دخلت معارك السلسلة الشرقية مرحلة دقيقة وخطيرة وشديدة الحساسية، على وقع التطورات الميدانية الاقليمية من سوريا الى اليمن مرورا بالعراق. فكلام الامين العام لحزب الله الاخير عن استعداد الحزب لمواجهة «داعش» واقفال ملف الحدود اللبنانية – السورية نهائيا، لم يتأخر كثيرا ليلقى صداه في الميدان.
اهداف العملية التي اختلفت التقديرات حولها، تراوحت بين من وضعها، من جهة، في باب محاولة الاقتراب من مدينة القصير، فعمد الى اشعال عدة جبهات باتجاه لبنان عبر التسلل إنطلاقاً من الجهة الشمالية الشرقية لجرود عرسال، والداخل السوري عبر «الحسياء» حيث خسر المدافعون خمسة مواقع فشل «داعش» في تثبيت نقاط له فيها، في نفس الوقت، فيما رأى آخرون،ان الهدف كان الوصول الى الداخل اللبناني، عبر خرق مواقع جديدة للحزب معززة بالتحصينات والدشم والسواتر الترابية والمقاتلين، ناشرا المدافع وقواعد الصواريخ الموجهة، متحسبا لأي طارئ، في اطار إستعداداته لخطته القتالية للمعركة المقبلة، في اطار تمدده باتجاه الجهة الشمالية للسلسلة الشرقية، للمرور نحو جرود القاع ومنها إلى جرود رأس بعلبك لمباغتة الجيش اللبناني المنتشر على حدود بلدة رأس بعلبك وخرق تحصيناته لخلق معادلة جديدة في المنطقة وفتح ممر جديد، مشددين على أن الهدف من هذه العملية هو ضرب الجيش وحزب الله وتشتيتهما في جرود عرسال وفتح جبهة جديدة.
غير ان حسابات الحقل «الداعشي» لم تتطابق وحسابات بيدر حزب الله، حيث اعادت مصادر عسكرية مطلعة سبب فشل الهجوم الى ثلاث اسباب اساسية :
-نجاح حزب الله في الايحاء لـ «داعش» بان المواجهة مع التنظيم مؤجلة حاليا، ما شجع الاخير على شن هجومه الاستباقي في محاولة لانتزاع المبادرة من الحزب، في هجوم استباقي، تشير كل المعلومات الى ان حزب الله كان ينتظره وهو اعاد كامل العدة لهكذا احتمال .
– مفاجأة «داعش» بعدد عناصر حزب الله في المواقع المستهدفة.
-فشل الهجوم منذ البداية مع وقوع رتل للآليات يضم عشرات المسلحين، قدروا بنحو 200 في حقل ألغام و«عبوات مشركة »، درج الحزب على استعمالها خلال الفترة الاخيرة نظرا للاضرار الفادحة التي تلحقها بالعدو، تمكن حزب الله من التسلل وزرعها عند احدى الممرات الاساسية المواجهة لمواقعه، ما ادى الى فقدان المهاجمين لعامل المفاجأة، ونجاح حزب الله بالسيطرة على الموقف ملحقا خسائر كبيرة في صفوفهم، مع استخدام المدافعين للصواريخ الموجهة الى جانب قوة نارية هائلة تخطت في بعض المراحل معدل قذيفتين في الدقيقة.
لكن ماذا عن دور الجيش والكلام الذي سرب عن مشاركته في القتال الى جانب حزب الله؟
يؤكد مصدر عسكري في هذا الاطار الى ان الجيش اللبناني لم يشارك في العمليات العسكرية التي نفذها حزب الله امس، اولا على اعتبار ان المواجهات حصلت داخل الحدود السورية وهو غير معني بالتالي باي هدف خارج الحفاظ على امن القرى اللبنانية وساكنيها، فقرار الجيش واضح بحماية لبنان، وفي الوقت نفسِه عدم القتال خارج الأراضي اللبنانية،ثانيا لأن لا قراراً سياسياً حتى الساعة بخوض الجيش اي مواجهة الى جانب الجيش السوري وحزب الله، مشددة على ان التنسيق محصور في بعده الامني وعبر قنوات محددة من قبل القيادة بغطاء سياسي واضح من المعنيين. اما عن العمليات القتالية التي نفذها الجيش امس، فاشارت المصادر الى ان القصف المدفعي والصاروخي انما استهدف مجموعات مسلحة متمركزة داخل الحدود اللبنانية وهو اصبح شبه روتيني ويومي، اذ تعمد القوى المنتشرة الى قصف اي تحركات او تجمعات من باب الاستباق وتأمينا للمواقع العسكرية، وعن الطوافات التي قيل انها حلقة مقدمة الدعم الجوي، اكد المصدر انه تم رصد طائرات حربية سورية قامت بمساندة مواقع حزب الله والاغارة على المنسحبين، اما الطوافات اللبنانية فهي نفذت رمايات بعيدا عن مناطق الاشتباكات.
كما طمأن المصدر الى ان الجيش اتخذ كل الاحتياطات اللازمة لحماية القرى التي قيل انها كانت مستهدفة، منفذا انتشارا كثيفا ومؤللا لعناصره، مستبعدا حصول اي عملية اختراق لخطوط الجيش الدفاعية، ووحداته في حال استنفار دائم على مدار الساعة في المنطقة الحدودية الشرقية ولديه تدابيره الخاصة المتخذة التي تعتمد على تقنيّات حديثة من أجهزة مراقبة وأسلحة هجوم، كما أنّه يتفوّق عدَدياً على المسلحين.