10 خلايا نائمة لاستهداف مخابرات الجيش والحريري وحمود وضاهر
هكذا أعاد الأسيريون جمع شملهم وتسلّحوا بعد معارك عبرا
أكثر من عام ونصف العام، كان فيها عناصر «فلول أحمد الأسير» يسرحون ويمرحون في صيدا. العقل المدبّر لنشاطات لمّ الشمل كان المتواري شاهين سليمان (1982/ صيدا). «أبو حديد» عمل بجهدٍ على إعادة التواصل مع كلّ من كان يتردّد إلى «مسجد بلال بن رباح» ولم تلق القوى الأمنية القبض عليه بعد معارك عبرا في حزيران العام 2013، على اعتبار أنّ بعضهم لم يشارك فيها.
توجه سليمان إلى منازل أو مراكز عمل كلّ شخص يحتمل تأييده للأسير والقيام بأعمال أمنيّة، وحتى أنّه كان يلتقي بعضهم داخل مساجد المدينة. وكانت سياسته تقضي بجسّ نبض الشخص المعنيّ ثم إسماعه كلمات صوتيّة حديثة للأسير قبل أن يؤكد له «وجوب الجهاد ضدّ الجيش وحزب الله» ثم يعرض عليه الانضواء في المجموعات السريّة. وفي حال وجد قبولاً لدى الشخص يقوم بتسليمه شرائح خلويّة ويزوّده بكلمة سرّ تفيد بضرورة اللقاء.
قالها سليمان بالفمّ الملآن أمام «تلامذة الشيخ»: «العمل سيكون على طريقة العصابات». ولذلك، طبع عمل سليمان بسريّة وحرفيّة عالية بالتعاون مع عدد من القيادات الفاعلة السابقة في المسجد، أمثال الشيخ عثمان حنيني الذي نظّم عدداً من المسيرات والاعتصامات لأهالي موقوفي عبرا.
وكانت آلية العمل تتركز على إنشاء حوالي عشر خلايا «عنقودية» في معظمها (لا يعرف أعضاء الخلية الأولى زملاءهم في الخلية الثانية)، تضم كل واحدة منها حوالي الثلاثة أعضاء، وتجتمع كلّ واحدة منها على حدة بالقيادات الأساسيّة للأسير، أو حتى بالأسير نفسه حينما مكث في منزل أحد المطلوبين في صيدا بعد هروبه من بحنين. فيما التواصل بين أفراد الخلية الواحدة يكون عبر أرقام هواتف أمنية (غير مسجلة باسم أحد) مخصصة لإجراء الاتصال في ما بينهم فقط، (أي يُمنع هؤلاء من الاتصال بشخص غير تابع للمجموعة من هذا الرقم). ويفضّل هؤلاء شراء هواتف قديمة (مثل نوكيا فانوس)، وتسجيل أسماء أفراد المجموعة بأسماء وهميّة كـ«جورج» و«بول» و«علي».
أما قياديو التنظيم واستنهاض المجموعات، كسليمان ومعتصم قدورة وفؤاد أبو غزالة الملقّب بـ «نديم»، فإنهم يعتمدون في أغلب الأحيان على استخدام الهواتف الأرضية، ولا سيما «تلكارت»، للتواصل مع رؤساء المجموعات وأفرادها.
لائحة الاستهداف: الحريري وحمود
وضع القياديون أهدافاً محددة لعودتهم القوية إلى الساحة، كمراكز للجيش واغتيال شخصيات سياسية ودينية، وخصوصاً تلك التي تنتمي إلى «حزب الله» و«سرايا المقاومة».
واعترف موقوفون مدَّعى عليهم في هذه القضية أنهم كانوا يريدون استهداف النائبة بهية الحريري (كان لافتاً ورود اسم الحريري كمستهدفة في مقدمة القرار الظني الصادر عن قاضية التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا، ولم يتكرّر في معرض إفادات الموقوفين أو مطالعة مفوض الحكومة المعاون القاضي كمال نصار)، الشيخ ماهر حمود، مسؤول «حزب الله» في صيدا الشيخ زيد ضاهر، ومسؤول منطقة عبرا وشرق صيدا في «حزب الله» الشيخ رامي قطيش.
