IMLebanon

هَكذا ينظر الملك سلمان إلى لبنان

يُجمع سياسيّون لبنانيّون كثيرون على أنّ لبنان سيحظى باهتمام كبير لدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ويكون امتداداً إضافياً لاهتمام الملك الراحل عبدالله بن عبد العزيز، وكانت آخر تجلّياته هبة المليارات الاربعة من الدولارات دعماً للقوات المسلحة اللبنانية.

يقول بعض هؤلاء السياسيين انّ اهتمام الملك سلمان قد يفوق اهتمام سلفه، لأنه تربطه بلبنان علاقة تاريخية مميزة حيث انّ له فيه صداقات قديمة تشمل كل شرائح المجتمع اللبناني، وكان يصفه بعض أصدقائه يوم كان اميراً بـ«أمير اللبنانية الزائدة»، وهذه الصفة ستنسحب عليه مع تولّيه العرش الملكي، ليصبح «ملك اللبنانية الرائدة».

والسياسيون المخضرمون الذين تربطهم صداقة بالملك سلمان يتوقعون ان يحظى لبنان لديه بمرتبة اهتمام خاصة، فهو أحبّ هذا البلد منذ ايام الشباب ككثير من أشقائه الملوك والامراء، ويدرك عن ظهر قلب كُنه الصيغة اللبنانية وتعقيداتها إدراكه كُنه الحياة السياسية وحلاواتها ومراراتها في بلد الارز، وكذلك يدرك أسس العلاقة التاريخية التي تربط بين المملكة ولبنان منذ ايام والده الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود الذي كان محاطاً بمجموعة من الشخصيات اللبنانية التي ساهمت معه في نسج هذه العلاقة وكانت معاونة له في تأسيس المملكة من أمين الريحاني اديب الفريكة الذي أرّخ للمملكة ومؤسسها عام 1925، الى الحاج حسين العويني وغيرهما من اللبنانيين الذين عملوا في الديار السعودية منذ ما قبل الاستقلال.

ويقول احد هؤلاء السياسيين المخضرمين عن الملك سلمان انه يتّصف في تعاطيه مع لبنان بميزتين: الاولى انه رجل حكيم وعاقل وهادئ ومدرك ويتعاطى بحكمة كبيرة في شؤون لبنان.

والثانية انه عاش قضاياه ولا يزال عن قرب، الى درجة انه كان يتابع الانتخابات النيابية في كل دوراتها نتيجة حرصه على صيغة العيش المشترك في لبنان، وله في لبنان اصدقاء من كل الطوائف والشرائح والمستويات، ما يتيح له بعد تولّيه العرش إطلاق مبادرات سياسية فاعلة تساعد على حل الازمة الداخلية وتمكّن لبنان من استعادة موقعه ودوره في محيطه، خصوصاً اذا جاءت هذه المبادرات في ظل ظروف اقليمية مساعدة.

على أنّ الملك سلمان معجب جداً بالطموح اللبناني وقد عبّر عن هذا الإعجاب عام 2003، فهو كان يومها أميراً للرياض إذ تحدث في افتتاح الملتقى الاقتصادي السعودي – اللبناني، وكان الى جانبه الرئيس الراحل رفيق الحريري، باغتباط عن نجاح اللبناني في المملكة، فقال يومذاك: «انّ اللبناني طموح وهو في الواقع مثال الطموح. اللبناني دائماً لا يقول عَجزت، أو لا أستطيع، بل يقول «بجَرِّب» بتعبير اللبنانيين… وهذا اللبناني جَرّب في كل المجالات ونجح».

وقدّم الحاج حسين العويني مثالاً حيث «كان تاجراً في جدة، وبدأت علاقته بالملك عبد العزيز عند توحيد المملكة ودخول مكة وجدة، نجح هذا الرجل وانتقل الى لبنان وأصبح دولة الرئيس حسين العويني، وهنا أجد بجانبي مثالاً طيباً جداً على الطموح اللبناني يتمثّل في رفيق الحريري».

روى الملك سلمان يومها ايضاً انّ علاقة لبنان بالمملكة قديمة منذ ايام الملك المؤسس وكان امين الريحاني اديب الفريكة اوّل الذين التقوه وأرّخ تاريخ المملكة ومؤسسها، ثم كانت العلاقة المتينة بين الملك المؤسس والعويني الذي أدّى وساطة معينة يومها، فيما عمل فؤاد حمزة مستشاراً للملك وجميل بارودي مندوباً للمملكة في الامم المتحدة.

وخلص الملك سلمان من ذلك ليؤكد أنّ علاقة لبنان بالمملكة بدأت مع الرعيل الاول من جيل الاستقلال، مع الشيخ بشارة الخوري ورياض الصلح واحمد الاسعد والامير مجيد ارسلان وبقية الزعماء الذين قادوا هذا البلد، ثم إستذكر ايام الحرب اللبنانية، فقال: «كنت ارى كل الطوائف اللبنانية هنا، فتحت المملكة صدرها لجميع اللبنانيين بكل طوائفهم وفئاتهم، وكان يزورني أحياناً بعض الاخوان اللبنانيين في مكتبي لشيء من شؤونهم، ومن قبيل المزاح كنت أقول لهم: في إمكانكم بهذا الوفد ان تشكلوا نظاماً لبنانياً كاملاً من رئيس الجمهورية الى الحكومة، لأنهم جميعاً كانوا يمثّلون لبنان في الواقع».

يوم كان لبنان غارقاً في الحروب كان الذين يزورون أمير الرياض ينقلون عنه تحسّره على ما آلت إليه الأوضاع في لبنان «الذي فقد عذريّته وجماله الأخّاذ المرتبط بأصالته وبساطته، وانتهى مختطفاً يدور في دواليب السياسة أكثر ممّا ينبغي، حتى لم يعد ذلك المكان الذي يأسرك هواه وطيبة أهله وجمال أشجار الأرز فيه، بل سيطرت عليه طواحين الطائفية وخبز الأحزاب السياسية». أمّا اليوم، وبعد تولّيه العرش، فإنه أكّد لرئيس مجلس النواب نبيه بري انّ لبنان سيكون موجوداً في قلبه مثلما كان في قلب الملك عبدالله.

ويبدو انّ نظرته الى العلاقة مع لبنان ما تزال كما عبّر عنها عام 2003: «المملكة ولبنان شقيقان، ويجب ان يكونا نموذجاً للعلاقات العربية ـ العربية ونحن نحترم لبنان وكل رجاله (…) حتى مَن نختلف في الرأي معه نحن نقدّره ونحترمه ونحترم رأيه، وهم قليلون في لبنان… لكن أقول هذا حتى يكون مفهوماً انّ المملكة ليست لفئات أو أخرى من لبنان، بل هي لكل لبنان…».