ثلاثة أمور يُمكن تلمُّسها من زيارة الحريري إلى المملكة العربية السعودية
إعادة العلاقات الثنائية إلى عافيتها وتأكيد الدعم السعودي للمؤتمرات الثلاثة وتجديد الثقة بزعامة الحريري
العلاقات الثنائية وتيرة متسارعة في الأسابيع المقبلة، تبدأ من تنشيط الزيارات المتبادلة للمسؤولين من كلا البلدين وتنفيذ الاتفاقيات المعقودة ومن ضمنها الاقتصادية والتجارية والسياحية وغيرها.
ثلاثة أمور يُمكن تلمُّسها من نتائج زيارة الوفد السعودي إلى لبنان ومن بعدها زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى المملكة، أوّلها تحريك واقع العلاقات اللبنانية – السعودية من حالة الركود التي سادتها سابقاً نحو اتجاهات جديدة مختلفة والثاني، التأكيد على استمرار دعم لبنان كدولة في المؤتمرات الدولية الثلاثة المرتقب انعقادها تباعاً في كل من روما وباريس وبروكسل، والثالث، إعادة تجديد الثقة بعلاقات المسؤولين السعوديين بالرئيس الحريري وتبديد كل الأوهام التي حيكت من حولها في الآونة الأخيرة من أكثر من جهة وطرف داخلي وخارجي.
بالنسبة للأمر الأوّل، ظهر بوضوح من خلال زيارة الوفد السعودي إلى كافة المسؤولين الكبار، حرص المملكة على إعادة العلاقات الثنائية بين البلدين إلى طبيعتها السابقة، بالرغم من كل محاولات البعض للتأثير سلباً على هذه العلاقات تارة من خلال المواقف والتصريحات والحملات التجريحية بحق حكام المملكة وتارة أخرى من خلال محاولات ضم لبنان لأحلاف واصطفافات إقليمية معادية للعرب ودول الخليج بقيادة المملكة العربية السعودية.
واستتبعت زيارة الوفد السعودي بتوجيه دعوة رسمية لرئيس الحكومة سعد الحريري لزيارة المملكة ولقاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي العهد الأمير محمّد بن سلمان، للتأكيد على وضع مسألة تطبيع العلاقات السعودية – اللبنانية موضع التنفيذ السريع والعملي الفعّال والمباشرة باتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة في هذا الاتجاه الإيجابي وقطعاً لدابر كل محاولات استهداف هذه العلاقات والتأثير عليها لصالح غايات مبيتة لدول معادية.
ويرتقب ان تشهد العلاقات الثنائية بين البلدين وتيرة متسارعة في الأسابيع المقبلة، تبدأ من تنشيط الزيارات المتبادلة للمسؤولين من كلا البلدين والسعي لانعقاد اللجنة اللبنانية – السعودية العليا المشتركة اجتماعا بعد اجراء التحضيرات اللازمة والضرورية لمناقشة العلاقات الثنائية وسبل تنشيطها والتوقيع على الاتفاقيات المطلوبة لتحقيق الهدف وتنفيذ الاتفاقيات المعودة ومن ضمنها الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والسياحية وغيرها.
ويؤمل ان تفتح زيارة الرئيس الحريري للمملكة آفاق عودة العلاقات الطبيعية إلى سابق عهدها في وقت لاحق.
أما في ما يتعلق بالامر الثاني، فقد تفهم المسؤولون بالمملكة لطلب الحكومة اللبنانية للمشاركة في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل وتقديم الدعم اللازم لإنجاح المؤتمرات الثلاثة، باعتبار أن المملكة حريصة كل الحرص على استمرار سياستها في تقديم كل أنواع الدعم اللازم لمساعدة لبنان للحفاظ على أمنه واستقراره وتحقيق النهوض الاقتصادي والاجتماعي والتخفيف من وطأة أزمة النازحين السوريين على أراضيه.
ولا شك فإن تجاوب المسؤولين السعوديين مع طلب رئيس الحكومة للمشاركة في المؤتمرات الثلاثة قد أسقط كل التكهنات والاقاويل التي ترددت سابقاً باحتمال مقاطعة المملكة المشاركة فيها على خلفية تردي العلاقات اللبنانية – السعودية، وأعطى إشارات إيجابية للدول المنظمة لهذه المؤتمرات مفادها أن المملكة من خلال مشاركتها تعطي دفعاً قوياً واضافياً لانجاحها بما يحقق الأهداف المتوخاة منها للنهوض بدولة شقيقة في هذه المرحلة الحسّاسة والصعبة التي تمر بها المنطقة.
والأمر الثالث، يتعلق بعلاقة الرئيس الحريري بالمسؤولين بالمملكة وهي علاقة متجذرة ومشهود بمتانتها، بالرغم من أزمة الاستقالة الأخيرة وما شابها من أقاويل وادعاءات ومحاولات للتأثير عليها سلباً والاضرار بها من أكثر من جهة وطرف في الداخل والخارج على حدّ سواء.
وقد أظهرت وقائع اللقاءات التي عقدها الرئيس الحريري خلال زيارته للمملكة والحفاوة التي استقبل بها وما طرحه من وجهات نظر بخصوص الوضع الداخلي اللبناني وكيفية تعاطيه مع مختلف الأطراف السياسيين وادارته للحكومة، تفهماً وتقديراً باعتبار ما يقوم به إنما يصب في مصلحة لبنان واللبنانيين وبما يخدم علاقات لبنان مع أشقائه العرب.
والاهم في هذا الأمر ان ما حققته زيارة الرئيس الحريري للمملكة، لا يقتصر على النتائج الإيجابية في ملف العلاقات الثنائية واعادتها إلى طبيعتها ودعم المؤتمرات الدولية الثلاثة وإنما تعداه إلى إسقاط كل الأوهام التي بنى عليها خصومه في الداخل لإضعاف زعامته وموقعه السياسي، بعدما تبين لهم عدم صوابية توقعاتهم وبأن المسؤولين بالمملكة حريصون كل الحرص على استمرار علاقاتهم الجيدة والمتينة مع الرئيس الحريري كما كانت على الدوام.