وكان المخطّط لاستهداف قطيش محكم من خلال تكليف ثلاث مجموعات: الأولى لمراقبته وإرسال كلمة «أوكي» ما إن يصل هو وعدد من الأفراد التابعين لـ«سرايا المقاومة» (مثل محمد ص. وأبو ع.) إلى أحد المقاهي في صيدا، ومجموعة ثانية لضرب المقهى، والثالثة تكون مهمتهما ضرب آلية الجيش القريبة إذا ما اقتربت من المقهى عبر صاروخ «لاو».
وكان ينوي هؤلاء أيضاً استهداف «مجمع الزهراء» (كلّف سليمان م. ج. تنفيذ العملية)، وبنك «صادرات إيران» الموجود بالقرب من ساحة الشهداء في صيدا ومحل أسلحة صيد في القلعة البرية الذي تعود ملكيته إلى مسؤول في «حزب الله»، وذلك عبر عبوات ناسفة. فيما كان ينوي هؤلاء استهداف محل للأحذية قي سوق صيدا صاحبه مسؤول في «حزب الله» بإطلاق النار عليه أو برمي رمانتين يدويتين داخل المحل.
كما ورد في اعترافات الموقوفين أنهم كانوا يريدون اغتيال مسؤولين في «التنظيم الشعبي الناصري» بهدف إشعال الفتنة بين «التنظيم» و«حزب الله»، بالإضافة إلى استهداف سيارات مدنيين متوجهة إلى الجنوب. كما أن عدداً من مسؤولي «حزب الله» و»سرايا المقاومة» قد وُضعوا على لائحة الاستهداف، كـ: رشاد م. وشقيقته الإعلامية في إحدى القنوات العربية، أشخاص مقيمين في منطقة الشرحبيل وهم سامر غ. وفادي ح. وشخص من آل الترياقي، أبو ع. وهو صاحب سيارة أجرة، محمد ومحمود م.، صهيب ج. وعلي ق. وأشخاص من آل الجعيتلي.
وبرغم أن الأسيريين قد حددوا الساعة صفر لعدد من هذه العمليات مستعينين بمراقبة وجمع المعلومات وصور جوية لمدينة صيدا ومحيطها، بالإضافة إلى الانتهاء من التخطيط لطريقة استهداف الشخصيات أو المراكز وتحديد هوية المسؤولين عن تنفيذ هذه العمليات وتسليمهم الأسلحة والذخائر والعبوات اللازمة، إلا أن المسؤولين كانوا يعمدون إلى إلغائها في الدقائق الأخيرة بسبب الإجراءات الأمنية المكثفة للجيش اللبناني أو لأسباب يجهلها المنفذون.
التخطيط لاستهداف مركز المخابرات
في أواخر تشرين الأوّل 2014 مثلاً، كان من المفترض أن يقوم عبد الرحمن ح. (1990/ حي السبيل) الملقّب بـ «أبو هاجر» و «أبو ماريا» ومعروف ح. (1990/ صيدا) الملقّب بـ «أبو الفضل» اللذين كانا منضويين في مجموعة يترأسها أبو غزالة، باستهداف مركز مخابرات الجيش في ميناء صيدا بقذائف وصواريخ «لاو»، وذلك بعد أن استلموا الأسلحة والذخائر اللازمة من سليمان وخضعوا لتدريبات عسكرية على كيفية استخدامها من شخص من آل السوسي ملقّب بـ«أبو حمزة».
وفي 25 تشرين الأوّل 2014، تلقّى عبد الرحمن ومعروف اتصالاً من رئيس المجموعة يطلب منهما التحضّر وانتظاره لمعاودة الاتصال للتحرّك (استهداف مركز الجيش)، قبل أن يعاود الاتصال بهما بعد أقلّ من 4 ساعات ليعلمهما أنّ العمل قد ألغي.
