استرعى الحضور الرئاسي في الفاتيكان باهتمام المواكبين لهذا الملف الذي بات على نار حامية على الرغم من صعوبته وتعقيداته وحيث بات واضحاً ان الكثيرين ممن يدركون ويعرفون ببواطن الامور يرون انه دون التقارب الاقليمي لا حول ولا، وبمعنى آخر ثمة استحالة لانتخاب رئيس للجمهورية، ولكن هنالك اجواء مستقاة من مصادر اوروبية على بيّنة من هذا الحراك الذي يقوده الموفد الفرنسي جان فرنسوا جيرو بأن معطيات ظهرت تؤشر الى مناخات ايجابية في حال وصولها الى بر الأمان وأن بداية الربيع قد تزهر بانتخاب رئيس للجمهورية.
وهنا، سبق لرئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، ان اشار منذ فترة الى ان حراكاً بارزاً ستقوده الفاتيكان للضغط على عواصم القرارمن أجل إمرار الاستحقاق الرئاسي بأقرب وقت ممكن، ومرد ذلك الاتصالات المفتوحة التي يقوم بها الخازن مع دوائر الفاتيكان والسفير البابوي في لبنان غابريال كاتشي، وصولاً الى ما لمسه رئيس المجلس العام الماروني خلال زيارته الاوروبية منذ اسابيع بعد سلسلة لقاءات مع مسؤولين غربيين، كذلك دوره الذي أدى الى ولوج الحوار بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية بعد تعبيده الطريق الحواري ما بين معراب والرابية.
من هنا، تشير اوساط سياسية عليمة مواكبة لمجريات الاوضاع، الى ان هذا الاستحقاق دونه صعوبات، ولكن توجه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى حاضرة الفاتيكان على الرغم من تحذير الجراح الذي اجرى له العملية في الرأس، ان عليه ان يرتاح لفترة دون السفر والعناء، إنما هنالك ظروف حرجة ودقيقة استدعت سفر البطريرك الراعي ولقاءه بقداسة البابا فرنسيس الاول ولفترة تجاوزت النصف ساعة، ما يعني ان هنالك اموراً مهمة استوجبت حصول هذا اللقاء والذي وفق الاوساط تطرق الى الفراغ الرئاسي ومخاطره على لبنان برمته وتحديداً المسيحيين لرمزية هذا الموقع المسيحي الوطني وايضاً جرى عرض للوضع اللبناني والتلاقي المسيحي – الاسلامي وما يعانيه المسيحيون في الشرق في ظل تنامي ظاهرة الارهاب.
وأشارت الاوساط الى ان خلوة الراعي مع الموفد الفرنسي جيرو، كانت مطولة وعميقة وصريحة، حيث وضع جيرو من خلالها الراعي في اجواء اللقاءات التي عقدها مع المسؤولين اللبنانيين والفكرة التي كونها جراء ذلك، وتؤكد الاوساط انه واثناء هذه اللقاءات وحتى في سائر الاجتماعات التي قام بها الدبلوماسي الفرنسي، لم يجر استعراض الاسماء او التطرق اليها، بل كان هناك حرص مشترك وتشدد في ضرورة تفعيل هذا الدور لجيرو وحض عواصم القرار من اجل انتخاب رئيس في اقرب وقت ممكن.
وأكدت الاوساط ان هذا الاجتماع تميز بالايجابية ونتجت عنه اجواء قد تظهر معالمها في وقت قريب من خلال المواقف التي سيطلقها البطريرك الراعي وتحديداً حول الاستحقاق الرئاسي لا سيما ان لقاءه مع قداسة البابا كان مهماً وحمل دلالات كثيرة لدعم وتفويض بكركي لاتخاذ ما هو مناسب لأجل الاستحقاق والوضع المسيحي والأمور الوطنية في هذه الظروف الصعبة.
واشارت الاوساط الى ان ما جرى في الفاتيكان، الى الدور الذي يضطلع به رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، ومن ثم الاتصالات الدولية، فكل ذلك سيفضي خلال الاسابيع المقبلة الى تبلور صورة المستجدات الرئاسية وخصوصاً على ضوء وضعية المنطقة وخطورتها والحروب الممتدة من اليمن وليبيا الى العراق وسوريا، ولكن بدا واضحاً ان الفاتيكان تسعى الى فصل هذا الملف عما يحصل اقليمياً لأنها تدرك بامتياز مخاطر الفراغ الرئاسي في لبنان.