يرى رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي «أنّ الوضع في المنطقة يَسير من سيّئ إلى أسوَأ، وأنّ اللافت فيه هو أنّ الأحداث التي يَشهدها تَحصل كلّها في آنٍ معاً وليس بـ«المفَرّق» بدليل ما تشهَده سوريا والعراق وغيرهما مِن أحداث متزامنة بعضُها مع بعض، وهذا ما يَستدعي منّا أن نُفكّر ونَهتمّ ببلدنا أكثر». ويأسَف «لأنّنا لم نُقِم دولةً تستند إلى اللبنانيّة، وإنّما بنَينا دولةً تَستند إلى الطائفية والمذهبية، بحيث إنّنا بدَلاً من أن نبدأ من فوق بتفكير لبناني وطني جامع، بدأنا من تحت بتفكير قبَلي، ما أدّى إلى ما نحن فيه الآن بسبَب المعاندة والمكابرة عند البعض».
يأتي كلام برّي هذا في ظلّ ما يسود الأوساطَ السياسية من مخاوف على الوضع في عرسال، بعدما احتشَد المسلحون في جرودها إثرَ اندحارِهم مِن جرود منطقة القلمون نتيجة العمليات العسكرية التي يَخوضها الجيش السوري وحزب الله في تلك المنطقة.
ويَروي مرجَع سياسي ما كان يخَطّط لمعالجة الوضع في بلدة عرسال، فيقول إنّه منذ ما قبلَ اندلاع الحرب اليمَنية أثارَ وزير الداخلية نهاد المشنوق في إحدى الجلسات الحوارية بين حزب الله وتيار «المستقبل» موضوعَ إيجاد حلّ للنازحين السوريين في عرسال والذين بلغَ عددُهم عشرات الآلاف وفاقَ عددَ سكّان البلدة.
واقترَح المشنوق نقلَ هؤلاء إلى مكان آخر، فوافقَ الجميع من حيث المبدأ، لكنْ طُرِح سؤال مهِمّ حول الأمكنة التي يمكن نقل هؤلاء النازحين إليها، في اعتبار أنّهم إذا نُقِلوا إلى أمكنة حسّاسة قد يتسبّبوا بمشكلة مماثلة أو أكبر.
وهنا اتّفقَ المتحاورون على أن تُعِدّ وزارة الداخلية تقريراً مفصّلاً واقتراحات محدّدة عن الأمكنة التي يمكن اعتمادها لإسكان النازحين فيها، لكنّ اندلاعَ حرب اليمن والتداعيات التي رافقَتها من سجالات وغيرها طغَت على كلّ شيء، فتأخّرَ البَتّ بهذا الموضوع، إذ كان يُفترَض أن تُطرَح اقتراحات المشنوق في جلسة الحوار لحَسمِها والبَتّ بها من أجل تنفيذها وفق الأصول عبر قرارات يتّخذها مجلس الوزراء.
وفي جلسة مجلس الوزراء المخصّصة لدرس الموازنة الأربعاء الماضي أثارَ الوزير جبران باسيل موضوع عرسال و»تحريرها»، فقوبِلَ بجواب حاسم لرئيس الحكومة تمّام سلام دعاه فيه إلى تركِ هذا الموضوع لأنّ الجلسة مخصّصة لدرس الموازنة، مؤكّداً أنّه هو الذي سيُحدّد طرحَ مثلِ هذا الأمر ويَرتئي الطريقة والوقت المناسبَين.
ولكنْ في جلسة مجلس الوزراء أمس الأوّل الخميس عاوَد الوزير الياس بو صعب، وفي غياب باسيل، طرحَ موضوع «تحرير» فرَدَّ عليه سلام بالجواب نفسِه الذي أسمعَه لباسيل.
وتُفيد المعلومات أنّ بوصعب تطرّقَ إلى قضية عرسال خلال لقائه مع برّي أمس الأوّل، فلفَته رئيس مجلس النواب إلى أنّ مِن الأفضل أن يبحث في الموضوع خلال اجتماع للمجلس الأعلى للدفاع، وإذا كان هناك افتراض بأنّه لا يمكن انعقاد هذا المجلس بسبَب الشغور الرئاسي فيمكن الاستعاضة عنه باجتماع أمني موسّع يدعو إليه سلام لهذه الغاية.
ونَقلت مصادر نيابية عن برّي قولَه في هذا السياق «أنّ الجيش يقوم بمهمّاته في عرسال، ويؤكّد أنّه يُمسِك بزمام الأمور في المنطقة وعينُه عشرة عشرة، ويَبقى علينا أن نتابع موضوع النازحين في عرسال في ضوء ما طُرِح في شأنه على طاولة الحوار في الأسابيع الأخيرة، وإنّني شخصياً أنوي متابعة هذه القضية لإيجاد الحلول المناسبة التي تؤدّي إلى نقل هذا العبء الكبير من النازحين على البلدة لتأمين سلامة عرسال وأهلِها بحِمى الجيش وحماية ظهرِه».
ولاحظَت المصادر النيابية أنّ كلام الرئيس سعد الحريري عبر «تويتر» عن عرسال، وأنّها «ليست مكسَر عصيان حزب الله» جاءَ بعد 24 ساعة من إثارة باسيل موضوعَ عرسال في مجلس الوزراء، كذلك جاء أيضاً في ضوء بعض الأخبار والتحليلات التي تحدّثَت عن «إستكمال» معركة القلمون في اتّجاه بلدة عرسال واحتمال إقدام المسلحين على احتلالها كلّياً. عِلماً أنّ كلام باسيل في مجلس الوزراء جاءَ أيضاً في ضوء حديث ومعلومات عن احتمال مهاجمة المسلّحين عرسال واحتلالها.
وفي هذا الإطار نَقلت المصادر عن برّي قوله «إنّ معادلة الجيش والشعب والمقاومة قائمة في كلّ لحظة عندما تكون الأرض محتلة أو مهدَّدة، سواءٌ مِن العدوّ الإسرائيلي أو مِن الإرهاب التكفيري، وهنا لا يبقى مِن مكان للتوصيفات والحديث عن المعادلة الخشبية والحديدية أو التنَكية. فعندما يكون الخطرعلى البلاد داهماً تصبح هذه المعادلة قائمة تلقائياً».