Site icon IMLebanon

ثلاثة أيام مصيرية: الشراكة والطائف في خطر

ثلاثة أيام مصيرية تفصل عن موعد الجلسة التشريعية. الأحزاب المسيحية تستشعر خطراً على الشراكة والطائف، بسبب إصرار الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري على عقد جلسة غير ميثاقية

ثلاثة أيام مصيرية تفصل عن موعد الجلسة التشريعية التي دعا إليها الرئيس نبيه بري، ستكون حافلة بالاتصالات واللقاءات والمواقف التصعيدية، إذا لم تنتج الاتصالات حلاً للأزمة التشريعية. فاليوم يتحدث رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وغداً رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون، كما يتوقع أن تكون هناك مواقف لبري. أما محصلة اللقاءات، فتختصر بعنوان واحد: التيار والقوات ــــ وبكركي ضمناً ــــ يقولان إنها معركة وجود وشراكة، وأزمة مصيرية تمس جوهر اتفاق الطائف، ومعركة «نكون أو لا نكون»، وليست أزمة قانون انتخاب فحسب.

وعليه، يناقش التيار الوطني الحر امكان استئناف الدعوة الى تحركات شعبية، قد لا تقتصر على أنصاره هذه المرة، احتجاجاً على عدم التجاوب مع مطالبه، فيما تدرس لجان تجار في جبل لبنان امكان الدعوة الى الاضراب تزامناً مع انعقاد جلسة المجلس النيابي في غياب التيار والقوات.

في الساعات الأخيرة، ارتفعت وتيرة الحركة، ومحورها الرابية ومعراب وبينهما، ومعهما جرت اتصالات على خط بري والمستقبل وحزب الله. كما تكثّفت اتصالات المستقبل بالتيار وبالقوات معاً.

الحصيلة حتى مساء أمس لم تكن مشجعة، إن لم تكن سلبية، والمواقف لا تزال على حالها: يرفض بري والمستقبل إدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال، في مقابل إصرار الرابية ومعراب. هذا التشنج وصل، بحسب المعلومات، الى حد أن اتصالاً جرى مع بري يوم الجمعة لتحديد موعد للنائبين جورج عدوان وابراهيم كنعان، لكن رئيس المجلس «لم يكن على السمع» منذ يوم الجمعة، علماً بأن معلومات ترددت أمس عن اجتماع نيابي يعقد اليوم في ساحة النجمة بين التيار والقوات والمستقبل للبحث في ملاحظات المستقبل على مشروع استعادة الجنسية.

التيار ــــ القوات

يتمسك التيار والقوات اللبنانية بموقف موحد: سيتحدث جعجع اليوم عن القوانين المالية الضرورية وعن القوانين غير المستعجلة، ويشرح في المقابل أهمية قانوني استعادة الجنسية والانتخاب، على أن يقول عون كلمته غداً.

وللمرة الأولى منذ اللقاءات حول المشروع الأرثوذكسي، ومن ثم ورقة إعلان النيات، يعلن الطرفان التزامهما التام بالنيات وبالاتفاق بينهما. لم يضحّ أحد منهما بالاتفاق لصالح حلفائهما. يريدان قانون الانتخاب أولاً وآخراً. وفي معلومات «الأخبار»، أنه خلال المفاوضات الأخيرة، جرى اقتراح بإدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال، كمخرج للمأزق، ومن ثم تركه للنقاش في الهيئة العامة، وبذلك يكون أعطي المسيحيون حقهم وترك أمر بته للهيئة العامة. إلا أن بري، ومعه المستقبل، أصرّ على الرفض المطلق بحجة عدم الاتفاق على قانون واحد.

