الذين يعتبرون أنّ الرابطة المارونية تقوم بالدور الاجتماعي المنوط بها أو لا تقوم، و45% من الذين يعتبرون أنها لا تقوم بهذا الدور يعزون السبب الى عدم اهتمام القيّمين عليها بمفهوم التضامن الاجتماعي».
ويطالب «40% من أفراد العيّنة الرابطة بمساعدة الموارنة على التمسّك بأرضهم، و21% منهم بمساعدتهم على تأدية دورهم في لبنان. فيما يطالب
43% الرابطة بالقيام بمبادرات ذات طابع إجتماعي إقتصادي، و21% بمبادرات لتوحيد صفوف الموارنة، و21% يطالبونها بخطوات لربط الموارنة بأرضهم. في وقت يدعو 8% الرابطة لتحسين وضعها الداخلي».
تُظهر هذه الأرقام أنّ التحديات امام الرابطة الجديدة كبيرة، وأوّلها شعور الموارنة بأنّ لهم مؤسسات تحميهم وتدافع عنهم، وإلّا فالهيكل المهتزّ سينهار فوق رؤوس الجميع.