مع بزوغ فجر عيد الأضحى المبارك، اليوم، الذي ليس هو عيد الأضحية وحسب، بل عيد التضحية أيضاً… مع بزوغ فجره ما أسهل من الوقوف على أطلال الماضي والبكاء والإستبكاء سوى توجيه الإتهامات وتحميل المسؤوليات عن التردي (…) ولكن ماذا يفيد هذا كله إذا بقيت الظروف ذاتها التي تولد الأزمات وتستولدها وتناسل المشكلات وتتناسلها؟!
ولعلّ أجواء العيد، بالرغم من كل شيء، تكون مناسبة لتحل روح الوئام بدل الفصام والخصام، والتوافق بدل التفرّق، ويضع المسؤولون عن شؤون البلاد والعباد مصلحة هذا الوطن نصب أعينهم فيترفعون عن الصغائر والأنانيات والأحقاد، ويرتفعون الى المعاني السامية التي هي لصيقة بهذا العيد المبارك.
إنّ لبنان، اليوم، في أمس الحاجة الى رجالات يعقدون الخناصر على الخير، فيقدمون مصلحة الوطن العليا على مصالحهم مهما كانت حيوية بالنسبة الى هذا أو ذاك منهم.
ولكي لا يبقى الكلام في التنظير، فإننا نرى أن هناك سلسلة خطوات لابد منها، وإلاّ فإننا سنبقى ندور في الحلقة المفرغة. ومنها:
أولاً – حتمية التحرّر من الأجنبي والتفكك من قيوده التي سمح الكثيرون لأنفسهم أن ينقادوا طوعاً الى تقييد أنفسهم بها. وآن الأوان لندرك جميعاً أنّ الأجنبي ليس مغرما بأحد من أتباعه… إنما هو يستخدمهم كبيادق في لعبة الشطرنج التي يمارسها هذا الأجنبي، أياً كان، ولا يعنيه في النتيجة سوى تحقيق مصالحه وتنفيذ استراتيجيته، سيّان ما إذا تقاطعت مع مصلحة لبنان أم لم تتقاطع. وهي غالباً لا تتقاطع.
ثانياً – ليكن واضحاً أنه لا بدّ من ضخ دماء جديدة في الجسم القيادي السياسي. وهذا لا يمكن أن يحصل إلاّ عبر قانون إنتخاب عصري يعطي الفرص ويفسح في المجال أمام المواطن الناخب أن يعبّر عن رأيه بحرية وواقعية على أن يكون هذا الرأي ذا قدرة على الترجمة داخل صناديق الإقتراع.
ولا نقصد بالدماء الجديدة توريث الأبناء والأحفاد… إنما وصول أفكار جديدة ونهج جديد، وأفكار خلاّقة قد يكون في الأبناء والأحفاد من يتمتع بها من دون أدنى شك، ولكن »قانون الوراثة« السياسية غير المكتوب يُدَجِّنهم سلفاً… والتجارب العديدة خير دليل.
ثالثاً – الفصل بين النيابة والوزارة. فالنائب يراقب الحكومة بموجب دوره القانوني… فكيف يوفق بين دوره الرقابي التشريعي ودوره التنفيذي عندما يُعيّن وزيراً؟!
رابعاً – تشديد دور هيئات الرقابة على الإدارة والأسلاك كافة (…) ويقابله تعزيز المرتبات والتعويضات في القطاع العام لتقوية المناعة لدى الموظف (…).
… ولكن قبل هذا وذاك ضرورة ملء الفراغ في سدة رئاسة الجمهورية لأنه لن يستقيم شيء مع هذا الفراغ المتمادي.