Site icon IMLebanon

تهديدات بتكرار أساليب الثمانينات وإبقاء لبنان رهينة مستمرة بيد إيران

تهديدات بتكرار أساليب الثمانينات وإبقاء لبنان رهينة مستمرة بيد إيران

قَلَق نصر الله مبعثه جملة متغيرات وتفاهمات مرتقبة وليس العقوبات الأميركية لوحدها

 

«أولى تباشير المشروع الفتنوي الإيراني ظهرت بالاستفتاء في كردستان والذي يعتبر مقدمة لإعلان الدولة الكردية المستقلة ولينطلق من ثم مشروع تقسيم العراق..»

في خطابه الأخير لم يُخفف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله توتره الظاهري بالرغم من مهاراته في إخفاء مثل هذه المزايا التي تعبّر في مكان ما عن القلق الذي ينتابه جرّاء التبدلات المتسارعة في الساحة الإقليمية وتحديداً في سوريا والعراق واليمن ودخول الصراع الدائر هناك في تشابكات المصالح الإقليمية والدولية التي لا تؤشر إلى قرب انتهاء سلسلة الحروب الطائفية والمذهبية التي تقودها الجمهورية الإسلامية الإيرانية لتعميم مشروعها التخريبي ضد الدول العربية منذ أكثر من ثلاثة عقود متواصلة تحت عناوين وشعارات خادعة ومضللة، فحاول من خلال سلسلة التهديدات التي ساقها للبنانيين الرافضين لسلاحه الإيراني الفتنوي تذكيرهم بأن لبنان ساحة ورهينة هذا السلاح وقد يستعمله ضدهم متى دعت الحاجة لذلك إذا زادت معارضتهم عن الحدود المسموح بها كما فعل تماماً في السابع من أيار المشؤوم، واطلق سلسلة تهديدات مماثلة ضد الأميركيين عنوانها الأساس بتكرار العمليات والتفجيرات واستهداف المراكز والمقارات الأميركية في لبنان والمنطقة وعمليات الخطف وما شابه كما حصل في ثمانينات القرن الماضي ومطلع التسعينات وأخيراً كانت حصة المملكة العربية السعودية من هذه الهجمات والتهديدات والافتراءات الأقوى فيما قاله ضد خصومه على خلفية المواقف التي أطلقها الوزير السعودي ثامر السبهان ضد الحزب في الآونة الأخيرة.

لا شك ان مبعث قلق الأمين العام للحزب ليس محصوراً بسبب ما أو بتطور محدود الفاعلية ولكن من جملة مستجدات وتطورات في غاية الأهمية ومنها، التحسب لتفاهمات يجري الاعداد لها سراً بين الأميركيين والروس فيما يخص الوضع في سوريا وقد تكون الزيارة التي قام بها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو مؤخراً تندرج في هذا الإطار باعتبار المملكة دولة ذات ثقل مؤثر في العالم العربي والإسلامي ويحسب لها دورها وتأثيرها الفاعل في حل الأزمات في سوريا والعراق واليمن وغيرها بالرغم من كل محاولات طهران تجاوز هذا الدور والتقليل منه، في حين ان الجميع بات مدركاً انه بعد عامين من التدخل العسكري الروسي ذات الثقل لمنع انهيار نظام الأسد في سوريا وإندحار الحرس الثوري الإيراني وادواته في سوريا، لم تستطع موسكو إنهاء الحرب الدائرة هناك وإحلال السلام في هذه الدولة حتى اليوم بمفردها، وأصبحت سوريا حالياً مقسمة الى مناطق نفوذ متعددة لدول مجاورة وإيران من ضمنها وفيها القواعد العسكرية الأميركية والروسية المنتشرة في ارجائها.

اما العراق الذي سلمته الولايات المتحدة الأميركية بعد اقصاء الرئيس صدام حسين ونظامه إلى إيران على طبق من فضّة وحوّله الحرس الثوري الإيراني إلى ولاية تابعة له بكل معنى الكلمة واستباحه بأتباعه كأمثال نور المالكي وغيره ونهبوا ثرواته الوطنية وأصبح الآن دولة ترزح تحت عبء الديون، انغمس لا ارادياً في المشروع الفتنوي الإيراني المذهبي الذي قسم العراقيين إلى مجموعات مذهبية متنافرة ومتناحرة وكانت الحصيلة الأولى لهذا المشروع قيام المالكي الذي كان يرئس الحكومة العراقية بتسليم مدينة الموصل بطولها وعرضها وكل ما تحتويه من سلاح أميركي يعود للجيش العراقي إلى تنظيم الدولة الإسلامية طوعاً وبدون قتال أو مقاومة حسبما يعرف الجميع وكما خلصت إليه لجنة تحقيق برلمانية عراقية كلفت بمهمة تحديد المسؤولية عن تسليم الموصل لتنظيم «داعش» الارهابي.

