IMLebanon

هكذا أعاد خاطفو العسكريِّين «النظام السوري» الى قلب المفاوضات

توقفت مراجع ديبلوماسية وسياسية أمام الفرز الجديد الذي أعطاه المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم لمطالب الخاطفين وهويّتهم. فلَفَتهم تصنيفه بين مسلّحي القلمون من جهة والداخل السوري من جهة أخرى، واعتباره بعض المطالب تعجيزياً والبعض الآخر معقولاً. فما الذي يعنيه هذا التصنيف؟

دخلت قضية المخطوفين العسكريين محطة جديدة بمجرّد الإعلان عن بدء الوساطة القطرية – التركية التي أنتَجتها زيارة رئيس الحكومة تمام سلام الى الدوحة ومن بعده الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، والتي ترافقت مع أولى الاجتماعات العلنية للأطراف الثلاثة المعنية بالملف، والتي عقدت أمس في الدوحة وضمَّت اللواء ابراهيم ورئيس جهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان، الذي يرافق اردوغان في زيارته، ورئيس جهاز أمن الدولة القطري غانم الكبيسي.

قبل الدخول في التفاصيل التي عرضت خلال اللقاء الثلاثي، كانت الصورة المحيطة بأزمة المخطوفين قد تبلورت في جوانب عدة منها في الشكل والمضمون، وبدأت ترتسم خريطة مواقع القوى الخاطفة وأدوارها وحجمها ومدى التنسيق القائم بينها.

فبدأت تظهر معالم توزيع أدوار تَوسَّعَ ليضمّ جهات من طرفي النزاع الموجودين في الأراضي اللبنانية في جرود عرسال وصولاً الى منطقة القلمون في الداخل السوري التي استعاد مسلّحو المعارضة من الخاطفين مواقع جديدة لهم فيها، على حساب مقاتلي الجيش السوري النظامي و»حزب الله».

وفي المعلومات المتداولة أنّ توزيع الأدوار الذي انطلق فور الفوز بالعسكريين الرهائن ونقلهم الى جرود عرسال والقلمون السورية، بات أوضح بفِعل التناغم بين طرح المطالب والتوسّع فيها تدريجياً تزامناً مع التهديدات الأميركية بتشكيل الحلف الدولي لمواجهة «داعش» في العراق وسوريا، بعد «جبهة النصرة» التي وضعها قبل غيرها من المنظمات الإرهابية تحت مجهر المنظمات الإرهابية الواجب مواجهتها وتجفيف منابع تمويلها مادياً وعسكرياً وسياسياً قبل صدور القرار 2107 الذي وضع «داعش» بفروعها كافة من العراق الى سوريا، وحيثما وجدت في الأراضي السورية أو اللبنانية والعراقية، على اللائحة نفسها.

وتقول المعلومات نفسها إنّ توزيع الأدوار قد رَسا على تعدد أشكال المطالب وتنوّعها بين فترة وأخرى. وبعدما كانت المطالب محصورة بالأزمة اللبنانية على خلفية الإفراج عن موقوفين إسلاميين في سجن رومية وحماية مخيمات النازحين السوريين وإطلاق مجموعة من الموقوفين نتيجة العمليات العسكرية في عرسال وحماية الجرحى منهم، توسّع بيكارها في الساعات الماضية ليعيد الى الأذهان جزءاً من مكوّنات عمليتي اعزاز وراهبات معلولا اللتين حصلتا بين هذه المنظمات والنظام السوري، فدخلت لائحة جديدة من المطالب تتّصل بالإفراج عن مئات الموقوفين في السجون السورية من قادة المجموعات المسلحة ومعارضين سوريين ومن مناطق متعددة من سوريا.

ويَعزو العارفون هذا التطور الى الشراكة الجديدة التي نشأت بين مسلحي الداخل السوري والقلمون، وذلك فور الموافقة التركية والقطرية على بدء المفاوضات على أساس أن تفاوض قطر «النصرة وأخواتها» من الفصائل السورية المتعاونة معها، لتنحصر مهمة الوسيط التركي بـ»داعش» وأخواتها.

وعلى هذه الخلفيات كان التصنيف بين المطالب الممكنة والتعجيزية، فالأولى يمكن أن تنسحب على موقوفي الداخل السوري، أمّا الثانية فهي التي تتحدث عن موقوفي سجن رومية أو أولئك الذين تورّطوا في تجهيز سيارات مفخخة وانتحاريّيها، كما بالنسبة الى منفّذي جرائم الإعتداء على الجيش اللبناني من طرابلس الى البداوي وصولاً الى عبرا ومناطق أخرى من لبنان.

وبناء على ما تقدم، يبدو أنّ العملية طويلة ومعقدة، لكنّ سؤالاً يمكن طرحه، وفيه: هل يمكن أن يرضى الخاطفون بحصّة من السجون السورية بدلاً من سجن رومية، طالما أنه وفي الحالين، الترضية المالية موجودة ومتيسّرة؟