«يسقط… يسقط حكم الأزعر»، كان العنصر الأمني الذي «تغبّرت» بذلته يدندن عند أحد مداخل وسط بيروت. العاصفة الرملية زادت الوسط التجاري المقفر اصفراراً، والحواجز الأمنية والبوابات الحديدية والأسلاك الشائكة زادته كآبة. الغبار يعلو كل شيء: العناصر الأمنيين والمباني وواجهات المحال والمقاهي والمطاعم التي تحوّلت إلى مجرد لوحات للديكور. «حراس» مدينة الغبار كانوا أكثر من مرتادي الـ«داون تاون».
وحدها طاولة الحوار نفضت الغبار عن نفسها أمس. على رأس كل «زاروب» طابور من رجال الأمن الذين اتسخت سحناتهم من شدة الحر، مهمّتهم منع أي «متسلّل» من عبور الخطوط المسموح بها. الدخول إلى منطقة مجلس النواب كان يحتاج إلى معجزة، لا إلى مجرد بطاقة رسمية صادرة عن الدائرة الإعلامية التابعة له.
الصحافيون الذين «عزمتهم» الدائرة لتغطية الحدث الجلل لم يسلموا من «الشرشحة»، من دون أي إجراءات لتسهيل مرورهم. الدخول إلى منطقة المجلس الذي تحول «ثكنة عسكرية» مسموح من بوابة واحدة لناحية «البيال». لم يكلّف أحد نفسه إعلامهم بخريطة «درب الجلجلة» التي يجب أن يسيروا عليها. بعضهم اضطر إلى المشي مسافات طويلة في ظلّ درجة حرارة مرتفعة جداً، بعدما ركن سيارته لجهة رياض الصلح. آخرون تسلقوا الحواجز مخافة أن يباغتهم الوقت وكادوا «يمشكلونها» مع رجال الأمن. تغاضى البعض عن هذا «التعذيب» وصمد حتى «خط النهاية» في ساحة النجمة. لكن المفاجأة أن الدعوة للتغطية لم تكن إلا استدعاء إلى ما يشبه الحبس الاحتياطي: مُنع الصحافيون من ممارسة عملهم. قبل بدء توافد المتحاورين، طلب منهم الوقوف في ركن جانبي، وحيل بينهم وبين الوصول إلى أي من المتحاورين. بعدها «زُجّ» بهم في المكتبة، حيث انتظروا انتهاء الجلسة التي استمرت ثلاث ساعات. «تعشّموا» خيراً عندما «سيقوا» إلى قاعة الهيئة العامة للمجلس حيث كان مقرراً أن يعقد رئيس المجلس نبيه برّي مؤتمراً صحافياً. لكن الرئيس، في الدقائق الأخيرة، عدل عن رأيه. دخل الأمين العام للمجلس عدنان ضاهر إلى القاعة. تلا بياناً مقتضباً أعلن في نهايته عقد الجلسة الثانية للحوار يوم الأربعاء المقبل، قبل أن يصدر قرار «إطلاق سراح» الصحافيين.