هذا العمل تحديداً كان يعرف به أحد الموقوفين في سجن رومية وهو فايز عثمان، الذي تواصل من مكان توقيفه عبر «واتس أب» بصديقه عبد الرحمن، متسائلاً عن سبب تأخير تنفيذ العمل الأمني وما إذا كان الأمر مرتبطاً بصعوبة تأمين الأسلحة، فأجابه الأخير أنّ «أبو حديد» سبق أن زوّده بسلاح وذخائر وأنّ العبوات متوافرة بشكل كبير ويؤمنها «أبو حديد»، مشيراً إلى أنّ الأوامر أتتهم بعدم تنفيذ العمليّة. فطلب منه عثمان تنفيذ العمل بنفسه ومخالفة الأوامر «لتخفيف الضغط على المسلّحين في طرابلس».
وعثمان، يُعدّ من المقربين من أحمد سليم ميقاتي الملقّب بـ«أبو الهدى»، وقد تمّ إلقاء القبض عليه مع ابن ميقاتي عمر الملقّب بـ«أبو هريرة». وكان عثمان قد عرّف صديقه عبد الرحمن على «شيخه» في رمضان الـ2014 في بلدة بقاعصفرين، قبل أن يعاود عبد الرحمن زيارة «أبو الهدى» في عيد الفطر في بلدة عاصون بعد أن أقلّه إليها «أبو هريرة» على متن دراجة ناريّة. وهناك أخبره ميقاتي أنّه بصدد التخطيط لإنشاء مربّع أمني مؤّلف من أربع قرى في الضنيّة ستكون ملاذا آمناً للمطلوبين وأنّه سينفّذ هجوماً على مواقع ومراكز للجيش اللبناني للاستيلاء على المنطقة، عارضاً عليه الالتحاق به وتأمين شبّان لهذه الغاية.
وبالفعل، ما إن عاد عبد الرحمن إلى صيدا حتى تواصل مع معروف وشخص آخر من أتباع الأسير هو عاصم ح. (1990/ صيدا)، وذهبوا جميعاً إلى الضنية للقاء «أبو الهدى»، فأخبروه عن انتمائهم إلى مجموعة تحضّر لعدد من أعمال أمنية في صيدا وأبلغوه أنّهم يفضلون العمل في صيدا.
هذه هي الخلايا النائمة
ويبدو أن القيادات الأسيريّة، وخصوصاً سليمان، قد ركّزوا أن لا تكون الخلايا النائمة مؤلّفة من أكثر من 3 أفراد مكلّفة بمهمّات محدّدة، ويلتقيها سليمان وعثمان حنيني على حدة. فيما نال بعضهم أيضاً، وكلّ على حدة، «فرصة» لقاء الأسير في منزل علاء م.
وكانت المجموعات مؤلفة على الشكل التالي:
ـ الخلية الأوّلى التي كانت استثناءً بعدد أعضائها، يرأسها الفلسطيني أبو غزالة (مواليد 1980) ويعاونه ابن شقيقته عمر ر. (مواليد 1995، والذي يعتقد أنّه قضى مؤخراً في معارك سوريا أثناء قتاله إلى جانب تنظيم داعش)، ومكوّنة من: معروف ح. وعبد الرحمن ح. عاصم ح. وشقيقه عبد الرحمن ح. (1997/ الوسطاني صيدا تمّ تخلية سبيله في 24 حزيران الماضي)، ومعين ف. (1995/ شحيم)، ومصطفى ف. (مجهول الهويّة وقد تمّ إلقاء القبض على شخص يدعى مصطفى ف. ليتبيّن أن هناك تشابهاً في الأسماء ويخلى سبيله) وهاني نجم (مجهول باقي الهويّة).