لم يجرؤ أحد في العراق وحتى الحرس الثوري الإيراني ان يُطلق رصاصة واحدة ضد «داعش» في البداية ومضت شهور عديدة حتى اكتمل تجهيز قوة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت عملياتها العسكرية ضد التنظيم وعندها شوهد قاسم سليماني يستظل الطائرات ويعلن الانخراط في الحرب ضد «داعش».

الآن، يُبلّغ الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله اللبنانيين والاميركيين والعرب والإسرائيليين، بأن الحزب اقوى من أي وقت مضى وقد انتصر في كل الحروب التي خاضها في سوريا والعراق واليمن وغيرها.

اذاً، لماذا القلق؟ هل إنفك عقد التحالف المضمر بين إيران والولايات المتحدة بعد سنين طويلة من التعاون وتقديم الخدمات وتبادل المصالح بين الدولتين؟

منذ أربعين سنة ونحن نسمع بأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تعادي الولايات المتحدة الأميركية علناً، في حين يشاهد الجميع بأم العين ترك النظام الإيراني وادواته من «حزب الله» وغيره يتمدد ويتسلح ويستبيح أمن الدول ويصادر الدولة اللبنانية تحت شعار محاربة العدو الإسرائيلي وإزالة إسرائيل من الوجود كما سمعنا ذلك من الرئيس الإيراني السابق أحمد نجاد وغيره مرارا واخيرا من الأمين العام للحزب شخصيا حتى كاد شعاره مشروع «الممانعة» و«المقاومة» يطغى على كل اعتراض أو رفض أو حتى تساؤل بسيط «ممانعة شو» والمقاومة التي أصبحت ضد الشعب السوري المطالب بالعيش الكريم والحرية والكرامة حالياً.

أولى تباشير المشروع الفتنوي الإيراني ظهرت بالاستفتاء الذي جرى في كردستان والذي يعتبر مقدمة لاعلان الدولة الكردية المستقلة ومن خلالها ينطلق مشروع تقسيم العراق.

صحيح ان نوايا القيمين على الأكراد وفي مقدمتهم الملا مسعود البرازني يجنح لإقامة الدولة الكردية المستقلة مع مجموعة من القادة الانفصاليين منذ مُـدّة، الا ان انتهاج الحكام العراقيين المدعومين من إيران سياسة التعاطي المذهبي والتفرقة قد نفَّر منهم باقي المذاهب وأعطى الأكراد حجة لوضع أسس الدولة المستقلة التي شوهد العلم الإسرائيلي يرفرف في أكثر من مكان وعلى مقربة من حدود الدولة الإيرانية.

يريد الأمين العام للحزب ان يقنع الرأي العام وجمهوره تحديداً بأن الضربات الجوية الروسية التي أودت بحياة العشرات من مقاتلي الحزب في البادية السورية مؤخراً، ليست مؤشرا سلبياً ضد مشاركة الحزب في الحرب السورية ولا تدلّ على رسائل ذات مغزى عمّا ينتظر وجود الحزب مستقبلاً في حال نضجت التفاهمات مع الأميركيين وأن دخول القوات التركية مع الجيش السوري الحر إلى ادلب بسوريا لا يعتبر تبدلاً في خارطة التحافات مع روسيا.

ببساطة، صب نصر الله جام غضبه على الولايات المتحدة الأميركية وحصر قلقه بالعقوبات المالية المرتقب اتخاذها ضد الحزب، في حين كان ردد أكثر من مرّة سابقا ان لا أهمية لمثل هذه العقوبات مهما تصاعدت وتيرتها، فكيف بدل موقفه هذه المرة؟

بالطبع لمجموعات التبدلات والوقائع المذكورة بالمنطقة ولأن الحرس الثوري من ضمن العقوبات الأميركية هذه المرة ايضا وبالاسم تحديداً.

اما الكلام الذي خصَّ به الداخل اللبناني، والتعبير الذي استعمله بقطع اليد التي تمتد إلى لبنان، فهو مؤشر سلبي لما يضمره ضد خصومه ولما ينتظر البلد مستقبلاً من ارتجاجات وتجاذبات غير مريحة.