«قريدس» و«سلمون» و«ساشيمي» على طاولة التحضيرات
هذا ما تريده «القوات» من الحوار مع عون
قبل أيام تناول مسؤول التواصل الاعلامي في «القوات اللبنانية» ملحم رياشي طعام العشاء في منزل النائب ابراهيم كنعان، تحت سقف المهمة التي كُلفا بها وهي صياغة المقدمات الضرورية لإطلاق الحوار بين رئيس «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع.
وإذا كان عشاء الجلسة الاولى للحوار بين «حزب الله» و«تيار المستقبل» قد تضمن الفراكة الجنوبية والسمك مع الزعفران الايراني، فان مائدة كنعان ضمت «قريدس» و«سلمون» و«ساشيمي». لكن «ثمار البحر» هذه لم تنتج بعد «ثمار البر»، بعدما تبين ان «المائدة السياسية» التي يفترض ان تجمع عون وجعجع في الرابية، لا تزال تحتاج الى المزيد من الإعداد.
ولهذا الغرض، عقد كنعان والرياشي أمس اجتماعا جديدا لاستكمال البحث في الأسس التي ينبغي ان يقوم عليها الحوار بين «القوات» و «التيار الحر».
في الاساس، تجمع الرجلان صداقة متنية قديمة، لم تفسد في ودها الخلافات السياسية، ما أتاح لهما ان يخوضا النقاشات التمهيدية للحوار بشيء من الاريحية. حتى الآن، التقى كنعان ورياشي مرات كثيرة، والعديد من اللقاءات تم في الرابية، بحضور العماد عون نفسه، وسط حرص على احاطة تفاصيل المداولات بأعلى قدر ممكن من السرية والكتمان، وهو أمر بدا «الجنرال» ملتزما به الى حد كبير خلال مقابلته التلفزيونية الأخيرة عبر شاشة «الجديد»، بشهادة «القوات» ذاتها.
كان الانجاز الاول، بعد إعادة ترميم الجسور، إسقاط الطرفين 100 دعوى قضائية متبادلة في يوم واحد، بغية تأمين «بيئة حاضنة» للحوار. وهناك من قال على سبيل الطرفة ان المحامين الذين كانوا يتولون متابعة هذه الدعاوى، على الضفتين، هم الاكثر تضررا من الحوار القواتي ــ العوني، لانه «قطع أرزاقهم»!
ولئن كان الشائع ان الاجتماعات التمهيدية تهدف الى ترتيب لقاء عون ــ جعجع، إلا ان «القوات» تبدو حريصة على وضع تلك الاجتماعات في سياق مسار أشمل يتصل بـ«التأسيس للحوار وليس فقط للقاء الذي هو جزء من كل، له ما قبله وسيكون له ما بعده».
تحاول «القوات» ان تقارب الحوار بواقعية، على قاعدة ألا يحاول اي طرف التسلل الى حديقة الآخر، «إذ ليس المطلوب من عون ان يترك تحالفه مع «حزب الله» وليس المطلوب من جعجع ان يترك تحالفه مع «تيار المستقبل»، بل يجب إيجاد مساحة للتلاقي تسمح بتحول قناعتين متباينتين الى اقتناع مشترك في أمر جديد يمكن استنباطه من الحوار المرتقب».
بهذا المعنى، تتطلع «القوات» الى ان يبتكر الحوار مع عون أفكارا جديدة لانتاج الحد الادنى من التوافق حول الملفات الخلافية، أو بعضها، على ان تكون هذه الافكار مستوحاة من خارج دائرة الخيارات المعروفة والمواقف النمطية للطرفين.
وهذا ما يفسر ان المفاوض «القواتي» لم يتكلم حتى الآن، خلال الجلسات التحضيرية، في مسألة سحب عون لترشيحه الى رئاسة الجمهورية، وربما لن يفعل، علما ان مروحة النقاش تمتد من الاستحقاق الرئاسي والقضايا السيادية الى تحديات الفساد مرورا بقانون الانتخاب وكيفية تصحيح التمثيل المسيحي، في ظل تركيز «قواتي» على ان إنصاف المسيحيين نيابيا «لا يتحقق بتحويلهم الى مجموعات انتخابية صافية مذهبيا» (مضمون قانون «اللقاء الأرثوذكسي»).
ووفق المعلومات، تعتبر «القوات» ان «المحادثات» مع «التيار الوطني الحر» يجب ان تفضي في نهاية المطاف الى إعادة بناء العلاقة الثنائية، وفق الأسس الآتية:
ــ إيجاد قاعدة عمل مشترك لاستثمار النقاط المتفق عليها.
ــ التعايش مع الاختلاف وتفهمه، بحيث لا يتحول الى خلاف، في ما خص النقاط التي لا يمكن الاتفاق عليها.
ــ مصارحة في كل شيء.
ــ تحقيق المصالحة، وتزويجها على المصلحة، من دون ان يعني ذلك ان مفاعيل المصالحة تنتهي، عندما تنتهي مفاعيل المصلحة.
ــ تحسين آداب التخاطب على المستويين السياسي والاعلامي.
وفي حين وضع الرئيس نبيه بري الحوار المسيحي ــ المسيحي في خانة «الارتدادات الطبيعية» للحوار السني ــ الشيعي، ترى «القوات» ان حوارها مع عون قائم بحد ذاته لاعتبارات موضوعية، وليس صدى لاي حدث سياسي آخر، خصوصا ان التحضيرات له بدأت قبل ان تنطلق اجتماعات عين التينة بين «تيار المستقبل» و «حزب الله».