ماذا لدى لبنان ليقوله على منبر الأمم المتّحدة؟ لم يعد العالم يصغي للبنان، غالباً لم يعد يُصدّقنا إن لم يكن يرى أنّ حقيقة صورتنا «دويلة» شرعيّة هزيلة تختبىء خلفها الدولة الحقيقيّة المتوحشّة، دولة حزب الله!
قد ينظر العالم إلينا من مبنى الأمم المتّحدة ليرى حالنا أشبه بالإنكليزيّة «Thomas Cook» لكن على الطريقة اللبنانيّة، وإذا كانت الدّولة البريطانيّة قد وضعت خطط طوارئ لإعادة 600 ألف مواطن بريطاني عالقين خارج وطنهم بسبب إفلاس توماس كوك غروب، فإنّ دولتنا التي تكاد تعلن إفلاسها لا تملك «ولا خطّة طوارىء» لإنقاذ 4 ملايين مواطن لبناني عالقين في الدّاخل ومعظمهم أقصى طموح لديه أن تنقذه دولة ما وتفتح له أبواب الهجرة إليه!
من المؤسف أنّ خطاب الدّولة اللبنانيّة وإن ادّعت أنّها «دولة»، هو خطاب الغريق الذي يكابر والذي قد تمدّ الدّول أيديها له لتنقذه ولكنّه «معنفص» تصل أصداء كلمات أمين عام حزب الله حسن نصرالله ونائبه الشيخ نعيم قاسم فيما «الدّولة» بكماء كأننا نعيش في صحراء «حفرة نفرة»!
ما الذي بإمكان لبنان مخاطبة الأمم المتّحدة حوله، في الوقت الذي نجد فيه أنفسنا نعيش في بلد على حافّة الإنهيار، نقرأ في الدّاخل اللبناني في نفس الوقت «لغتيْن» واحدة توهمنا أنّ لبنان غير متروك وأنّ دول «سيدر» ستهب بالكثير في شهر تشرين الثاني لبدء تحقيق وعود مشاريعها الإنمائيّة، وفي نفس الوقت نقرأ «لغة» ثانية تقول بمنتهى الجديّة أنّ «العالم غير مهتمّ بلبنان»، قد تكون اللغة الأدقّ بين هاتين اللغتين أنّ لبنان غير متروك للبنانيين، اللبنانيّون أنفسهم يشكّلون الخطر الأكبر والحقيقي على لبنان، بضعة أسابيع إلى الوراء ووقفة أمام حادثة قبرشمون تؤكّد أنّه لولا الشدّات الدوليّة للأذن اللبنانيّة وتحذيرات تلقّاها المعنيّون للملمة الأمور المبعثرة، لكان بعض الفاجرين أخذوا البلد إلى حرب أهليّة!!
1 Banner El Shark 728×90
من المفارقات أنّ الدولة المرهقة المترهّلة والعاجزة لا تزال تظنّ أنّها دولة بإمكانها مخاطبة العالم وأن العالم سيسمعها، دولة تريد أن تكون مركزاً كونيّاً لحوار الإنسان، فيما هي دولة فرقاء يعجزون عن التزام بحوار أو مندرجات حوار أو اتفاق نتج عن حوار، لبنان أسوأ دولة تقدّم نموذجاً عن جديّة الحوار بين «شعوبها» وصدقيّتها في التزام تنفيذ أي اتفاق نتج عن حوار بين الفرقاء اللبنانيّين، باستطاعة من يشكّك أن يراجع نتائج طاولة حوار العام 2006، أو ما آلت إليه نتائج اتفاق بعبدا، حتى اتفاق الطائف «بجلالة قدره» باعتباره أنهى الحرب اللبنانيّة وهو «حوار لبناني ـ لبناني» تعيش البلاد منذ 29 عاماً فشلاً ذريعاً بسبب عدم تطبيقه، والإصرار على عدم تطبيقه، وأخطر من هذا وذاك العجز عن تفسيره تفسير دستوري واضح، ودائماً مع وجود من يريد تفسيره على هواه.
بالتأكيد حظّ Thomas Cook Group أفضل من حظّ لبنان، على الأقل إن لم تجد من ينقذها من الإفلاس بدفع مبلغ 200 مليون جنيه إسترليني ستقفل أبوابها وستنقذ الدولة البريطانيّة المستنفرة المسافرين، في حالتنا لبنان بحاجة إلى مئة مليار دولار ليصفّر ديونه ويبدأ مجدّداً من الصفر، بل بكثير من مجرّد تصفير الدّين حتى يستطيع الوقوف على قدميه من جديد خصوصاً أنّنا في وضعنا الحالي نسجّل صفر نموّ وقد نذهب إلى الأسوأ ومع هدر واستنزاف لمالية الدولة بخبرة عريقة، وسُمعة عاطلة لدولة فاسدة ملأت العالم، ما الّذي باستطاعة لبنان أن يقوله بعد للعالم، حديث التيتانيك أم حديث توماس كوك؟!