IMLebanon

هذا النظام يُولّد الأزمات والحروب

 

اتفاق الطائف، الذي كان القصد من ورائه، انهاء الحرب في لبنان، وادخال «اصلاحات» تريح المسلمين، حظي بتأييد أكثرية اللبنانيين من سنّة ومسيحيين، ودروز، ورفضه العماد ميشال عون، وقبل به الشيعة بتحفظ، ووقعت الكارثة عندما أوكل تنفيذ الاتفاق الى سوريا، الدولة الوصيّة على لبنان في تلك الفترة، اي في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، عندما طبّق النظام السوري طائفاً وفق مزاجه ومصالحه، ومنذ ذلك الوقت حتى الآن، يعيش لبنان ازمة تلو ازمة، واستفحلت هذه الازمات بعد انسحاب الوصي السوري في العام 2005، والسبب الرئيس في هذا الاستفحال، ان المسيحي المغبون بفعل التطبيق السيئ والمنقوص للطائف، اعتقد ان الشريك في الوطن سيسارع الى اعادة النظر في التطبيق السوري السيئ، وتطبيق اتفاق الطائف وليس طائف سوريا، ولكن حساب الحقل المسيحي لم يطابق حساب البيدر، وبعد 12 سنة على خروج السوري، ما زال اتفاق الطائف يطبق كما فرضته سوريا، والشريك المستفيد من هذا التطبيق، يرفض المسّ بالطائف «المقدّس»، ويطنّش، ويستمهل تطبيق ما لم يطبّق بعد، ويترك الأيام والسنوات تمرّ حتى ولو حملت في بطونها المشاكل والازمات، وارتفاع اصوات الطائفية والمذهبية، وآخرها كان الخلاف على رسوم ضباط ما سمّي «بدورة عون».

الطبقة السياسية الحاكمة منذ عقود، عرفت كيف تطوّع النظام الطائفي المذهبي القائم لمصلحتها، وعرفت كيف تحمي هذا النظام وتدافع عن الحالي باستغلال المشاعر الطائفية، وهي عرفت بالممارسة ان اتفاق الطائف في وضعه، لا يمكن ان يبني دولة للمستقبل، ولابناء المستقبل، وتعرف ان ادخال اي تعديلات اصلاحية عليه، يعني انتهاء دورها السياسي، واغلاق مزاريب المصالح الخاصة، ولذلك لا تتجاوب، بل تخلق المسببات التي تطيل عمر الطائف السيئ، ولا بد في هذا المجال من تسجيل الخطوة الاصلاحية الرائدة التي قدّمها رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال سليمان في نهاية ولايته، وذكر بالتفصيل ما يجب تقديمه في الطائف بعد 6 سنوات خبر فيها كرئيس للجمهورية ما يجب عمله حتى يستقيم الحكم في لبنان، وتنهض الدولة، وكان الوحيد الذي تصدّى لهذا الامر عملياً وليس بالكلام، معترفاً بعدم نجاحه في تنفيذ الاصلاحات، لان اهل النظام كانوا جماعة رفض دائم.

***

في الحقيقة، الشعب اللبناني، الذي اصبح ثلثه تحت خط الفقر، والثلث الثاني على الطريق، لم يعد يتحمّل الازمات والمشاكل، ولم يطيق الحكام والحاكمين، ولم يعد يؤمن لا بالنظام المتخلّف ولا بالعدالة التي يفترض ان تحميه وتؤمن حقوقه.

هذا النظام، شبع تمزيقاً وترقيعاً. ولم يعد فيه «مغز ابرة» والبديـل عنه، والقابل للحياة هو النظـام المدني، والقانون المدني، والدراسة المدنية، ومع مبدأ النأي بالنفس الذي لم يحترم تمامـاً حتى الآن، يجـب ايضا تحييد الحياة المدنية عن الطائفية، وتحييد رجال الدين عن التدخل في السياسة، حتى ان في ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ، هناك بند ينصّ على قبول الدولة المدنية، فلماذا لا يطبق هذا التفاهم، ولماذا لا تعلن اللامركزية الادارية الموسعة، ولماذا لا يسأل الشعب ماذا يريد في استفتاءات شعبية، والرئيس العماد ميشال عون،كان من انصار اعتماد الاستفتاءات الشعبية.

الدستور ليس منزلاً وليس مقدساً، انه من صنع البشر، وكذلك هو اتفاق الطائف، فاقدموا يرعاكم الله على التغيير قبل انهيار البلد. وثورة الشعب