IMLebanon

هذا ما قاله جنبلاط وهكذا ردّت السعودية

فيما الترقب والانتظار لمسار ومصير الحكومة، سيدا الموقف، تتسارع الأحداث محليا وإقليميا نحو مشهد جديد، بعدما وضع العماد عون شروط المرحلة على أساس تعيين قائد للجيش ومجلس عسكري، ووسط استمرار أسئلة اللبنانيين معلقة عند حدود ملف النفايات لمعرفة مرحلة تنفيذ خطة الوزير أكرم شهيب التي باتت مكتملة، كان رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط يعيد حياكة العلاقة مع المملكة العربية السعودية في هذا الوقت الاقليمي الحساس والدقيق، بعد فترة البرودة التي اصابتها، لتفتح ابواب القصر الملكي امام «البيك» من جديد، بعدما منعت عنه تلك الحظوة، بعيد «تكويعته» الاخيرة باتجاه الثامن من آذار ومهادنته لحزب الله والتنسيق معه ، خلافا للسياسة التي اعتمدتها المملكة يومذاك، رغم ان زيارة الوفود الجنبلاطية لم تنقطع وان ظل مستوى الاتصالات يراوح على مستويات دنيا من المسؤولين في المملكة.

ففي وقت استعرت فيه حرب النفايات بين جنبلاط و«المستقبل»، واندلعت معركة الترقيات بين «التيار الوطني الحر» و«المستقبل» بأداة سليمان – «الكتائب»، والتي وقف فيها جنبلاط إلى جانب التيار البرتقالي ضد الأزرق، حمل الاخير كل ذلك الى العاهل السعودي، والرئيس سعد الحريري سعد الحريري، بهدف النصح والتحذير بحسب مصادر اشتراكية من مآل التطورات ومغبة الاستمرار في ممانعة التسويات الآيلة إلى حفظ ما تبقى من ماء وجه العمل الحكومي، والتضامن الشكلي الداخلي تحت طائلة الدخول في دائرة «الشر المستطير»، عل خرقا ما يحقق في مكان ما، شارحا لمن التقاهم مدى تأثير تداعيات الوضع السوري في الساحة اللبنانية، متمنياً على المملكة الحؤول دون حصول تصادم وضرورة تحييد لبنان في المرحلة المقبلة، متحدثاً عن خبرته في العلاقة مع الروس وحساباتهم بالنسبة إلى سوريا ووجودهم العسكري فيها.

الزيارة التي بدت ظاهريا مفاجئة في التوقيت والتي اتت بعيد القمة التي جمعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولي ولي العهد السعودي، في سوتشي، والاتفاق على مواجهة الارهاب، ما زاد في ارباك المنظومة السياسية في السعودية، لجهة ما اعتبر منح موسكو براءة ذمة تخولها المضي في حملتها السورية، والعمل لتنفيذ بنود اعلان جنيف 1 الذي لا ينص على رحيل الرئيس بشار الأسد فورا مثلما دأبت الرياض على المطالبة منذ اكثر من 4 سنوات، باذلة الجهود والدعم في سبيل اسقاط الأسد، من جهة، وعلى خلفية التصعيد» في الخطاب الدبلوماسي بين البلدين، من جهة ثانية، نتيجة التدخل الروسي العسكري المباشر في سوريا، جاءت بعد تدخلات كثيرة لجهات خارجية، وبعد تودد النائب الشوفي املا في لقاء القيادة الجديدة، ارتأت المملكة الإستجابة وتعيين موعد للزيارة تتوج بلقاء هو الأوّل مع الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، بعدما بدأ يميل باتجاه سياسي معين، مرتئية استقباله والجلوس معه وفرملته ، بحسب مصادر دبلوماسية في بيروت.

وتعتبر مصادر مقربة ان لقاءات الرياض حملت الكثير من الدلالات سواء شكلا لجهة طبيعة الوفد الذي غاب عنه النائب غازي العريضي، ولجهة الاستقبال والترحيب الحار الذي لقيه الزعيم الدرزي ، في خطوة واضحة من الرياض لفتح صفحة جديدة مع المختارة بعد الخلافات التي اصابت تلك العلاقة على خلفية المواقف الجنبلاطية من تسمية رئيس حكومة عام 2011، و«التحاقه» بالمحور السوري- الايراني، معتبرة ان عودة العلاقة التاريخية والقديمة بين الطرفين والتي طالما ربطت الجنبلاطيين بآل سعود، مشيرة الى ان جنبلاط لمس بوضوح حرص قيادة المملكة على استمرار «الاتفاقات» التي ترعى الاستقرار في لبنان، واهتمامها المستمر في السعي لايجاد الخارج للازمات التي يعاني منها وفي مقدمتها انتخابات رئاسة الجمهورية حيث تنشط الاتصالات مع اكثر من عاصمة عربية ودولية، والتي حتى الساعة لم تثمر اي تقدم، رغم المخاوف المتزايدة من انفلات الاوضاع مع سقوط التسويات والاتجاه الواضح لدى بعض الافرقاء بايعاز اقليمي، لشل مجلس الوزراء ووقف عمل المؤسسات الدستورية بالتدريج، مشددة على وجوب مراقبة حركة رئيس «اللقاء الديموقراطي» الحالية بالكثير من الانتباه، لافتة الى انّه يبدو أنّه يطبخ تسوية ما حملها الى الرياض.

الى ذلك كشفت مصادر سياسية لبنانية مطلعة على اجواء اللقاءات، ان المملكة بقدر ما ارادت سماع رأي وليد جنبلاط، بقدر ما ارادت ايصال وجهة نظرها الى ضيفها «الجبلي»، بعدما لاحظت أنّه بات مسلّماً بإمكانية أن يحدث التدخل الروسي في سوريا تغيرات جذرية أوصلته إلى الإعلان أن لا مانع لديه من وصول ميشال عون إلى سدّة الرئاسة الأولى، مبلغة اياه كلاما واضحا بعدم المراهنة على بشار الأسد مؤكّدةً على موقفها الداعي إلى حكومة انتقالية وحلّ سياسي دونه، فضلا عما لمسه من وجود موقف سعودي يؤيد إعادة إحياء الرابع عشر من آذار والتواصل في ما بين مكوناتها الأساسية لتشكيل نوع من التوازن في المرحلة المقبلة، غير مستبعدة المخاوف من إمكانية إقدام حزب الله، على اتخاذ خطوات تصعيدية تضر باستقرار البلد في حال منعه من إيصال ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.