علم أن الخلوة الرئاسية التي عقدت في القصر الجمهوري قبيل الإفطار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية ميشال عون أمس الأول، شدّدت على ضرورة الإنتهاء من مناقشة الموازنة الأسبوع الجاري، إذ كان هناك توافق رئاسي بمعنى أن إطالة النقاش، وفي ظل الظروف الحالية، سيبقي الشارع مفتوحاً على كافة الإحتمالات من الإضرابات والتظاهرات والإعتصامات، على اعتبار أن البلد ليس في حالة سليمة، وهذا ما شدّد عليه الرئيس نبيه بري، الذي ألمح إلى ضرورة عدم المسّ برواتب القطاع العام، باستثناء أماكن الهدر، وإلا لن تسلم الجرة في الشارع من خلال التظاهرات، وأنه سبق وتلقى أكثر من تقرير من قبل وزير المال علي حسن خليل حول كل الملفات، ولذا بات لديه أجواء حول كيفية إنهاء هذه المسألة، أي الموازنة، بأقل ضرر ممكن، وعليه، فإن رئيسي الجمهورية والحكومة وافقا بري على ضرورة حسم ملف الموازنة وتحويلها إلى المجلس النيابي لتقرّ في وقت قريب جداً، وبالتالي، فإن المخرج هو لدى رئيس المجلس النيابي، الذي لديه من الخبرة ما يكفي في هذا السياق.
وتشير مصادر سياسية متابعة لمسار النقاش الدائر حول الموازنة، بأن الأجواء السياسية متداخلة إلى حد كبير وكبير جداً حول كل الأمور والملفات التي يتم النقاش حولها، وبالتالي، فإن الخلاف السياسي والإنقسام العامودي بين المكوّنات السياسية والقوى الحزبية يترجم في هذا النقاش على خلفيات إنتخابية وشعبوية، إضافة إلى أن عملية تصفية حسابات سياسية واضحة بين هذه المكوّنات المشاركة في الحكومة، والتي تعبّر عن توجّهات ومواقف أحزابها وقياداتها وزعاماتها. وتوضح المصادر نفسها، أن التداخلات السياسية، والتي تحوّلت إلى مواقف متناقضة ما بين مجلس الوزراء وخارجه، إنما تنمّ عن حجم الخلاف السياسي في البلد، والذي من المرشّح أن يرتفع منسوبه في الأيام المقبلة لجملة اعتبارات وظروف داخلية وإقليمية، وذلك ربطاً بما يجري في سوريا من تطورات في حلب وإدلب وحماه، حيث الأجواء مرشّحة لحرب واسعة النطاق في هذه المناطق، وصولاً إلى التوتّر في الخليج، والذي ينذر أيضاً بنشوب حرب أو أعمال حربية قد تكون محدودة بعد العقوبات الأميركية على طهران، ومن ثم ما يجري من تحضيرات لـ«صفقة القرن».
لذا، فكل هذه التطورات والأحداث مجتمعة من المرتقب أن تكون لها ارتدادات على الساحة اللبنانية، والمخاوف في هذا الصدد قائمة نظراً لسياسة المحاور التي تشهدها الساحة اللبنانية أمام هكذا تطورات وأحداث.
وبناء على هذه المعطيات والمؤشّرات في ظل التوتّر الحاد والخطير الذي يسود الوضعين الإقليمي والدولي، فإن الرؤساء الثلاثة، والذين هم على بيّنة مما هو حاصل في المنطقة، يستعجلون إقرار الموازنة والإسراع في العملية الإصلاحية إنقاذاً لمؤتمر «سيدر»، وإلا فالأمور ستزداد سوءاً، خصوصاً إذا وقعت أي أعمال حربية في مياه الخليج. وكشفت عن إتصالات تجري مع المعنيين لإقفال ملف النقاش حول الموازنة، وسط تشدّد واضح على أن يأتي ذلك ضمن إجماع سياسي لوضع الجميع أمام مسؤولياتهم، لا سيما وأن البعض يأخذ في الحسبان المنحى الشعبوي ووضعيته الإنتخابية، بينما الأوضاع تسلك منحى تصاعدياً بالغ الدقة، لا بل أن البلد يعيش مرحلة استثنائية على كل المقاييس، مما يستدعي حسم الأمور قبل فوات الأوان.