Site icon IMLebanon

هكذا سيتم تعليق جلسة الحكومة

لا تثني السنوات الثمانون ميشال عون عن خوض المعارك السياسية ولا تثقل خطواته. لا بل هي متعته المفضلة في الوقوف على المنبر مهاجماً شرساً في سبيل تحقيق مبتغاه. وكلما علت النبرة وارتفع منسوب الحماوة، كلما زادت الحماسة في ذهن الجنرال.

هكذا اختار في جولته الاخيرة، رفع سقف التصعيد حتى حدوده القصوى مهدداً بتطيير الحكومة في حال غلّبت منطق التمديد في القيادات الأمنية والعسكرية على التعيين. جلّ ما اراده هو استخدام اسلوب الضغط الممكن والمتاح كي يدفع بالجالسين قبالته الى احناء رؤسهم أمام العاصفة البرتقالية والسير بجدول جنرالها.

صحيح أنّ الرجل لم يكشف يوماً وبشكل صريح عن الخطوة التي سيتخذها وزيراه وحلفاؤه اعتراضاً على التمديد، لكنّ تلميحاته وتلميحات نواب «تكتل التغيير والاصلاح» كانت تشير الى بيت القصيد: الحكومة التي ترفض القيام بواجبها لا بدّ لها أن تكون خارج الخدمة.

كثيرة هي العوامل التي دخلت على الخط وتركت أثرها على الخطاب العوني. لعل أبرزها ميل «حزب الله» الى عدم التضحية بالحكومة في هذه الظروف الامنية الصعبة وتفضيل الحفاظ عليها حتى لو تعطلت عن العمل لأسابيع عدة، ولكن لا بدّ من الإبقاء على شرعيتها وقدرتها على اتخاذ القرارات في حال فرضت التحديات الأمنية ذلك.

كما أنّ تغريد الرئيس نبيه بري خارج السرب مؤكداً بوضوح أنّه غير متضامن مع حليفه وأنّه متمسك بالحكومة حتى لو عرجاء (في حال اعتكاف او استقالة وزراء «التكتل» و «حزب الله»)، اعاد خلط الاوراق، ورفع من دوز مناعة الحكومة.

هكذا صار السيناريو المتوقع لجلسة اليوم على الشكل الآتي: يفترض أن يأتي وزير الداخلية نهاد المشنوق بسلة اسماء لضباط مؤهلين لخلافة اللواء ابراهيم بصبوص في قيادة قوى الامن الداخلي، حيث سيكون ردّ وزيريّ «التيار الوطني الحر» أن التلازم بين التعيين في قيادة الجيش وقوى الأمن الداخلي هو حتمي، على اعتبار أنّ التمديد الأول لقائد الجيش جان قهوجي مطعون بشرعيته في المنظار العوني، ولهذا لا بدّ من القيام بالخطوتين دفعة واحدة.

ولكن في حال فشل المحاولة، وهو المرجح، فقد يعمد وزير الداخلية الى التمديد للواء بصبوص بقرار موقع منه، ما يعتبره العونيون غير شرعي أيضاً طالما أنه حاصل خارج اطار مجلس الوزراء أسوة بما حصل في حكومة نجيب ميقاتي التي رفضت التمديد للواء اشرف ريفي كمدير عام قوى الأمن الداخلي فأحيل بالنتيجة الى التقاعد.

الا أنّ التمديد في حال حصوله لن يوقف مطالبة العونيين بمناقشة مسألة التعيينات والمطالبة بإدراجها بنداً على جدول أعمال الحكومة. على هذا الأساس سيحصر هؤلاء، بالتكافل والتضامن مع وزراء «حزب الله» و»المردة» و»الطاشناق» مشاركتهم في جلسات مجلس الوزراء بالمطالبة ببتّ بند التعيينات الأمنية والعسكرية.

سيطوعون انفسهم للمشاركة في كل جلسىة على شرط ان يبدأ النقاش بهذا البند من دون غيره. وتالياً ليس هناك من امكانية للقفز الى بنود اخرى اذا لم تبت التعيينات حتى لو تطلب الأمر عشر جلسات، وذلك استناداً الى مبدأ التوافق الذي جرى الاتفاق عليه مع رئيس الحكومة لتجاوز مرحلة الشغور الرئاسي.

هكذا، هدأ البركان العوني الذي كان يثير الاعتقاد انه بوارد حرق الحكومة وتطييرها، فإذ به يتحول الى حال اعتراض من داخل الحكومة على قاعدة تعليق العمل في جدول الاعمال من دون الحاق الضرر بشرعية الحكومة او ميثاقيتها، ما يمكّن الجنرال من الاحتفاظ بمزيد من الاوراق في جيبه.

ولكن هذا لا يعني أنّ بقية القوى الحكومية قررت التفرج على الفريق المعترض مكتفة الايدي. يتداول هؤلاء الكثير من السيناريوهات المحتملة في حال قرر ميشال عون صعود سلم التصعيد من جديد. بنظر البعض يمكن لأي اجتهاد قانوني محمي بغطاء سياسي ان يعيد تشغيل مولدات الحكومة في حال قرر العونيون وحلفاؤهم البقاء خارج جنة السلطة التنفيذية.

فرئيس الحكومة، كما يقول أحد الوزراء هو الذي بمقدوره ان يركّب «اذن الجرة» كما يريد لإعادة صياغة الآلية الحكومية التوافقية اذا ما فرضت الظروف ذلك. وبالتالي فإنّ العزف على «وتر» تعطيل الحكومة قد لا يخدم «عازفه».

بو صعب: لن نعترف بالتمديد

وأكد وزير التربية الياس بو صعب لـ «السفير» أن «وزراء التكتل لن يستقيلوا من الحكومة ولن يعطلوا أعمالها وسيواصلون أعمالهم كالعادة، لكنهم لن يقبلوا مناقشة أي بند في الجلسات إلا بندَي التعيينات الأمنية ووضع جرود عرسال، وقد أقرّ رئيــس الحكومة أنهما اولوية وبالتالي لن ننتقل إلى بند آخر قبل إقرارهما، إنما سنواصل النقاش فيهما حتى التوافق».

وعن موقف وزراء «التيار» في حال أصدر وزير الداخلية قراره بتأخير تسريح المدير العام لقوى الأمن الداخلي، قال بو صعب: «ليصدر القرار الذي يريد، ونحن لا نعترف بالقرار لأنه غير قانوني، لكن دور مجلس الوزراء أن يستمرّ في البحث بإجراء التعيينات الأمنية، وفي حال تم التعيين لاحقاً يلغى قرار التمديد. التمديد خارج مجلس الوزراء لا يلغي استمرار البحث في التعيينات».