تعيش اسرائيل هذه الايام كابوس اكتشاف حزب الله لعميلها الثمين في الوحدة 910 المختصة في العمليات الخارجية والتي طالما شكلت ارقا للمخابرات الاسرائيلية في اطار الحرب الامنية الدائرة بين الطرفين على مساحة العالم بكامله، حيث تنصب اهتمامات المعنيين في اجهزة الامن الاسرائيلية على دراسة وتحليل تداعيات نجاح الحزب في اسقاط ما اصطلح على تسميته بشبكة «شوربة»، الرجل الثاني في وحدة العمليات الخارجية التابعة للحزب.
وتجمع آراء الخبراء على ان اخطر نتائج فضح الشبكة يتمثل في انحسار قدرة تل ابيب على احباط العمليات التي يخطط حزب الله او حلفاؤه لتنفيذها في الخارج والداخل ضد المصالح الاسرائيلية واليهودية، وبنفس المقدار خسارة احد ابرز مصادر المعلومات الذي طالما زودها بالادلة المطلوبة لاثبات «ارهابية» الحزب امام دول العالم.
ويرى «مركز أبحاث الأمن القومي – الاسرائيلي» أن النجاحات التي حققها «حزب الله» في الكشف عن شبكة التجسس الأخيرة وغيرها في الماضي، تعود بشكل خاص إلى قيامه بتشكيل وحدة متخصصة في مجال مكافحة التجسس بمساعدة الجمهورية الاسلامية الايرانية منذ مطلع العام 2000، تعمل بسرية تامة وبتنسيق كامل مع المخابرات الايرانية، التي زودتها بمساعدات تقنية وأمنية ذات قيمة، لتمكينها من الكشف عن عمليات التجسس بهدف منع تدفق المعلومات الاستخبارية، بحسب دراسة أعدّها مركز التقدير الاستراتيجي في إسرائيل. اذ اعتبر معدّا الدراسة، يورام شفايتسر وبنديتا بريتي، أن «نجاح حزب الله تحديداً في الكشف عن العميل محمد شوربة، يمثل انتصاراً ميدانياً للحزب في مجال مكافحة التجسس، ويدل على قوة الحزب وفاعليته في المسّ بمنظومات جمع المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية».
ويؤكد شفايتسر وبريتي، في الورقة التي نُشرت في العدد الأخير من مجلة «مباط عال»، الصادرة عن المركز، أن «تمكّن الحزب من الكشف عن شوربة، يعني المسّ بقدرة إسرائيل على إحباط العمليات التي يخطط الحزب لتنفيذها في المستقبل».
وتذكر تقارير اسرائىلية أن الأجهزة الاستخبارية التي تعنى بتجنيد العملاء داخل لبنان، تنحصر في جهاز «الموساد»، ووحدة «العملاء والأسرى»، التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان»، وهي الوحدة المعروفة بـ«وحدة 504». ولما كان «الموساد» مسؤولاً عن جمع المعلومات الاستخبارية عن جميع الأهداف التي تعني إسرائيل في العالم، فإن «وحدة 504» تعنى بجمع المعلومات الاستخبارية وتجنيد العملاء في المناطق العربية الحدودية المتاخمة لفلسطين المحتلة، مثل جنوب لبنان، والجولان السوري، والأردن، وسيناء المصرية، إلى جانب بعض المناطق في الضفة الغربية وقطاع غزة.
يقول المراسل العسكري في القناة العاشرة الإسرائيلية، أورن هيلر، إن «الكشف عن عملاء على هذا المستوى، يقلّص من قدرة إسرائيل على محاربة حزب الله سياسياً، ويحدّ من إمكانيات نزع الشرعية عنه في المحافل الدولية». فيما يبدي هيلر اعتقاده بأن عملاء يحتلون مواقع مهمة في «حزب الله» يفترض أنهم ساعدوا إسرائيل في الحصول على معلومات مكّنت من إقناع الاتحاد الأوروبي بالإقدام على خطوته ضد «حزب الله»، مشيرا إلى أنه «في إطار حرب العقول الاستخبارية بين الجانبين، فقد حرص حزب الله على تقليص تداعيات أي اختراقات، من خلال توفير طبقة وقاية ثانية، تمثّلت في تطوير وسائل الحماية والتأمين الهادفة إلى تقليص قدرة العملاء، الذين يمكن أن يندسوا في التنظيم، على المسّ بقياداته ومرافقه الحيوية». ويتوقع هيلر لجوء الأجهزة الاستخبارية الإسرائيلية إلى توسيع تعاونها مع أجهزة استخبارية عالمية، للمساعدة في تعقّب أنشطة «حزب الله» وعناصره.