يبدو أن اللقاء الذي جمع الرئيس تمام سلام بالرئيس نبيه بري يوم السبت الفائت فعل فعله، بحيث تمخّض عنه ما أعلنه سلام عن دعوة الحكومة للإجتماع يوم الخميس المقبل، الأمر الذي لاقى أصداءً إيجابية لدى غالبية مكوّنات الحكومة، ما أوحى بتطابق وجهات النظر والمواقف ما بين الرئيسين بري وسلام تجاه الأزمة الحكومية الحالية، ودعم بري لأسلوب سلام في معالجة الأزمة، وذلك في إطار الخروج من حال المراوحة والجمود التي أصابت الحكومة في الأسابيع الثلاثة الماضية، نتيجة إصرار وزراء تكتّل «التغيير والإصلاح» على رفض البحث في أي بند على جدول الأعمال، قبل البتّ بتعيين قائد جديد للجيش، ورفض خيار التمديد في المناصب القيادية والعسكرية.
وقرأت مصادر نيابية بارزة في الدعوة إلى اجتماع مجلس الوزراء، أنها أتت استجابة للتحذيرات المتعدّدة الإتجاهات التي صدرت في الآونة الأخيرة منبّهة القيادات السياسية من المخاطر المحدقة بالبلاد جرّاء شلل عمل المؤسّسات. لافتة إلى أن التطوّرات المالية الخطيرة في اليونان دفعت أكثر من خبير إقتصادي إلى تحذير لبنان والحكومة من مغبّة الإستمرار في السجالات والخلافات بينما العجز في الخزينة العامة يزداد وبات يتجاوز نسبة 10%. وأضافت المصادر نفسها، أن عشرات المشاريع والقروض والإتفاقات بمئات ملايين الدولارات سوف يخسرها لبنان فيما لو استمرّ تعطيل الحكومة والمجلس النيابي. وأكدت أن كل تأخير في التصدّي للإستحقاقات المالية المرتبطة بالدين العام، سيدفع ثمنها الإقتصاد اللبناني والقطاعين المالي والمصرفي. ولذلك، قالت المصادر، أن الدعوة إلى جلسة حكومية تحوّلت إلى واجب دستوري ووطني نظراً للتطوّرات الأمنية والسياسية المستجدّة في الأسبوعين المنصرمين، والتي باتت تستدعي قراراً على أعلى المستويات بالخروج من دائرة التعطيل الحكومية.
من جهة أخرى، وفي إطار جدول الأعمال المخصّص للجلسة المقبلة، أوضحت المصادر النيابية ذاتها، أنه لن يكون هناك أي تعديل على الجدول الموزّع منذ ثلاثة أسابيع، والذي لم يُبحث بعد في مجلس الوزراء لانشغال الحكومة في الملفات الأمنية. واستبعدت أن يصار إلى إدخال أية بنود جديدة بسبب عدم موافقة رئيس الحكومة على تدخّل أي فريق سياسي في صلاحياته التي منحه إياها الدستور، وبالتالي رفضه الخضوع لأي ضغط من أي جهة كانت. وأكدت أن ما من طرف سياسي يوافق على استمرار التعطيل الحكومي وتعريض الوضع العام لأي انعكاسات سلبية، لا سيما في ظل تحذير الفاعليات المالية والإقتصادية من انهيار إقتصادي.
في موازاة ذلك، تحدثّت المصادر النيابية عينها، بأن الدعوة السلامية تحظى بدعم كامل من بري، الذي يحمل بدوره على حال الجمود التي تشلّ المجلس النيابي أيضاً بسبب رفض بعض الكتل النيابية المشاركة في جلسات تشريع الضرورة. ولذلك، فإن الأولوية اليوم هي لإعادة الحركة إلى مؤسّستي مجلس الوزراء ومجلس النواب في آن، وذلك لفتح دورة إستثنائية للمجلس النيابي، بموازاة تفعيل مجلس الوزراء لتسيير أمور المواطنين وبتّ الملفات التي لا تتّسم بأي طابع خلافي. وتوقّعت المصادر أن ينحصر النقاش داخل مجلس الوزراء المقبل في البنود المتعلّقة بتسيير شؤون المؤسّسات واتخاذ قرارات مرتبطة بمجموعة من الملفات ذات الطابع الملحّ، والتي لم تعد تحتمل أي تأجيل، على أن يصار إلى إرجاء النقاش في أي ملف خلافي كالتعيينات الأمنية إلى حين نضوج التسوية السياسية بين كل الأفرقاء السياسيين، والتي قد تتأخّر إلى ما بعد عطلة عيد الفطر.