حاسماً، كان رئيس الجمهورية، أمس، في قوله لا يحلم أحد بالتمديد للمجلس النيابي أو البقاء على القانون ذاته (الستين) أو حصول أي فراغ.
في الظاهر هذه الإحتمالات الثلاثة يتبرأ منها الجميع في السلطة التنفيذية وخارجها وفي مجلس النواب أيضاً. فليس من مواقف معلنة تؤيد التمديد في المبدأ. ومن يقول به يعتبره آخر الدواء وعلى قاعدة «الموقت»، ما بين ستة أشهر وسنة حداً أقصى تداركاً للوقوع في الفراغ. وقانون الستين هو أيضاً (وتكراراً: في الظاهر على الأقل) بمثابة وباء «الهواء الأصفر». فليس من أحد ممن يدلون بدلوهم في بئر قانون الإنتخابات إلا أعلن أنه ضدّ قانون الستين. أمّا الفراغ فهو البعبع الكبير الذي يقولون، جميعاً، إنه كارثة الكوارث. بل إن الرئيس نبيه بري رفض الفراغ ولو لثلاث ثوانٍ كما نُقل عنه أمس.
إذاً، في الكلام المعلن فإنّ ما قاله الرئيس يلتقي مع ما يقولون ويرددون ويكررّون القول والترداد.
وأن يكون هذا الكلام موقفاً مبدئياً للرئيس ولرئيس مجلس النواب ولرئيس مجلس الوزراء ولسواهم من المعنيين: وزراء ونواباً وقيادات وأحزاباً ومستقلين… نقول: ان يكون هذا موقفاً مبدئياً فهو أمر معروف ولكن غير المعروف هو الجواب على سؤال بسيط من كلمة واحدة يفرض ذاته في هذه المرحلة: كيف؟!. أجل كيف يتم التوصل الى قانون إنتخابات جديد يقضي على التمديد، ويزيح قانون الستين (النافذ حالياً)، ويملأ الفراغ بـ 128 نائباً جديداً؟
إذا أخذنا بالتصريحات المتواترة فإن انجاز قانون الإنتخابات بات في شبه إستحالة. أليس هذا ما يقال ويشاع ويذاع ويملأ الأسماع؟ فهل هناك في الزوايا والكواليس الكثير من الخبايا الإيجابية؟ وإذا كانت هذه الإيجابيات حقيقية فلماذا التستر عليها؟!. وهل يخشون عليها من إنتكاسة؟ من «صيبة عين» على سبيل المثال؟!.
في المعلومات أنّ ما يجري ويدور في بعض المحادثات ليس مغرقاً في التشاؤم كما يظهر في وسائط الإعلام، وإن المباحثات قطعت شوطاً بعيداً بين الأطراف المعنية بإنجاز القانون المرجو.
ويُقال كذلك: إن وجهات النظر باتت متقاربة لأسباب عديدة، أبرزها الآتية:
أولاً – لا يستطيع أحد أن يتحمل عبء الفراغ. وليس في مقدور أحد أن يتبنى الإستمرار بالعمل في قانون الستين. وليس في طاقة أي طرف أو فريق أو تحالف أن يتحمل مخاطر التمديد طويل الأمد. وبالتالي فالجميع محكومون بالتوصل الى صيغة معقولة لقانون انتخاب على قاعدة» لا يموت الديب ولا يفنى الغنم».
ثانياً – ليس لحزب اللّه مصلحة في تعريض ورقة التفاهم مع التيار الوطني الحر الى أزمة قد تبطل مفاعيلها على أقل تقدير. خصوصاً في وقت يتهيأ الكونغرس الأميركي لإقرار سلة عقوبات جديدة تتناول ليس الحزب بالذات وحسب إنما أيضاً بيئته الحاضنة بمن في ذلك الوزراء والنواب ورجال المال والأعمال الحزبيون.
ثالثاً – ليس في مصلحة التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية أن يخرجا على مضامين ورقة معراب وبالتحديد قبل الإنتخابات النيابية التي يعوّل عليها طرفا هذا الثنائي المسيحي كثيراً.
رابعاً – لن يكون الرئيس سعد الحريري في وارد عرقلة أي مشروع توافق، خصوصاً وان نادر الحريري جزء فاعل في المباحثات التمهيدية لإقرار المشروع الجديد، كما كان فاعلاً في المشاورات والمساعي التي سبقت الإنتخابات الرئاسية وأفضت الى وصول الجنرال ميشال عون الى سدة الرئاسة. إضافة الى أنّ رئيس الحريري هو، أساساً، عامل تهدئة ودفع لتحريك عجلة الدولة.