مشروع زيادة العقوبات الأميركية على « حزب الله « في الكونغرس الأميركي، يشكل إستناداً إلى مصادر ديبلوماسية غربية، توطئة للضغوط في أحد ملفات المنطقة وهو الملف الإيراني. ذلك أن إدارة الرئيس دونالد ترامب هي الآن في طور تركيب إستراتيجيتها حيال المنطقة ولها علاقة بلبنان، وإحدى أبرز حيثياتها تعبئة الفراغ الذي تركته الإدارة السابقة التي كانت شغّالة عبر المخابرات والحلفاء، بعد سياسة عدم التدخل التي انطلقت لدى الإنسحاب الأميركي من العراق. ففي رأي هذه الإدارة، أن الإدارة السابقة اضعفت نظرة الأصدقاء وغير الأصدقاء للولايات المتحدة.
الآن يريد الرئيس ترامب العودة إلى إسلوب فرض هيبة بلاده في المنطقة والعالم عبر :
– إرضاء إسرائيل، واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة، بأن لا ضرورة لإنشغال البال والقلق المستقبلي.
– التأكيد لإيران، أنه سيراجع الإتفاق النووي مثلما وعد قبل الإنتخابات الرئاسية.
– إعادة التفاوض مع إيران تهيّئ لها تجميع أوراق قوة، لا سيما عبر ممارسة ضغوط على أدوات إيران في المنطقة وعلى حلفائها.
– إستخدام القوة والضرب في بعض المواقع يثبت على الأرض أن الأمور متكافئة بينه وبين الروس. فضلاً عن إعطاء إنطباع أنه يتحدى الروس وإن علاقته ليست كما ظهر بعد إنتخابه.
– كسر الجمود الحاصل حيال التعامل مع إيران في المنطقة، والسعي لاحقاً، لرد إيران إلى «بيت الطاعة». ومساعدة الحرب الخليجية في اليمن، وكسر الإمتداد الإيراني، وإعطاء الأتراك ما يريدونه، لكن الإبقاء على حركة الأكراد القتالية من دون أن يحصل هؤلاء على مكاسب. وتقوية الأردن في الداخل أكثر، وإعطاء رسائل إلى مصر بأن لا تتوسع في علاقاتها مع روسيا، أو الانفتاح على النظام السوري. بل أن دورها يجب أن يكون في إطار الدور الأميركي.
الولايات المتحدة تدرك مدى المكاسب في السياسة اللبنانية لحلفاء إيران. وتريد واشنطن عدم خسارة موطئ قدمها في لبنان. والضغط يأتي على «حزب الله» و»حركة أمل» والتيار «الوطني الحر»، لبنان، لكن الحملة تهدف إلى الضغط على إيران من خلال الضغط على حلفائها.
وتهدف العقوبات أساساً، وفقاً للمصادر، إلى إضعاف الحزب لكي لا يبقى مستنداً إلى الجهة الداخلية اللبنانية. وإلى هز ثقة حلفائه به، وهناك نقاش أميركي داخلي حول دور بعض حلفائه الاساسيين على الساحة. وتصريحات مسؤولين لبنانيين زاروا واشنطن أخيراً، حول أن نواب الحزب منتخبون، وان الحزب جزء من النسيج الوطني اللبناني، تندرج في إطار القول للأميركيين أنه إذا تم وضع عقوبات بهذه الطريقة فهذا يعني معاقبة لبنان وليس الحزب.
كل ما يحصل أميركياً هو تحضير للضغط على إيران عندما يحين أوان إعادة النظر بالإتفاق النووي. وترامب يريد أن «يقطف» من الإتفاق أكثر مما يحققه منه بمضمونه الحالي. والتحضير يأتي عبر إثارة الجبهة الداخلية اللبنانية لكن من دون الوصول إلى هز الإستقرار.
إذا مرّ المشروع بالاسماء المطروحة وتم وضع العقوبات، هناك تخوف من حصول فرز طائفي، على خلفية أن ممثلي طائفة بكاملها هم تحت العقوبات، ما قد تؤدي إلى شد عصب الطائفة، وإلى أن تطلب من الآخرين أن يقفوا معها، وإذا لم يقفوا معها، قد يحصل تأزم سياسي.
الوفد النيابي اللبناني سعى للفت نظر الإدارة إلى أن هكذا مواقف تضر الولايات المتحدة ولا تنفعها، وان واشنطن ليست بحاجة إلى مشكلة في لبنان. ولكن ما يُطرح لا يزال في الكونغرس، ولم تدفع الإدارة بعد في إتجاه محدد.
كيف سيتعامل لبنان الرسمي مع اية تطورات في إتجاه صدور القانون؟ وهل فكرة تعيين سفير في واشنطن مطروحة وموضوعة على السكة. سفير بمرسوم للضرورة، يتم إختياره من شخصيات ضليعة بالمجال الأميركي ولديها القدرة على الوصول إلى مراكز القرار الأميركي؟ الآن لا موقف سياسياً رسمياً بعد من القانون المحتمل. انما هناك تحرك لبناني على كافة المستويات لمنع صدور
القرار. النواب من أصل لبناني في الكونغرس يسعون للمساعدة، وكذلك رؤساء لجان في الكونغرس نفسه.