وكانت من أهمّ المجموعات العاملة على الأرض، خصوصاً أنّ سليمان كلّف بعض أعضائها باستهداف مركز مخابرات الجيش وبنك «صادرات إيران» واغتيال عدد من مسؤولي «حزب الله» و«سرايا المقاومة».
كذلك، فإنّ رئيسها الفار من وجه العدالة هو من أبرز المتشددين من فلول الأسير. وينقل عدد من الموقوفين عنه بعض أقواله، مثل إنّ المسألة اليوم هي أنّ «الروافض في عقر دارنا ويتحرّكون كما يحلو لهم في صيدا بوابة الجنوب». وقام بحثّ أعضاء المجموعات على تنفيذ أعمال أمنية، «وقطع رؤوس الرافضة بحرق محالهم التجارية»، وأنّه «يمكن ردع حزب الله وقطع الطريق عليهم من خلال رمي رصاصة كلّ يوم على سياراتهم المتجهة إلى الجنوب».
ويستذكر الموقوفون أيضاً أنّ عثمان حنيني هو من كلّف أبو غزالة تسلّم قطاع صيدا خلال لقاء عقد في منزل الأخير. وخلال هذ اللقاء، سحب حنيني حافظة معلومات من جيبه وأسمع الموجودين كلمة صوتية للأسير وهو يبكي طالباً من أتباعه ألا يلينوا والإعداد ليوم الملحمة وأن لا يتخاذلوا أو ينسوا ما حصل.
وبعد هذه الكلمة، راح «المسؤول الديني» للأسيريين (حنيني) يشرح أحقيّة موقف «داعش» من قضيّة الذبح، مشيراً إلى «ما يفعله داعش هو الصح»، تماماً كما أكّد صوابية قضية الذبح، ومضيفاً «أن الرافضة في لبنان لا يفهمون سوى بهذه اللغة».
حينها، تحمّس أبو غزالة ليستلّ من خزانة غرفته خنجراً، ويردّد: «بإذن الله سأقطع بها رؤوساً إذا تمكّنت».
ـ الخليّة الثانية، يترأسها أيضاً أبو غزالة وينتمي إليها صلاح ش. ومحمد ق. (مجهولي باقي الهوية)، وشخص ثالث لم يعرف اسمه. وهؤلاء تسلّموا بنادق وقنابل يدويّة وقاموا أيضاً بنقل كمية من الأسلحة إلى إحدى الشقق في صيدا.
ـ الخلية الثالثة يترأسها وسيم ب. (1991/ صيدا) وعضوية: رامي ح. ومحمّد ر. وساجد ع. الذين لم يتمّ إلقاء القبض عليهم بسبب عدم التعرّف على كامل هوياتهم.
ـ الخليّة الرابعة يترأسها حسن د. (1980/ شحيم)، وتضمّ محمّد ع. (1988/ صيدا) والأخوين عاصم وعبد الرحمن ح. وقد اتصل حسن د. بالأخوين ح. يوم 25 تشرين الأوّل 2014 طالباً منهم أن يتحضرا لاغتيال عنصري «سرايا المقاومة» سامر ع. فادي ح. قبل أن يعاود الاتصال لإلغاء المهّمة. وتمّ تكليف بعض أفراد هذه المجموعة أيضاً بتخزين الأسلحة وتخبئتها.
ـ الخلية الخامسة يترأسها مصطفى ج. (1980/ صيدا)، ومؤلفة من شخص من آل البابا ملقّب بـ «أبو طوني» وآخر اسمه فؤاد ملقّب بـ«أبو مارون». وكانت مهمّة هذه المجموعة جمع المعلومات عن أشخاص من الطائفة الشيعيّة ومن «سرايا المقاومة»، بالإضافة إلى طلب سليمان من مصطفى تحضير نفسه للقيام بعمل أمني لم يفصح له عن تفاصيله، وإن كان الأخير قد فهم أن العملية هدفها «مجمع الزهراء» في صيدا.
