IMLebanon

هكذا برّرت موسكو وواشنطن عملية شبعا

كشف تقرير ديبلوماسي ورد من الأمم المتحدة عن مواجهة صامتة شهدتها أروقة مجلس الأمن بين باريس من جهة وموسكو وواشنطن من جهة أخرى، إبّان «عملية شبعا» بعدما سعى الفرنسيون الى إدانة «حزب الله»، الأمر الذي رفضه الطرفان على السواء. فما هي الطروحات المتبادَلة؟ وما هو جديدها؟

قال التقرير إنّ الديبلوماسية الفرنسية كانت الأسرع في التحرّك في اتجاه مجلس الأمن الدولي عقب «عملية شبعا»، بالتنسيق مع الأمين العام للأمم المتحدة الذي طلب الى ممثله في بيروت التحرك في أيّ اتجاه لضبط الوضع.

فتحرّك يومها في اتجاه رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي وفر له قناة اتصال مع السفارة الإيرانية في بيروت، فزارها الموفد الدولي متوسطاً إيران لضبط الوضع ومنع تفاقم العمليات العسكرية في حينه بهدف عدم توسيع نطاق المواجهة مع إسرائيل.

وعلى هذا الأساس، خاطب مندوب فرنسا في مجلس الأمن اعضاء المجلس لافتاً إلى أنّ «حزب الله» خرق القرارات الدولية في مزارع شبعا خصوصاً القرار 1701 باعتبار أنّ المجموعة المسلَّحة التي هاجمت الدورية الإسرائيلية انطلقت من منطقة انتشار «اليونيفيل» جنوبي نهر الليطاني بعد أيام على خرق الحزب المنطقة العازلة في الجولان السوري بإطلاق صاروخين في اتجاه المواقع الإسرائيلية في الجولان المحتلّ، عقب الغارة الإسرائيلية على القنيطرة.

وحمّل الطرح الفرنسي «حزب الله» مسؤوليةَ ما حدث والتسبّب بمزيد من المخاطر بمهمة القوات الدولية في الجنوب، والتوتر الذي ساد بعدما قصفت المدفعية الإسرائيلية المنطقة التي انطلق منها القصف على مزارع شبعا، ما أدّى الى استشهاد أحد عناصر الكتيبة الإسبانية.

وفي هذه الأثناء وتزامناً مع الإتصالات التي أجراها المندوب الفرنسي في مجلس الأمن مع نظيريه الروسي والأميركي، كان السفير الفرنسي في بيروت باتريس باولي على اتصال بالرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة اللذين فتحا خطوط الإتصال مع سفير لبنان لدى الأمم المتحدة نواف سلام بغية السعي لتجنيب لبنان مزيد من الخضات بعدما إستذكر الجميع الساعات التي سبقت خطف العسكريين الإسرائيليين في 12 تموز، والتي أدّت الى حرب تموز 2006 وانتهت بالقرار 1701.

وعلى وقع الاتصالات، كانت الدبلوماسيتان الأميركية والروسية على تنسيق مباشر في مواجهة المشروع الفرنسي وسط رغبة بعدم السماح للفرنسيين بإمرار مشروعهم، فكانت لهما قراءة تناقضت مع القراءة الفرنسية، تزامناً مع تبلّغ الإدارة الأميركية بأنه ليس لدى اسرائيل النية في التصعيد أيّاً كانت النتائج المترتبة على العملية وأنّ ما حدث لا يمكن اعتباره شبيهاً بالأيام التي سبقت حرب تموز، فالظروف التي تمرّ بها الأزمة السورية لا تسمح بالتصعيد على جبهات أخرى.

وهو ما تلاقى مع ضمانات نالتها موسكو بأنّ «حزب الله» ليس في وارد التصعيد وأنّ الرد في منطقة المزارع تحديداً هو لتأكيد احترام الجميع مقتضيات القرار 1701 وأنّ المزارع منطقة معزولة عن أحكام القرار الدولي باعتبارها أراضي لبنانية محتلَة ولم يشملها الخط الأزرق بعد.

وأمام حجم الضمانات التي تبلّغها الجانبان الروسي والأميركي، كان القرار بأنّ المضي في المشروع الفرنسي ليس في أوانه، وأنّ «حزب الله» استخدم أراضي سورية للرد على عملية إسرائيلية استهدفته والإيرانيين في منطقة القنيطرة السورية.

ورفضت الديبلوماسيتان الروسية والأميركية اعتبار المزارع أراضي لبنانية، فهي برأيهما ما زالت اراضي سورية متنازعاً عليها بين اسرائيل وسوريا، وأنّ الإدارة السورية لم تزوّد الجانب الأممي بالوثائق التي تضمن لبنانية المزارع.

ولذلك فقد بقيت هذه المناطق في العرف والمفهوم الدوليين أراضي سورية توقف البحث في مصيرها عند إصرار السوريين على استعادة الأراضي المحتلة قبل حرب 1967.

وهي بالتالي تقع تحت أحكام القرارين الدوليَين 338 و242 اللذين ما زالا في صلب وجدول أعمال مفاوضات السلام المعلَّقة بين اسرائيل وسوريا منذ سنوات. بالإضافة الى شمولها في مهمة المراقبين الدوليين «الأوندوف» العاملين في المنطقة العازلة بين الدولتين كما رسمت منذ العام 1974.

وعلى هذه الأسس كان التفاهم على ضبط الوضع في الجنوب ومزارع شبعا وتعهدت إسرائيل و«حزب الله»، ومعهما القوى التي تدعمهما، ضمان عودة الإستقرار الى المنطقة، فصرف النظر عن مشروع الإدانة الفرنسية وقيل يومها إنّ واشنطن سعت الى تقليص الملفات العالقة في حوارها مع طهران فيما سارعت موسكو الى توفير فتح جبهة جديدة قد يدفع النظام السوري ثمناً باهظاً لها، وليس أوانه.