قاسم: مع الانتخابات.. بمعزل عن القانون والرئاسة
هكذا نام ميشال عون ليلة 8 آب.. رئيساً
في منطق «حزب الله» لا يستوي الحديث عن الأزمة اللبنانية الآخذة في الاتساع شللاً، إلا من البوابة السورية التي دخلها «متأخراً سنتين». لا حاجة للربط بالموقف بين الساحتين ومصيرَيْهما، لكن «بازل» الصراع الإقليمي يجعل من ساحات الاشتباك متداخلة ببعضها البعض ومترابطة، لأن المطلوب غربياً هو «محاولة جديدة لرسم شرق أوسط جديد».
هكذا يُنهي نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم في لقاء مع مجموعة صحافيين، قراءته للحرب الدائرة على الأرض السورية والتي تشارك فيها أكثر من 85 دولة، بالجزم أنّ لا حل سياسياً في المدى المنظور وكل الأمور مؤجلة الى ما بعد الانتخابات الأميركية، مشيراً الى أنّ الخطوات التفاهمية بين موسكو وواشنطن جزئية وموضعية محدودة لا تصل الى مستوى التمهيد لاتفاق سياسي شامل.
فالاتفاق الروسي الأميركي يهدف وفق مقاربة الضاحية الجنوبية، الى وقف الأعمال العدائية بين الدولة السورية والمجموعات التي تسمّى بالمعتدلة لتكون النصرة وداعش هدفاً للعمليات العسكرية المشتركة بين واشنطن وموسكو، غير أنّ آلية التطبيق لا تزال مدار نقاش. ويؤكد قاسم أنّ الحزب مرتاح لما يقوم به وللإنجازات التي حققها، خصوصاً أنّ «مشروع الشرق الأوسط الجديد قد انكسر».
وأشار الى أنّ حصار حلب خطوة مهمة جداً في سياق الصراع العسكري وإن كان دخول المدينة ليس مطروحاً في هذه المرحلة، لافتاً الى أنّ العلاقات الروسية التركية لا تزال في بدايتها، وقد تكون هناك قناعات مشتركة، لكنها لم تتحوّل الى اتفاق.
وفق قراءة «حزب الله» لمسار الأدوار الإقليمية في الحرب السورية، فإنّ السعودية لا تزال داعمة لبعض المجموعات المسلحة وهي ترفض أي حلّ سياسي مع بشار الأسد، ودورها أسوأ من الدور الأميركي كما يقول قاسم، جازماً بأنّ الرياض أصيبت بالكثير من الانتكاسات العسكرية على الأرض السورية، كما الدور التركي الذي تعرّض لتراجعات عدّة وقد تقلصت طموحات القيادة التركية منذ بدء الحرب وحتى يومنا هذا.
بالنتيجة «حزب الله» باقٍ قي سوريا طالما أنّ هناك حاجة له، «فيما أثبت الأسد أنه الى جانب المقاومة في كل المحطات وفي كل التفاصيل، ولذا نطالب ببقاء سوريا موحدة برئاسته، لأنه ركيزة بقاء النظام»، وفق معادلة الضاحية الجنوبية.
إذاً، الأفق في سوريا لا يزال مسدوداً، واستطراداً لا يزال مقفلاً في لبنان. لا يقولها قاسم بالحرف الواحد لكن المؤشرات واضحة. يخلص في حديثه عن الأزمة اللبنانية الى الإشارة بشكل واضح الى أنّ الرئاسة عالقة في خرم الإبرة، ولا مؤشرات توحي بخروجها في المدى المنظور.
المسألة بالنسبة لهذا الفريق تُختصر على الشكل الآتي: العماد ميشال عون مرشح «حزب الله» لكونه الأكثر جدارة بهذا الموقع لاعتبارات عدة، وطالما أنّ الرجل لم يتخلّ عن ترشيحه، ولن يفعلها. وإذا ما قرّر سعد الحريري النزول الى مجلس النواب لانتخابه فستلاقيه «كتلة الوفاء للمقاومة» لوضع اسم الجنرال في الصندوقة. أما اذا كان هذا السيناريو غير مؤهل للتنفيذ، فإنّ الفراغ باق، باق، باق في بعبدا.
