«إذا اختلفت السعودية مع صحافي بتاخدو على القضاء، أما الممانعة بتاخدو على القبر»، هكذا ختم الإعلامي نديم قطيش حلقة DNA على شاشة «المستقبل» الأسبوع الماضي، والتي خصّها للحديث عن «السعودية والممانعة وحرية الإعلام»، بعد هجوم الممانعة «الهستيري» على دعوى قضائية قدمها السفير السعودي علي عواض عسيري بحق صحيفة «الأخبار».
وما هي إلا أيام قليلة، حتى خرج أحد «الممانعين» ليؤكد المؤكد، فـ«خلاف الممانعة مع الصحافة والصحافيين يوصلهم الى القبر»! التهديد جاء هذه المرة على لسان أحمد شلاش، عضو مجلس الشعب السوري، الذي أقسم على صفحته الفايسبوكية، أنه «لو كان مكان السيد نصرالله لأوعز باعتقال المهرّج نديم قطيش، ولكسّر قناة المستقبل على سعودها. فتكذيب السيّد نصرالله والتهجّم والتهكّم على محور المقاومة هو خط أحمر». وختم شلاش، موسّعاً «بيكار» تهديده، ليطال بيروت: «يبدو أن بيروت اشتاقت للقمصان السود»!.
تهديد الممانعة للصحافة والصحفيين المناهضين لسياستها ليس جديداً، وقد مرّ بمراحل عدة وأخذ أشكالاً مختلفة. منها الاغتيالات (سمير قصير، جبران تويني، محاولة اغتيال مي شدياق وغيرهم كثر)، ومنها التخريبية (إحراق مبنى تلفزيون «المستقبل» في الروشة، اقتحام إخبارية «المستقبل» في القنطاري، استهداف مبنى جريدة «المستقبل» في الرملة البيضاء بالقذائف والرصاص، تخريب منزل الصحافي علي الأمين في شقرا..الخ الخ)، بالإضافة الى تهديدات يومية تصدر عن أقلام تدور في فلك محور الممانعة على وزن «تحسّسوا رقابكم!».
قطيش الذي يتعامل مع التهديدات على محمل الجد، لم يرَ جديداً في فحوى رسالة شلاش. فقد اعتبر لـ «المستقبل» أنه «لطالما كان الإعلام اللبناني هدفاً مركزاً لأنظمة محور الممانعة بكافة تلاوينها»، مستذكراً بعضاً مما ورد في مذكرات وزير الخارجية اللبناني الأسبق فؤاد بطرس، الذي أثار حافظ الأسد معه، في لقائهما الأول للبحث في تشكيل الحكومة بعد انتخاب الياس سركيس رئيساً، مسألة الإعلام، قائلاً: «أن نترك الإعلام والصحف أمر خطير جداً لأنه يتعلق بجيشنا ومعنوياته وانضباطه، لذلك لا يمكن أن نقف مكتوفي الأيدي». وما أن تشكلت حكومة الرئيس الحص حتى دهم الجيش السوري مكاتب «المحرر» و«بيروت» و«الدستور» و«النهار» و«اللوريان لوجور». وفي الجلسة الأولى للحكومة صدر مرسوم اشتراعي يفرض الرقابة المسبقة على الصحف».
التهديدات «الجديدة – القديمة»، تأتي اليوم تزامناً مع حدثين جللين في تاريخ الدفاع عن حرية الرأي والتعبير: الأول، مواصلة صحيفة «الأخبار» تقبّلها للتضامن معها بوجه دعوى السفير السعودي القضائية! والثاني، سفر وفد من الصحافيين للتضامن مع تلفزيون «الجديد» وكرمى خياط أمام المحكمة الدولية.
يتبيّن في نهاية المطاف، أن تقديم دعاوى قضائية بحق إعلام الممانعة – أي الاحتكام الى القضاء والقانون- يُعتبر بمثابة التعدي الصارخ على حرية الرأي والتعبير. ولكن لا بأس في تهديد قطيش بـ»الاعتقال» وقناة المستقبل بـ»التكسير» وبيروت بـ»القمصان السود». وستجد «الممانعة» من يقول لها «سلمت يداك». فالجمهور يردّد أقوال قادته: «سنقتلع قلب من يتعرض للمقاومة وسيّدها ومحورها»!.
فنّد قطيش على مدى شهور طويلة أكاذيب محور الممانعة. ولكن ما يبدو خطيراً بالنسبة الى هذا المحور، هو أن قطيش بات يدخل، ليس الى بيوت اللبنانيين فحسب، بل الى معظم البيوت في المنطقة عبر قناة «العربية». توسّعت المشاهدة مع توسّع حجم المعركة. لهذا سعت «الممانعة»، التي تعتبر «الإعلام« بمثابة «الأمن القومي»، للقبض على «السلطة الرابعة» بيد من حديد، ولهذا أيضاً تسعى اليوم الى إسكات الأصوات كي لا تنكشف حقيقتها.. حتى وإن اقتضى الأمر استخدام أساليب اعتادت عليها.. الاغتيالات والاعتقالات !
ربما يصحّ اليوم قول الشاعر سبط ابن التعاويذي: «إذا كان ربّ البيت بالدفّ ضارباً، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص». فإذا كان الأسد ومحوره منشغلون بقتل شعوب المنطقة، فشيمة شلاش ومسؤولي هذا المحور التهديد بالقتل والاعتقالات.