هناك البعض ممن لا يعرفون الحياء، من هؤلاء جميل السيّد الذي استحصل على ثروة كبيرة تحوم حولها علامات الاستفهام الكبيرة والكثيرة، ويصح فيها السؤال: من أين لك هذا؟!. وهو الذي اعترف بـ25 مليون دولار، وهي ثروة كبيرة قياساً الى موظف في الدولة اللبنانية يفترض به أن يتقاضى مرتباً يبقى محدوداً… إذ مهما ارتفعت أرقامه فهو لا يمكنه أن يصل الى هذا الحد العالي! ويذكر أنّ مدّعي عام التمييز السابق سعيد ميرزا كان قد جمّد هذه الثروة بطلب من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان ذات الصلة باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
من أين جاء جميل السيّد بهذه الثروة؟ ومع ذلك فهو لا يخجل من الحديث عن إنجازاته! فهل يجهل أحدٌ أنّ «حزب الله» جاء به الى مجلس النواب حتى يجنّبه المحاسبة تحت غطاء الحصانة النيابية؟!. وحتى لو افترضنا، جدلاً، أنّ جميل السيّد كشف عن مصدر أمواله ومَن أعطاه تلك الملايين، فيطرح سؤال آخر ذاته: على أي أساس أُعطي هذا المال؟ ومقابل أي خدمات قدّمها؟ وهل استغل الوظيفة الرسمية لتقديم تلك الخدمات مقابل المال؟..
ومع ذلك لا يتردد جميل السيّد في أن يزايد في موضوع مخصّصات قدامى العسكريين، خصوصاً ما يتعلق منها بتعويض نهاية الخدمة وبمخصصات التقاعد أيضاً.. علماً أنّ أحداً لم يقارب هذه المسألة بعد على حدّ ما أوضح وزير المال علي حسن خليل مراراً وتكراراً، نافياً أن يكون تضمّنه مشروع الموازنة العامة الذي قدّمه الى مجلس الوزراء ويعكف المجلس على درسه في جلسات ماراتونية.
وفي سياق الكلام على الموازنة العامّة التي يجهد الرئيس سعد الحريري الى تضمينها بنوداً إصلاحية بهدف تخفيض النفقات، نشير مرة جديدة الى موارد عديدة يمكن أن يلجأ إليها مجلس الوزراء من دون المس بصغار الكسَبة والمكلّفين، ولعلّ أبرزها على الإطلاق مسألة الأملاك البحرية، وهنا ندعو الى مباشرة العمل على هذا الموضوع ليس فقط توصّلاً الى تحصيل موارد آنية للمالية العامّة، بل أيضاً من أجل تحصيل ضرائب ورسوم على الأرباح الهائلة التي حققها أصحاب المنتجعات السياحية والمؤسّسات الفندقية وسائر مرافق استثمار الأملاك البحرية من دون وجه حق أو قانوني… علماً أنّ هذه الآفة والقرصنة على أملاك الدولة عموماً والأملاك البحرية خصوصاً تعود الى بداية حرب السنتين، الى أن تفاقمت كثيراً بحيث بات الشاطئ اللبناني، الذي هو ملك عام، ممنوعاً على الناس أصحاب الحق الطبيعي فيه… ناهيك بما درّ من ثروات طائلة على المستثمرين الذين أقاموا الإنشاءات المتوسطة والكبيرة.
إلى ذلك، نريد أن نشير الى الايجارات التي تدفعها الدولة من دون مبرّر، وأذكر في هذا المجال الكلام على مشروع المدينة الحكومية، وهو موضوع مزمن منذ ما قبل الحرب حتى اليوم، ويلفتني ما نشر في «الشرق» قبل مدّة عن أنّ الدولة يمكنها أن تستملك بلوكات اللعازارية في وسط العاصمة التي تعود الى شركة «انترا»، مقابل أسهم الدولة ومصرف لبنان في الشركة، وبالتالي فهي ستتسع أكيداً لسائر الوزارات والإدارات وتوفر على الدولة مبالغ هائلة تسدّدها للمباني التي تستأجرها.
وهناك أفكار عديدة أخرى يمكن الاستفادة منها سنعود إليها في حينه… والمستغرب أنّ المسؤولين يتناسونها في مجال بحثهم عن ضغط الإنفاق.
عوني الكعكي