ـ الخليّة السّادسة هي من أخطر المجموعات، خصوصاً أن عثمان حنيني هو من يترأسها، وتضمّ إمام أحد المساجد في صيدا الشيخ ابراهيم د. (مجهول باقي الهوية) ياسر أ. (1975/ سوري)، ومهمتهم استهداف الجيش وعناصر تابعة لـ«حزب الله» و«سرايا المقاومة». وحدّد حنيني لمجموعته نطاق عملها الممتدّ من محلة «دوار القناية» وصولاً إلى «سوبر ماركت الشرحبيل»، طالباً من عناصره استطلاع هذه المنطقة وتحديد المناطق الأفضل فيها لتنفيذ أي عمل أمني، فتمّ ذلك بواسطة سيارة الأجرة التي يملكها ابراهيم.
وفي إحدى المرات توجّه ابراهيم وياسر للقاء حنيني في شقته السرية على الأوتوستراد الشرقي لصيدا، حيث وجدا محمّد النقوزي بالإضافة إلى العديد من البنادق والذخائر والجعب، وأعلمهما حنيني أنّهم سيتوجهون جميعاً إلى طرابلس للمشاركة في المعارك الدائرة هناك. ولكنّ الأخير عدل عن الأمر بعد تلقيه اتصالاً هاتفياً طلب على أثره من الموجودين العودة إلى منازلهم وإتلاف خطوطهم الأمنيّة، ليتبيّن فيما بعد أن سبب الاتصال هو إعلام حنيني بهروب الأسير من بحنين.
ـ الخليّة السابعة التي كانت تأتمر بإمرة إمام «بلال بن رباح» (بعد الأسير) الشيخ محمود مشعل، وينتمي إليها مروان أ. ظ. (1993/ صيدا) وعمر ب. وعمر ع. (مجهولي باقي الهويّة) وكانت كلمة السرّ بينهم هي «كرامة».
وتلقى هؤلاء، داخل شقة في مجدليون، تدريبات عسكرية من قبل النقوزي على قذائف «لاو»، ثمّ تسلموا البنادق والقذائف من نوع «أر. بي. جي» و»لاو» ورمانات يدويّة قبل أن يعرض أمامهم صوراً جوية لمدينة صيدا تظهر مقهى يتردّد إليه عدد من عناصر «سرايا المقاومة» بغية استهدافه، بالإضافة إلى اغتيال عدد من الأشخاص في منطقة الشرحبيل.
وخلال معارك طرابلس اختفى عمر ب، وطلب أيضاً من مروان «الهجرة إلى طرابلس بناء على أوامر الأسير»، ليرفض الأخير الأمر.
ـ الخليّة الثامنة يترأسها علاء م. (1987/ فلسطيني)، وتضمّ طارق س. وعمر س. أ. (مجهولي باقي الهويّة). وقد كلّف هؤلاء بمهمّة استهداف سيارات متوجّهة إلى الجنوب عبر أوتوستراد الجنوب وتحدي عدد من الأشخاص التابعين لـ «السرايا» لمراقبتهم بانتظار صدور الأوامر باغتيالهم.
كذلك، تورّط علاء بنقل الأسير وعدد من المقربين منه من صيدا إلى مخيم عين الحلوة مراراً وتكراراً. فبعد عودة سليمان من طرابلس كان معه أحد أبرز المطلوبين وهو أيمن مستو الذي استضافه في منزله وساعده على الدخول إلى عين الحلوة، وبعد يومين ساعد كلّاً من محمد النقوزي وفادي البيروتي على الأمر نفسه. ولمّا نجح علاء في المهمّة، حضر إلى منزله معتصم قدورة طالباً منه نقل الأسير وابنه محمّد إلى المخيّم ثم ابنه أمجد، ليقوم بفعل الأمر نفسه أكثر من مرة خلال أشهر طويلة.
