IMLebanon

ثلاثة شعوب على سطح واحد !!؟

يمكن القول ان الطبقة السياسية التي قيّض لها ان تحكم لبنان، على اقلّه، منذ العام 1970، وحتى اليوم، أوجدت شروخاً في بنية الدولة اللبنانية والوطن اللبناني، لم يعد بالامكان معالجتها والتغلّب على شرورها ومساوئها، سوى بتواري هذه الطبقة عن الحياة السياسية، والافساح في المجال امام قيادات اخرى او جديدة، ثبت بالممارسة ولو المحدودة، انها تملك الخيارات الصحيحة، لبناء دولة جديدة على قواعد ثابتة من الخبرة والوطنية والرؤية والحداثة والايمان بعظمة هذا الوطن.

الطبقة السياسية الحالية التي أمسكت بمفاصل الدولة، بطرق واساليب معيبة احياناً، او باستغلال ظروف غير مشرّفة، احياناً اخرى، اقامت بينها وبين الشعب اللبناني، حتى ولو استسلم لها تحت ضغط التعصّب الديني او السياسي او المصلحي، جداراً عالياً عازلاً، أشبه بجدار برلين، او بجدار الكراهية الذي رفعه الكيان الاسرائيلي بوجه الشعب الفلسطيني ما ولّد حالة طلاق حقيقية بينها وبين الشعب الذي يعاني الأمّرين في هذه الايام، نتيجة الكوارث التي انتجتها طبقة «أكلة الجبنة» طول هذه السنوات.

هذه الطبقة لم تعمل شيئاً سوى اغراق لبنان واللبنانيين بالمصائب والمشاكل، بحيث ان كل مشكلة تستولد أخرى، ليبقى سيف القهر والعذاب والحاجة مصلتا فوق رؤوس الناس، لابتزازهم في خدمات تأكل من كرامتهم وارادتهم ورغبتهم بالتحرر من كابوس اللجوء الى زعامات تعيش وتستمر على دمهم وعرقهم وفقرهم، ومعاناة اللبنانيين اليوم بسبب «وفرة» النفايات و«قلّة» الكهرباء، تعكس امّا، عقم تفكير هذه الطبقة، وامّا ارتكاب الخطايا عمداً، بحيث ان موضوعي الكهرباء والنفايات، اللذين لم يعودا مشكلة مطروحة في كل دول العالم، الاّ في دولة لبنان الكبير، والانكى من هذا، ان الطبقة الحاكمة المطبقة على انفاس اللبنانيين، عمدت بوقاحة موصوفة الى تبديل اولويات الدولة واهتمامات المواطنين، فبدلا من ان يكون من اولويات مجلس الوزراء، والشغل الشاغل لنواب الأمة انتخاب رئيس للجمهورية اولاً، وتفعيل عمل مجلس الوزراء، ومجلس النواب ثانياً، والاهتمام بقضايا الناس ثالثاً، توجّت النفايات أولى في مجلس الوزراء وآلية عمل المجلس ثانية، والتعيينات في الاسلاك العسكرية ثالثة، و«عمرو ما ينبحث» بالقضايا الاقتصادية الضاغطة، والتفلّت الامني المخيف، والموت السريري للموازنة العامة، ورواتب الموظفين والعسكريين، والاخطار الداهمة على الحدود، ومصير لبنان في عملية الفرز والضم لدول المنطقة، القريبة منا والبعيدة.

صديق لي عاد الى لبنان لتمضية جزء من فصل الصيف، ودرس امكانية انشاء «بيزنس» والاستقرار، اتصل امس مودعا ومختصرا حزنه بالقول «يعيش في لبنان ثلاثة شعوب، اكثرية تعيش في الحزن والفاقة، واقلية تحاول اخفاء حزنها بفرح مزيّف، وطبقة صغيرة تعيش على احزان الشعبين».