IMLebanon

هذا ما ينقص!

أن يخرج جمهور الأمين العام الى الشارع 3 مرات خلال 10 سنوات لـ”تأديب” من يخدش قدسيته المدعاة هو دليل قاطع الى ما يجب ان يفهمه هذا الجمهور، وهو ان لا مقدس في السياسة، وان اللبنانيين وغيرهم ليسوا مضطرين الى الاستسلام لمفاهيم يستسيغها طرف ويبجلها.

لم يخرج الأمين العام عن هذا الإطار منذ انزاح الاحتلال الاسرائيلي عن الجنوب، وأخذ يستثمر ما حصدته “المقاومة” منذ “جمول” الى حزبه، ليدعي دور الولي المرشد في لبنان، ثم في المنطقة، ووصل الانتفاخ إلى ادعاء ملكية براءة الذمة لـ “الربيع العربي” حين يناسب طهران، ونزعها حين لا يناسبها، وما وصلت اليه اليوم العلاقات العربية مع لبنان يبرر ما استنتجه الأمين العام قبل 10 سنوات من مخاوف لدى اللبنانيين، من نتائج “لا هزيمة” حزبه في حرب تموز 2006: كان الخوف عميقاً لديهم من انقلاب سلاحه على الداخل، ثم على عروبة المنطقة، ومد مخالبه الإيرانية الى استقرار دولها، التي تتحمل، بطول أناتها، وبطء تحركها، الكثير من مسؤولية تماديه الفارسي.

لا ينفي ذلك مسؤولية “انتفاضة الاستقلال”، تحديدا القيادات السياسية التي تنطحت لاحتكار قرارها. يكفي أنها راهنت، وببركة العرب والغرب، على عودته الى الدولة، وفيء سيادتها، مرة، واثنتين، وثلاثاً، ومع انه كذّب آمالها، فانها استمرت في رهان غير مجد، ساندته القيادات العربية الرئيسية. لذا يتساوى الطرفان في المسؤولية عما بلغه الحزب والأمين العام تحت غطاء تسويات ظالمة منذ 2006 سمحت بأنصاف حلول، وطاولات حوار بلا جدوى، أبقت السلاح وفائض قوته في يده.

ليس ما وصل اليه الوضع اليوم مناسبة للندب، ولا لجلد الذات، بل مفترق لحسن التدبير وعمق التفكير: ليس في “14 آذار” من يريد حرباً داخلية، لكن ليس فيها من يريد استمرار العض على الجرح، وترك فريق يخرق التوازن الوطني، ويواصل استغباء اللبنانيين بادعاء التصدي لإسرائيل، بينما يحتمي بالقرار الدولي 1701، ليتفرغ بسلاحه للداخل، والمنطقة.

ما أدى الى اتفاق الدوحة، وما استتبعه، ليس التواطؤ الغربي (الفرنسي) القطري – الإيراني لفرضه، لكن، أيضا، استعجال رفع الايدي استسلاما للسلاح وقيادته. كان يمكن “14 آذار” إعلان العصيان المدني وترك ميليشيا الحزب تحرس صمت الشارع لإفراغ انقلابها من هدفه. الوقت لم يفت، والبحث عن طريق مجابهة غير عنفية هو الرد على تعطيل بنية الدولة، وفي الطليعة الحؤول دون انتخاب رئيس للجمهورية.

لقد أسقط غاندي باللاعنف الاستعمار البريطاني عن الهند. وليس حزب الأمين العام أمضى سلاحاً من بريطانيا، وليست هيمنة الولي الفقيه أصعب إزاحة، فما ينقص هو إرادة التصدي. ومن قاد معركة الاستقلال الثاني، السلمية، ضد الوصاية السورية، يستطيع خوض معركة الاستقلال الثالث بلا عنف ضد الهيمنة الإيرانية.