كذلك استضاف علاء إمام «بلال بن رباح» وعدداً من المطلوبين لبضعة أيّام في غرفة تقع تحت منزله، حيث عقدت العديد من الاجتماعات لعناصر المجموعات مع الأسير.
ـ الخلية التاسعة تأتمر بإمرة محمّد ن. (كان قائد مجموعة إبان معركة عبرا) وتضمّ محمود د. (1989/ فلسطيني) وأحمد ش. والتقت هذه المجموعة بحنيني الذي أعلن أمامهم أنّه بصدد تجميع شبان من صيدا وطرابلس للانتقام من الجيش و «حزب الله»، مطالباً إياهم بتحضير أنفسهم للقيام بأعمال أمنية. كما أطلعهم أبو غزالة على لائحة بالأهداف التي يجب استهدافها، ومنها أحد مسؤولي «السرايا» وشقيقته.
ـ الخلية العاشرة يتزّعمها عبدالله ع. (1976/ صيدا) وكان الأخير مسؤولاً إلى جانب سليمان بمهمة تأمين الأسلحة، وتضم المجموعة محمد ي. الملقّب بـ«ستينغ» (1985/ شحيم)، وشخص من آل الرفاعي وشخصين مجهولي الأسماء وملقبين بـ «راجي» و «رافع».
نصف ساعة في الريحانية.. مع الأسير
ضجّ خبر “تعرّض الموقوف أحمد الأسير للتعذيب”، أمس الأوّل، بعدما التقته والدته وشقيقته. وعلى الفور، سارع وكلاء الدفاع عن إمام “مسجد بلال بن رباح” السابق إلى الدعوة لمؤتمر صحافي قبل أن يستعيضوا عنه بلقاءات شملت مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر ونقيب المحامين في بيروت.
وما إن بزغ الفجر حتى كان وكلاء الدفاع الثلاثة عن الأسير المحامون: محمّد صبلوح وأنطوان نعمة وعبد البديع العاكوم، يحطّون في سجن الريحانيّة للقاء موكّلهم. هي المرّة الأولى التي يسمح لهم بأن يلتقوه مجتمعين في الوقت نفسه. وهي أيضاً المرّة الأولى التي يجلسون فيها معاً من دون رقابة أمنيّة وداخل غرفة وضعت فيها الكراسي والطاولات. تماماً كما كانت المرّة الأولى التي يجتمعون به لنصف ساعة متواصلة انتهت بإمكانيّة التجديد التي لم يستخدمها المحامون على قاعدة “إن كان حبيبك عسل..”!
وخلال هذا الوقت أكّد الأسير أنّ وضعه أفضل ممّا كان عليه سابقاً، موضحاً أسباب فهم والدته وزوجته، اللتين التقيتاه لدقائق، أنّه تعرّض للتعذيب. فالرجل كان يمنع من إدخال نظارته الطبية على اعتبار أنّها مصنوعة من الحديد وهو لا يرى من دونها، وهذا ما دفعه إلى القول عند رؤيته والدته: “مين إنتِ”.
كذلك روى أن عدم إدخال نوع معيّن من الأدوية إلى السجن أدى إلى انتشار الحساسيّة في جسده ليظهر الدم في عدد من أنحاء جسده نتيجة الحك.
وهذان الأمران دفعا بوالدته وشقيقته إلى الظنّ أنّ الموقوف تعرّض للضرب، ليعود هو ويؤكّد أنّ ذلك لم يحدث لا في مديريّة المخابرات ولا في سجن الريحانيّة حيث قيلت له بعض الكلمات النابية، وأن “ضربه لم يحصل إلا لدى الأمن العام”.
وقد طمأن الأسير وكلاء الدفاع عنه بأن القوى الأمنية أعطته نظارات طبيّة وسمحت بإدخال الدواء الناقص، وتحسنت المعاملة معه. كما قام النائب العام التمييزي بالاتصال بطبيب السجن الذي عاد وأجرى فحوصات طبية إضافية تبيّن بموجبها أن الموقوف يعاني من التهابات.