أما جواب التيار والقوات، بحسب مصدر نيابي في التيار، فهو أن جدول الأعمال يضم 38 بنداً، فما الذي يمنع إدراج أربعة قوانين أساسية في أربعة بنود، وليس نبش 17 قانوناً لا يعرف بعضها من تقدم بها. في حين أن هناك أربعة مشاريع أساسية: مشروع الحكومة السابقة المعروف باسم مشروع وزير الداخلية مروان شربل، ومشروع الأرثوذكسي، والمختلط الذي تقدم به النائب علي بزي ومشروع القوات والاشتراكي والمستقبل. والمفارقة أن المستقبل الذي له حصة في المشروع الأخير، رفض هذا الطرح الى جانب بري، في وقت يبدي فيه نواب التيار والقوات استياءهم من التنسيق تحت الطاولة بين المستقبل ورئيس المجلس حول بنود وردت في جدول أعمال الجلسة من دون مشاركة الحزبين المسيحيين، وإدخال بنود غير طارئة على جدول الأعمال.

كما يريد التيار والقوات التزاماً بإقرار استعادة الجنسية وليس فقط بإدراجه على جدول الأعمال. ملاحظات التيار الوطني أنه لو كانت نيات بري والمستقبل صافية، لما أدرج مشروع استعادة الجنسية في البند 25 من جدول الأعمال وتحرير أموال البلديات في البند 38. أما أسوأ المخاوف الحالية فيكمن في إدخال تعديلات على مشروع استعادة الجنسية في غياب المسيحيين، كما يريدها المستقبل وفق الملاحظات التي أرسلها الى بري والقوات والتيار، الأمر الذي يفقد المشروع هويته الحقيقية وأهدافه، ولا سيما لجهة حق المرأة في إعطاء الجنسية لأولادها غير اللبنانيين. وهذا من شأنه أن يضيف أزمة جديدة على الأزمة التي ستنشأ من جراء عقد الجلسة بغياب المسيحيين.

بكركي على خط عون وجعجع

إذاً وفق الاتفاق بين عون وجعجع، فإنهما لن يتراجعا أمام كل العوائق التي توضع أمامهما. وأمس أضافا الى موقفهما موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي. فبعد اتصال الرئيس سعد الحريري بالراعي وزيارة رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه لبكركي، بدا الراعي ميالاً الى مواقف، فهم منها التيار والقوات أنها ستصب في خانة بري والمستقبل لجهة تأمين بكركي الميثاقية للجلسة بذريعة البنود المالية، وخصوصاً بعد حديثه عن مخاوف من استعادة الجنسية وقانون الانتخاب. أول من أمس، زار جعجع بكركي بعد غياب، ومن ثم زارها كنعان، «وتم التفاهم على الأولويات الوطنية، وعدم استفراد أي فريق مسيحي». وكان للرجلين موقف واضح عبّرا عنه من الصرح حول ضرورة التزام الشراكة الوطنية. وجاءت عظة الأحد منسجمة مع ما حمله جعجع وكنعان. وضع الأخير البطريرك في صورة الملفات المطروحة المالية بصفته رئيس لجنة المال، وشرح له التهويل الذي يمارس حول القوانين المالية، وما هو الضروري وما هو غير المستعجل، وخصوصاً أن هناك أسابيع تفصل عن نهاية العقد العادي وأن ثمة بنوداً تنتظر حتى نهاية العام أو حتى منتصف كانون الثاني المقبل. وكذلك شرح للراعي البنود والملاحظات التي يريد المستقبل إدخالها على مشروع استعادة الجنسية. أخذ الراعي بتسعين الى نحو مئة في المئة من الملاحظات التي وضعت أمامه، وعبر عن ذلك في عظة الأحد، وأكد رداً على المطالبة بحق المرأة في إعطاء الجنسية لأولادها، أننا أمام مشروع لاستعادة الجنسية مطروح منذ عام 2001 وليس لاكتساب الجنسية، ودعا الى «بتّ» استعادة الجنسية وقانون الانتخاب، مذكراً بأنه مطروح في اتفاق الطائف.

