Site icon IMLebanon

هذا ما سيسمعه السفير الإيراني بعد غد

بعض الملفات تحتاج الى مزيد من الواقعية والصراحة، من ضمنها ملف العلاقات اللبنانية الايرانية الذي يبدو على مفترق محوري، بالتزامن مع اقتراب موعد رفع العقوبات الدولية عن ايران، وانهاء كل انواع الحظر التي كانت تحول دون تطبيع العلاقات الاقتصادية، او ربما التي كانت تشكل متراسا يختبئ وراءه قسم من اللبنانيين غير المتحمسين للانفتاح على ايران.

منذ اعلان الاتفاق النووي بين الدول الست (5+1) وايران، تجهد الأخيرة للتركيز على الفرص الاقتصادية المُتاحة نتيجة رفع الحظر والعقوبات.

من الواضح ان لبنان يحظى باهتمام خاص من الجانب الايراني في هذا المجال.

وقد باشرت السفارة الايرانية في بيروت تحركات كثيفة في اتجاه تطبيع العلاقات الاقتصادية مع القطاعين العام والخاص. وهي من اجل ذلك تركّز على نقطة اساسية مفادها ان ايران تشكل فرصة انقاذية للاقتصاد اللبناني في حال عرف اللبنانيون كيف يفيدون منها.

ولأن طهران ليست غريبة عن اورشليم، وتدرك طبيعة التحديات التي تواجهها في إقناع اللبنانيين بالوجهة الاقتصادية الايرانية، فانها تعتمد سياسة الخطوة خطوة. وهي تحاول ان تجعل اللبنانيين يعتادون فكرة وضع ايران على خارطة اهتماماتهم الاستثمارية والتجارية.

وفي هذا السياق، تندرج فكرة الطاولة المستديرة بعد غد الاربعاء، من تنظيم تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين، لاجراء حوار مع سفير إيران في لبنان محمد فتَحعلي، تحت عنوان « الفرص الجديدة للإستثمار في إيران».

هذا الحوار يعتبر من حيث الشكل، نجاحا ايرانيا في خطة الانفتاح الاقتصادي على اللبنانيين، اذ انها المرة الاولى التي سوف تُتاح فيها الفرصة للسفير الايراني لمحاورة مجموعة من رجال الاعمال اللبنانيين، وسوف يساهم اللقاء، بصرف النظر عن مضمونه ونتائجه العملية، في كسر الجليد بين الطرفين.

وقد يكون ذلك بمثابة تمهيد للقاءات شبيهة في الايام المقبلة، اذ ان تجمع رجال الاعمال قد يكون بمثابة نافذة تحتاجها ايران للاطلالة الاولى على القطاع الخاص اللبناني الذي نسج منذ سنوات طويلة، وفي غالبيته العظمى، علاقات مودة وانسجام على المستوى الاقتصادي مع دول الخليج العربي وفي مقدمها المملكة العربية السعودية. وللعلم تشكل السعودية السوق الاكبر والاهم للمنتجات اللبنانية، وهي تستوعب وحدها حوالي 30 في المئة من التصدير الصناعي اللبناني.

الى جانب الشكل، هناك المضون الذي قد يخرج به اللقاء الحواري بين رجال الاعمال اللبنانيين والسفير الايراني. ولا شك أن فتَح علي الذي يجيد اللغة العربية سوف يسهب في شرح الفرص الاستثمارية المتاحة في ايران بعد رفع العقوبات. وسوف يشير بلا شك الى ان الراغبين في اصطياد الفرص الاستثمارية الجيدة لا ينبغي ان ينتظروا موعد رفع العقوبات للقيام بالخطوة الاولى.

وسيُصارح السفير رجال الاعمال ان أقرانهم الغربيين سبقوهم باشواط، وان لوائح الانتظار والطلبات تتكدّس لدى الدوائر الايرانية وكلها لشركات ومستثمرين غربيين يبحثون عن فرص استثمارية في السوق الايراني الواعد الذي يحتاج الى كميات ضخمة من الاستثمارات بعد فترة الضمور التي تعرض لها خلال حقبة الحظر.

هناك تقديرات مختلفة لحجم ما يحتاجه الاقتصاد الإيراني من استثمارات؛ لكن معظم التقديرات تشير الى حوالي 150 الى 200 مليار دولار قد تستوعبها ايران في السنوات الخمس المقبلة مع استثناء القطاع النفطي الذي يحتاج لوحده الى حوالي 185 مليار دولار. هذه الأرقام تعطي فكرة سريعة عن ضخامة الاستثمارات المطلوبة في ايران بعد رفع الحظر.

في المقابل، ستكون لدى رجال الاعمال اللبنانيين اسئلة واستفسارات كثيرة يطرحونها، لعل أهمها ما يلي:

اولا – ما هو النظام المالي الجديد الذي ستعتمده الجمهورية الاسلامية الايرانية، وما هي القوانين القضائية التي سوف تحمي الاستثمارات الأجنبية. ولن يعتبر رجال الاعمال اللبنانيون ان الزحف الغربي نحو طهران كافٍ ليشكل دليلا على متانة النظام القضائي الحامي للاستثمارات، لأنهم يعرفون

ان الدول الكبرى تحمي استثمارات ابنائها بالسياسة، لكن المستثمر اللبناني لا توجد دولة تحميه، وعليه ان يحمي استثماراته بالقانون.

ثانيا – ما هي الاجراءات التي اتخذت حتى الان لتحديث العمل المصرفي في ايران، والذي يعاني من انتشار مؤسسات ائتمانية غير مرخصة يؤدي نشاطها الى زعزعة انتظام العمل المصرفي، ويؤثر على اسعار الفوائد.

ثالثا – سوف يسأل رجال الاعمال اللبنانيون السفير الايراني ما الذي تعنيه العبارة التي تم استخدامها لجهة ان السوق الايراني سيكون مفتوحا امام الاستثمارات الاجنبية، لكن سيتم اعتماد سياسة الانتقاء، اذ ان الفرص لن تكون متاحة بشكل مطلق لكل راغب في ذلك. فهل يعني ذلك ان الاختيار سيتم على اساس الهوية السياسية للراغب في الاستثمار في ايران؟

رابعا – أخيرا، سيكون السؤال الأهم الذي قد يطرحه رجال الاعمال علناً على السفير الايراني، واذا لم يفعلوا فانه سيكون السؤال الأهم الذي سيحتفظون به لأنفسهم، وهو: متى ستطّبعون علاقاتكم مع السعودية لأنها ستكون الطريق الاسرع والأضمن لكل اللبنانيين الراغبين في الانفتاح على ايران اقتصادياً، لكنهم يحاذرون هذه الخطوة، لأنهم لن يجازفوا بعلاقاتهم التاريخية والوطيدة والمثمرة مع دول الخليج العربي، من اجل فرص استثمارية لا تزال غير واضحة، في دولة غير مُجرّبة بالنسبة لهم حتى الآن.