يستعد «تيار المردة» لخوض الانتخابات البلدية الأحد المقبل على أرض الشمال حيث نفوذه الأساسي وحاضنته الشعبية. سيقتنصها فرصة للتحرر من التزام أخلاقي اختاره لنفسه مذ جمعه الحلف السياسي مع الرابية، ويقضي بمراعاة خصوصية «حليفه البرتقالي» ومكانته الشمالية، كما كانت القيادة الزغرتاوية تردد دوماً.. ومناسبة ليعيد التذكير أنه «الرقم الأول» مسيحياً في أقضية الشمال.
الأولوية عند «المردة» هي لتفعيل الحضور وتظهيره، ولا داعي بعد اليوم لحجبه. لا مجال للاسترخاء او للتراخي. هذا لا يعني أبداً أنّ زغرتا قررت رفع سيف المواجهة مع كل لائحة تقترب من اللون البرتقالي، كما لا يعني بالمقابل أنّ «المرديين» ارتضوا المهادنة. لكنه الوقت المناسب للانفلاش على كامل الخارطة الشمالية، حتى لو اقتضى الأمر اللعب في المربّع البشراني، أي في بشري.
وهذا التمدد لا يلغي أبداً نهج الانفتاح الذي يعتبره المرديون «ألف باء» تعاطيهم البلدي، وهو سيؤدي حكماً الى التعامل ببراغماتية والحؤول دون خوض معارك عبثية لإثبات الأحجام.
هكذا، كانت «أفضلية المرور» بالنسبة لمؤيدي سليمان فرنجية للتوافقات العائلية، ويمكن تحت هذا الغطاء التفاهم مع أي فريق، وفقاً للخصوصيات المحلية. لكن السياسة لم تغب أبداً عن أقضية الشمال، وحظيت بعض المعارك بطابع المواجهة تصديّاً للثنائي المسيحي أي «التيار الوطني الحر» و «القوات».
ولهذا، كان التعامل بموضعية مع كل حالة بذاتها. في زغرتا، لم يعلُ صوت على صوت التوافق الذي أريد منه أن يكون شاملاً لا يستثني أحداً. فأرقام الاستحقاقات النيابية والبلدية تعطي الأرجحية لـ «المردة»، لكن هذا لم يمنع طوني فرنجية من تزكية خيار التفاهم، ليس في المدينة فقط المعروف أنها «مردية» الهوى، ولكن في القضاء أيضاً، ليجتمع «كوكتيل الخصوم» في لوائح مشتركة «قوس قزحية».
أرادها كذلك وفق عارفيه، لأنه يعرف أنّ تياره ليس بحاجة ليثبت نفسه في هذا الاستحقاق، وبالتالي يفترض تغليب الطابع الإنمائي على ما عداه ومنح زغرتا كل فرصة للاستفادة من الطاقات الشبابية بمعزل عن انتمائها السياسي. ولهذا لا أثر للمعارك السياسية الحادة في قضاء زغرتا. وثمة من فهمها بالسياسة على أنها اصرار على الإبقاء على النَفس الانفتاحي في عرينه، وانطلاقة غير صدامية لنجله.
كما أنّ مشاركة «التيار» في انتخابات عاصمة الشمال تعيد تثبيت الحضور «المردي» في طرابلس كواحد من اللاعبين المسيحيين الأساسيين. فكان لهم أصدقاء في اللائحة الائتلافية كما كانت لهم مشاركة أساسية في مشاورات تشكيل لائحة مدينة الميناء، كما يؤكد «المرديون».
في البترون، انفلش «المردة» وأصدقاؤهم على 24 بلدية، بعضها على مستوى الرئاسة، نيابة الرئيس، والأعضاء. الأولوية كانت للتفاهم مع «الكتائب» والعائلات بوجه الثنائي العوني ـ القواتي.
مدينة البترون لها مكانتها الخاصة على خارطتهم بفعل الصداقة التي تربط مارسلينو الحرك بسليمان فرنجية، وقد تمكن الرجل من استقطاب التفاهم حول اسمه بما في ذلك «التيار الوطني الحر» مع أنّ جبران باسيل سبق له أن خاض مواجهة معه في العام 2004 يوم ترشّح بوجهه.. وفشل.
في تنورين، وقع الخيار على مساندة اللائحة التي يدعمها بطرس حرب بوجه اللائحة المدعومة برتقالياً. وفي شكا، حصل التقاطع بين الرابية وبنشعي على اسم فرج كفوري الذي هو صديق لـ «المردة».
في عكار، طغى خيار العائلات. القبيات مثال صارخ، حيث فضلت زغرتا دعم لائحة التحالف بين هادي حبيش ومخايل ضاهر بوجه اللائحة المدعومة من «التيار» و «القوات».
في الكورة، الصورة تبدو متداخلة. في أميون كان «المرديون» جزءاً من التفاهم مع عونيين وقوميين، وفي كوسبا، يخوضون المعركة مع فايز غصن الى جانب القوميين بوجه فريد مكاري ونقولا غصن والعونيين والقواتيين. أما في كفرعقا، فوقفوا الى جانب فريد مكاري بوجه الثنائي العوني ـ القواتي.