كذلك أخذ وكلاء الدفاع موافقة من مسؤولي الريحانية بلقاء موكلهم أسبوعياً على أن يلتقي بعائلته كلّ يوم ثلاثاء. فيما طلبوا أيضاً من القاضي صقر نقله إلى سجن رومية كون السجن الموجود فيه غير ملائم لوضعه الصحي لأنه يتناول أدوية مزمنة، وأن تكشف عليه لجنة طبيّة متخصّصة.
ويشدّد المحامي صبلوح لـ “السفير” على “أنّنا لا نريد أن ينقل الأسير إلى سجن خمس نجوم وإنما إلى أي سجن يراعى فيه وضعه الصحي، خصوصاً أنه يتناول يومياً حوالي 17 حبة دواء”، مشيراً إلى “أنّ القاضي صقر وعدنا بدرس الطلب بشأن تكليف لجنة طبيّة وتجاوب معنا بشأن مطلبنا بنقل الأسير. كذلك فإننا لمسنا الإيجابيّة بالتعاطي خلال زيارة موكلنا”.
وكان وكلاء الدفاع عن الأسير قد عقدوا مؤتمراً صحافياً، أمس، تحدثوا خلاله عن الوضع الصحي للأسير.
شقق للاجتماعات والسلاح
حضّر المتواري شاهين سليمان كلّ ما هو ضروري لعمل الخلايا، ومنها استئجار الشقق مقابل مئة دولار شهرياً بغية تخبئة السلاح وإجراء اللقاءات السريّة والتدريبات العسكريّة. فيما رفض عدد من أفراد المجموعات النزول عند طلبه واستئجار شقق باسمهم مخافة كشفهم. وقد برز خلال التحقيق مع الموقوفين وجود عدد من الشقق السريّة للأسيريين في صيدا، ومنها:
– شقّة في مجدليون وأخرى تعود إلى حنيني على الأوتوستراد الشرقي وثالثة تحت منزل ع. م.
– طلب أبو غزالة من المدعو محمود د. استئجار غرفة في منطقة باب السرايا ـ صيدا القديمة تعود ملكيّتها إلى أ. آ. وأوهم مالكها أن الإيجار هو لشخص يدعى أبو أحمد سيقوم بإصلاحها على نفقته. ثم عمل أبو أحمد ومحمود على نقل الأسلحة والقذائف والذخائر إلى الشقة.
– في آب 2014، طلب سليمان من حسن د. تأمين مكان لتخزين الأسلحة، ليعود الأخير ويطلب من أحد أفراد مجموعته وهو محمد ع. تبديل منزله بآخر أكبر مساحة ليتم تخزين السلاح في إحدى غرفه ومن دون علم زوجته. فوافق الأخير على الأمر مقابل فرق بدل الإيجار بين المنزلين. ولدى مداهمة الشقة حيث تمّ إلقاء القبض على حسن ومحمد، ضبط أسلحة وأسلاك كهربائية وعبوات معدّة للتفجير وبطاقة لاجئ مزوّرة.
كذلك كانت هذه الشقّة من أهم الشقق التي تمّت مداهمتها لأنها كانت تحتوي على لوائح صغيرة وحافظة معلومات بأسماء عناصر المجموعات ولقب كلّ عنصر وكلمة السرّ لكلّ مجموعة من أجل التواصل في ما بينهم، ورقم الهاتف المزود به كلّ عنصر والسلاح المعطى له، بالإضافة إلى حافظة معلومات تتضمن لائحة بالأشخاص والمقرّات المنوي استهدافها.
وبرغم أن المضبوطات تؤكّد تورّط المدعى عليهم الـ24 في هذه القضية وآخرين مجهولي الهوية، إلا أن الموقوفين أنكروا التهم الموجهة ضدهم أمام قاضي التحقيق العسكري نجاة أبو شقرا بعد أن كانوا قد أقرّوا بها أمام مخابرات الجيش.