اكبر المشاكل التي يعانيها لبنان في هذه الفترة، هي كيف يمكن معالجة عودة النازحين السوريين الى بلادهم، في ضوء موقف سوريا التي لم يبدو منها حتى اليوم اي بادرة واضحة لاستقبال النازحين، وفق ما اتفق على تأكيده بعض الدول الاوروبية المعنية بعودتهم مثل الخارجية الالمانية التي اعلنت بلسان وزير الدولة نيلز انين ان المانيا «لم تلمس اي توجه جدي من السلطات السورية لاعادة النازحين»، وهذا الموقف يشبه الموقف الاميركي الذي اعلن عنه ديفيد ساترفيلد مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط، ويوافقهما في هذا التوجه، وفق مصادر ديبلوماسية، فيليبو غراندي المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين، وجميع هذه المواقف غير بعيدة عن مواقف بريطانيا وفرنسا في هذا الخصوص، بما يعني في نهاية الامر ان لا عودة قريبة للنازحين السوريين، الا بقرار حاسم من السلطات السورية المعنية اولاً واخيراً برعاياها النازحين.
المشكلة الثانية المعقدة، هي كيف يمكن للحكومة اللبنانية ان تلتزم بتنفيذ تعهدات لبنان في مؤتمر «سيدر» في ظل التشكيك بقدرتها على ذلك من قبل دول اساسية شاركت في مؤتمر «سيدر» مثل فرنسا وهولندا، ففرنسا مستاءة من سعي لبنان الى تحويل القروض الميسرة الى هبات، ما يهدد بخسارة الافادة من القروض الميسرة التي حققها مؤتمر «سيدر» وفي حين يعتبر المبعوث الفرنسي بيار دوكان ان الاجواء في لبنان غير مشجعة، يتساءل السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه، كيف يمكن للبنان ان يخفض عجز الموازنة واحد في المئة، في الوقت الذي يقدم زيادات للمعلمين، وانفاقاً كبيراً على المستشفيات، وسلفات ضخمة للكهرباء واستدانة لتسديد الديون، اما هولندا وفق تصريحات ديبلوماسية لوسائل الاعلام، تعتبر ان اللبنانيين غير جديين، ولا يمكن ان نصدق انهم قادرون على اصلاحات بوجود الطاقم السياسي ذاته الذي اوصل لبنان الى هذا المستوى.
المشكلة الثالثة والمخيفة، هي حجم التلوث الذي ضرب جميع نواحي الحياة في لبنان، وتحول لبنان كله، الى بؤرة للامراض المميتة وغير المميتة، بوجود التلوث في الانهار والسدود والقساطل والمجاري الصحية والتربة والمزروعات، والهواء، وبين البيوت والمدارس، والكارثة المقبلة لن تتأخر سوى ثلاثة اشهر، قبل ان تنفجر المطامر بالنفايات والدولة تعرف ذلك، ومع ذلك ليس هناك في الافق اي تدبير بديل، وربما تتحول الطرقات والاوتوسترادات، والشوارع والاراضي الى البديل المتاح امام الحكومة.
المطلوب اليوم، وليس غداً، ان يجيب المسؤولون، من رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة، الى رئاسة مجلس النواب، على سؤال واحد يطرحه على ما اظن جميع اللبنانيين، ما هي خططكم لمواجهة هذه الكوارث الثلاث، وهل تنصحونهم بالبقاء في لبنان او بالهجرة؟؟