يكشف نائب الأمين العام لـ «حزب الله» عن الجولة الثانية من المفاوضات التي أجراها «تيار المستقبل» مع «التيار الوطني الحر»، بعدما انتهت الجولة الأولى برفض سعودي عبّر عنه وزير الخارجية يومذاك سعود الفصيل، حيث بلغ الفريقان المتحاوران، في جولتهما المتجددة، مطارح لم يبسق أن وصلاها… والجديد هو أنّهما خرجا راضيين عن كل النقاط التي تمّ بحثها.
ويؤكد قاسم أنّ الطرفين تطرّقا الى كل النقاط الخلافية المدرجة على جدول الأعمال، لدرجة أنهما حدّدا تاريخ الثامن من آب لانتخاب رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» رئيساً للجمهورية. وإذ بالأمور تعود فجأة الى نقطة الصفر. تفسير «حزب الله» لهذا التراجع واحد: ابحث عن السعودية. لا مانع آخر قادر على وضع العصي بالدولاب. لا السنيورة ولا البقلاوة!
يرفض قاسم الاتهامات التي يسوقها الفريق الآخر لتحميل «حزب الله» مسؤولية التعطيل، ويؤكد أنّ الحزب جاهز لانتخاب حليفه في أي لحظة يحصل فيها التوافق السياسي، «حتى الرئيس نبيه بري سيتعاون في ذلك»، مع أنه يؤكد أنّه لا يمارس الضغط على حلفائه وإنما يحاول التفاهم معهم وإقناعهم.
يشير إلى أنّ ثمة رؤية استراتيجية ومبادئ أساسية تجمع «حزب الله» بحلفائه، وهذا أمر ثابت، وإذا حصلت تباينات حول بعض التفاصيل، فهذا لا يعني أنّ هناك خصومة أو أزمة في العلاقة. التواصل قائم ومحاولات تقريب وجهات النظر لا تتوقف.
ولمزيد من الإثباتات على أنّ الحزب يلعب دوراً مسهّلاً، يدعو نائب الأمين العام الى عدم التلهّي بالسجال حول سلّة التفاهمات بين مطالِب بها ورافض لها، ويقول: فلنبدأ من مكان ما، الرئاسة أو قانون الانتخابات وليحصل تفاهم موضعي. وقد يكون هذا التفاهم مدخلاً لتفاهم أوسع. ولكن لا بدّ من فتح ثغرة، وإذا كانت هذه الثغرة في قصر بعبدا فستكون بداية جيدة.
ويكمل، ليقدّم إثباتاً جديداً على «إيجابية» الحزب: نحن مع اتفاق «الطائف» ولا ندعو أبداً الى عقد مؤتمر تأسيسي، ومَن يريد ذلك عليه إقناع الآخرين بالجلوس الى طاولة المؤتمر. «وثيقة الوفاق الوطني» هي الحدّ الأدنى المعنوي والدستوري الضابط للإيقاع، وإن كانت النتيجة ضعيفة ومُزلزلة، كما يرى قاسم. ولكن هذا لا يعني أبداً استبدالها ولا مشروع لدى «حزب الله» لتعديلها أو تغييرها.
أما بالنسبة للتهديد العوني بالتصعيد المتدحرج، فيؤكد أنّ لكل فريقه أسلوبه في التعبير عن وجهة نظره، مشيراً الى أنّ الحزب يرغب في استمرار الحكومة واستعادة مجلس النواب نشاطه ووضع قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية، ولكن هذه الرغبات تتوقف على مدى تجاوب الآخرين.
ويختم بالتأكيد أنّ الحزب «لم يقرّش انتصاره على إسرائيل في الداخل اللبناني، ولن يفعلها اليوم ربطاً بالتطورات السورية»، نافياً وجود مؤشرات جدية على أن هناك انتخابات رئاسية قريبة، مشيراً الى أن الحزب يدرس موقفه من مسألة التعطيل الحكومي. كما جزم أنه «سيرفض التمديد مرة جديدة لمجلس النواب، وإذا بلغنا المواعيد الدستورية فسنحترم الاستحقاق بمعزل عن ماهية قانون الانتخاب»، وعن مصير الرئاسة الأولى، وعن مصير الحكومة «لأنها أصلاً قد تتحوّل الى حكومة تصريف أعمال!».