IMLebanon

ثلاثة عوامل قد تسهِّل ولادة مبادرة فرنسية تُنهي الفراغ الرئاسي

لبنان طَبَق رئيس على مائدة هولاند – روحاني والحل يحتاج الى أيسر الجهود

ثلاثة عوامل قد تسهِّل ولادة مبادرة فرنسية تُنهي الفراغ الرئاسي

إندماج إيران في المنظومة الدولية يؤهلها لأن تكون شريكاً في تسويات أزمات الشرق الأوسط

يتوقع مصدر ديبلوماسي غربي ان تمضي باريس قدما في اعادة تقويم سياستها في الشرق الأوسط، وخصوصا بعد الاتفاق النووي مع ايران والتدخل الروسي في سوريا، وهما منعطفان حاسمان في مسار السياسة الدولية، ولا سيما في مدى تأثيرهما في اعادة رسم سياسي ، وليس بالضرورة جغرافي، للاقليم المتوسطي، وتحديدا في جزئه المشرقي.

ويتقاطع هذا التوقع مع الزيارة المرتقبة للرئيس الايراني حسن روحاني الى فرنسا مطلع الاسبوع، حيث ستكون البنود اللاهبة في الاقليم، على مائدة البحث الرئاسي، هذه المائدة التي يشوبها جدل بروتوكولي ناتج من إصرار الجانب الإيراني على حظر المشروبات الكحولية وعلى توفير وجبات أكل حلال في الغداء الذي سيقام على شرف روحاني في قصر الإليزيه، الامر الذي رفضه الجانب الفرنسي لأنه لا يرغب في تغيير البروتوكول المعتاد وتقاليد الجمهورية المتبعة في مثل هذه المناسبات، حيث اعتاد الفرنسيون عرض مختارات من النبيذ الفرنسي على الضيوف الكبار.

ولئن ادى موقف كل من الجانبين إلى إلغاء الغداء، فإن باريس بادرت الى وصف الزيارة الايرانية بـ «زيارة رسمية»، ربما لتفادي هذا الإحراج لأن «زيارة دولة» تستوجب عادة اقامة غداء أوعشاء في حين يمكن تجاوز ذلك في «زيارة العمل».

ولعل هذا التفصيل البروتوكولي يُبرز في جانب منه حرص الادارة الرئاسية الفرنسية على انجاح القمة بين الرئيسين روحاني وفرنسوا هولاند، انطلاقا من مجموعة مصالح مشتركة، تقع في مقدمها العقود التجارية التي تترقبها باريس من انفتاحها على ايران ما بعد الاتفاق النووي.

ولا يحجب هذا الاهتمام الفرنسي المالي – الاقتصادي – النفطي، رغبة الرئيس الفرنسي في إحداث خرق سياسي ما، يبدو الى الآن صعب المنال، في الملف اللبناني، الاكثر قربا راهنا الى العقل الفرنسي، انطلاقا من ان الشراكة التجارية لا بد ان تواكبها شراكة سياسية في الامكان التي تُعتبر حيوية في استراتيجية فرنسا وسياساتها الخارجية.

لا ريب ان الادارة الرئاسية الفرنسية تعوّل منذ فترة على زيارة روحاني لاثارة المسألة اللبنانية من باب ضرورة ان تسهّل طهران انتخاب رئيس جديد للبنان وهي لها ما لها من تأثير مباشر على «حزب الله»، الحليف الموثوق الذي تعتقد باريس ان في يده احد مفاتيح الحل اللبناني. ولم يحبط الجواب الايراني (اعتبرته باريس غير ايجابي في حينه) الذي سمعه وزير الخارجية لوران فابيوس ابان زيارته الاخيرة لطهران (تردد ان فابيوس حمل لائحة تضم 3 مرشحين توافقيين مقبولين من الفرقاء السياسيين في لبنان لعرضها على المسؤولين الايرانيين كاطار لحل الازمة الرئاسية وانه سمع الجواب نفسه الذي سمعه مدير دائرة الشرق الاوسط وشمال افريقيا جان فرنسوا جيرو باحالته الى حزب الله)، لا الرغبة ولا المسعى الفرنسي، لذلك انتقل التعويل الى امكان احداث الخرق المرتجى في التلاقي المباشر الذي ستتيحه قمة هولاند وروحاني، تأسيسا على مجموعة عوامل ومعطيات، أبرزها:

أ-اعادة بناء جدار الثقة مع ايران، من شأنه ان يمنحها مزيدا من الارتياح الى الموقف الدولي، ما يساعد الرئيس الايراني على مواجهة ما يتعرض اليه من ضغوط داخلية من الجناح المتشدد الذي لم يبلع بعد، لا الاتفاق النووي ولا مفاعيله داخل ايران وخارجها على حد سواء. ولا شك ان هذا الارتياح سيتيح لروحاني هامشا اوسع من التحرك في ملفات السياسة الخارجية، مما قد يسهم في ترتيب حلول لملفات لاهبة، والمسألة اللبنانية يحتاج حلها الى اقل الجهود وأيسرها.

ب-المصلحة المباشرة والأساسية لايران في اعادة الاندماج تدريجا في المنظومة الدولية، لان هذه المسألة هي حيّز ايراني استراتيجي، وخصوصا ان الاندماج يؤهلها حكما الى ان تكون شريكا رئيسا في التسويات السياسية لأزمات الشرق الاوسط. ولا شك ان تسهيل الاستحقاق الرئاسي في لبنان هو ورقة في استطاعتها، متى انجز، توظيفها لاظهار نواياها الايجابية وقدرتها على ابتداع الحلول او الاسهام في ترتيبها، لتزيل الصورة النمطية التي طالما وسمها الغرب بها على انها صانع الشرور ومفتعل الازمات ومرتكب المآثم والمعاصي.

ج-الرغبة الفرنسية الملحة في تحقيق الخرق السياسي – الرئاسي اللبناني. وسبق للرئيس هولاند ان ثبّت زيارته لبيروت كتعبير عن المؤازرة والدعم، لكنه ارجأ إعلان توقيتها في انتظار نتائج قمته مع الرئيس روحاني. وبذلك تحول اللقاء الرئاسي المرتقب تلقائيا عاملا رئيسا لاتمام زيارة هولاند، والاهم لتظهير مبادرة فرنسية في الشأن الرئاسي اللبناني تؤدي الى انهاء الفراغ المؤسسي وفتح صفحة سياسية مشرقة في العلاقة الفرنسية – الايرانية.