لا يزال هاجس ترحيل اللبنانييّن من الخليج مخيّماً بقوة، خصوصاً على ابناء الطائفة الشيعية العاملين في تلك الدول، على الرغم من المساعي التي قام بها المسؤولون اللبنانيون، بهدف إنهاء هذه الازمة بين لبنان والسعودية والامارات بصورة خاصة. حتى ان بكركي تدّخلت على خط الوساطات، خلال زيارة سفراء دول مجلس التعاون الخليجي، لتهنئة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالفصح المجيد، بحيث تطرّقت الى الازمة الدبلوماسية بين لبنان ودولهم، طالبةً الحد من تصاعُد المخاوف لدى اللبنانيين العاملين هناك، من اتخاذ المزيد من إجراءات الترحيل. وقد أكد الراعي للسفراء رفض بكركي تدخُّل اي دولة في شؤون الداخل اللبناني، وفي الوقت عينه رفض تدّخل اي جهة لبنانية في شؤون الدول العربية والخليجية، وبالتالي عدم جعل اللبنانيين العاملين هناك «كبش محرقة» لان لا ذنب لهم في هذه الازمة، واعرب البطريرك عن أسفه لغيمة صيف مرّت وعكّرت الاجواء مع بعض تلك الدول.
وعلى الخط المقابل دعا السفير الكويتي عبد العال القناعي الذي ترأس الوفد، الى انهاء اسباب التوتر، وضرورة المحافظة على افضل العلاقات الاخوية بين لبنان والدول العربية والخليج بشكل خاص، مؤكداً انه لم يتم ترحيل اي لبناني اعتباطياً اي من دون اسباب قانونية.
لكن وعلى الرغم من هذه التطمينات، وقول بعض الدبلوماسييّن العرب بأن لبنان ليس على القائمة السوداء بالنسبة اليهم، بل حزب الله فقط، لانه يتعامل بعدائية مع دولهم ويحوك المؤامرات ضدّها، بحسب هؤلاء الديبلوماسيين ويعمل على إفساد العلاقات اللبنانية – الخليجية عبر تدّخله فيها، ويشيرون في تصاريحهم الى ان لبنان بات محكوماً من قبل هذا الحزب، والى أن الحكومة غير قادرة على الحدّ من سيطرته على الدولة اللبنانية. يلفت لبنانيون يعملون في السعودية، وينتمون الى الطائفة الشيعية خلال حديثهم لـ«الديار»، الى ان كل هذه التطمينات لا تبشّر بالخير، بعد ان سمعوا قبل ايام معدودة من مصدر لبناني دبلوماسي هناك، بأن ما يقارب الالف لبناني يعمل في دول الخليج سيتم ترحيلهم على دفعات، اي سيلقون الصدمات المتتالية، وهم كانوا تحت المراقبة المشددّة واتضح بأن لهم علاقات مباشرة وغير مباشرة مع حزب الله، وقد وُضعت اسماؤهم على اللائحة السوداء، ونصح الدبلوماسي هؤلاء بعدم التحدث على الهاتف الخلوي في اي مسألة سياسية او اقتصادية حتى ولو كانت تافهة، او إطلاق اي عبارة على مواقع التواصل الاجتماعي، كما طلب منهم عدم وجودهم ضمن تجّمعات تحوي لبنانييّن، حتى ولو كانوا على علاقة وثيقة بهم، كي لا يثيروا الشبهات لان المراقبة استثنائية، من هنا اعتبر اللبنانيون المذكورون أن جميع السيناريوهات السلبية مطروحة، خصوصاً ان قصة ترحيل اللبنانيين من دول الخليج ليست جديدة، لانها تتكرّر كل فترة، وهذا ما حصل قبل سنوات وتحديداً في شهر ايلول من العام 2013، حين تم إبعاد العديد منهم من الإمارات والسعودية بسبب مذهبهم ، بعد قرار مجلس التعاون الخليجي القاضي بفرض عقوبات شاملة على حزب الله، مما يعني ان المخاوف ليست جديدة ، لكن هذه المرة فاقت التوقعات، لانهم باتوا يشعرون وكأنهم من المجرمين المُلاحَقين يومياً، وبالتالي حُجزت حرياتهم لانهم لا يستطيعون التحدث مع اهلهم خوفاً من الانزلاق في اي كلمة قد تفهم خطأً.
وناشدوا الاسراع في إصلاح الوضع السياسي والدبلوماسي المتدهور حالياً بين لبنان وهذه الدول، والتفكير جدياً في وضع اللبنانيين الذين تركوا بلادهم وعاشوا متاعب الغربة ولا مَن يسأل، لانهم يدفعون ثمن سياسة خاطئة طاردتهم حتى في لقمة عيشهم.