موقف بري

يفهم موقف بري، بحسب من يعملون على خط الوساطات من التيار تحديداً، بأنه أكثر من موقف مبدئي أو ابن لحظته. تساؤلات هؤلاء تصب في خانة: هل بإمكان بري، بما يعرف عنه من حنكة سياسية، أن يقوم وحده ومن دون إيحاء إقليمي إو دولي بخطوة من هذا النوع؟ وهل يمكن لهذه الجلسة أن تكون تتمة لمسار محاولات كسر عون المستمرة منذ أشهر؟ فالإيحاءات يمكن أن تكون من نوع تسوية روسية ــــ أميركية في سوريا مع مرحلة رئاسية انتقالية تنعكس على لبنان تسوية مماثلة، تقضي بانتخاب رئيس تسوية، عسكري أو سياسي. وهذا يجعل من الطبيعي ألا يسمح لبري بإقرار قانون انتخاب، من أجل صياغة «سلة تسويات متكاملة برئاسة للجمهورية وقانون انتخاب سوياً». والسؤال الأكثر تقدماً: هل المعركة اليوم معركة قانون انتخاب وجلسة تشريعية أم أنها معركة رئاسة الجمهورية؟

موقف حزب الله

يثير موقف حزب الله مما يحصل تساؤلات في الأوساط السياسية، والعونية منها تحديداً، بعدما بات التيار قريباً من الاقتناع بأن موقف الحزب لا يشبه موقفه في أزمة التعيينات العسكرية. الحزب حالياً أقرب ما يكون الى موقف بري، والاتصالات المستمرة معه لم تفض الى نتيجة إيجابية، بل تكاد تكون سلبية. خطورة موقف الحزب اليوم أنه يضع التيار في موقف دقيق، وخصوصاً أن موقف الحزب سيصب للمرة الثالثة في خدمة معارضي عون: التمديد للمجلس النيابي ولقائد الجيش العماد جان قهوجي وجلسة تشريع بلا ميثاقية.

موقف المستقبل

في موقف يعكس مدى الافتراق بين المستقبل وحليفه، أي القوات اللبنانية، تحدث وسطاء المستقبل عن أهمية المفاوضات والسير بها مع عبارة اعتراضية «إذا نجحت المفاوضات كان به، وإلا فنحن سنشارك في الجلسة». موقف المستقبل يتأكد يوماً بعد آخر، تارة بانقلاب الرئيس فؤاد السنيورة على تعهد كان قد أعطاه بعدم المشاركة في الجلسة إلا بحضور مكون مسيحي أساسي، وتارة بالملاحظات التي أرسلها النائب سمير الجسر حول استعادة الجنسية ومن ثم بالحملة المضادة التي بدأت للمطالبة بحق المرأة اللبنانية في إعطاء الجنسية لأولادها، وهو مطلب سبق أن تبناه الرئيس سعد الحريري، وبدأ الجسر حملة ترويج له.

موقف 14 آذار

في هذا الوقت، تواصل سعي الوسطاء من قوى 14 آذار التي تمحورت حول فكرة أساسية» كيف يمكن للمسيحيين أن يرفضوا تشريع البنود المالية اليوم، وسمعة لبنان المالية الدولية على المحك، فيما حزب الله يوافق على هذه البنود. فهل يكون حزب الله أحرص على سمعة لبنان المالية من المسيحيين؟ تحرك هؤلاء يندرج في ضرورة فصل المواضيع المالية وعدم ربطها بالأمور الميثاقية. نتيجة السعي، بحسب هؤلاء، اقتناع الأفرقاء المسيحيين بأهمية البنود المالية، لكن السعي مستمر من أجل الشق الثاني أي الميثاقية وقانون الانتخاب.

وفي غضون ذلك، يستأنف حاكم مصرف لبنان رياض سلامه ورئيس جمعية المصارف جوزف طربيه تحركاتهما واتصالاتهما اليوم في اطار الضغط لعقد جلسة نيابية لاقرار البنود المالية المطروحة.