منذ تعيينه قائداً للجيش في العام 1984، خلفاً للعماد ابراهيم طنوس، يُدرِك العماد ميشال عون أنَّ الإعتبارات التي تتحكَّم بهذا التعيين ليست محلية فقط ولا يبت فيها مجلس الوزراء فقط، بل هي تخضع لمعايير خارجية ترتبط بعلاقة لبنان بالخارج لجهة الإستراتيجيات وملفِّ التسلّح وغيره.
هذا كان عام 1984، ولم يكن الإرهاب مستشرياً كما هو اليوم، ومع ذلك فقد أُبعِد العماد طنوس، على رغم أنّه لم يكن قد بلغ سنَّ التقاعد بعد، ليحلَّ محلّه قائد اللواء الثامن العميد ميشال عون.
***
واحدٌ وثلاثون عاماً مرَّت على هذه الواقعة التي يتذكَّرها العماد ميشال عون جيِّداً، كان غيره مرشحاً أيضاً لقيادة الجيش آنذاك، لكن اعتبارات ومعايير، أملت على مجلس الوزراء إسقاط سائر الأسماء المرشحة وتعيينه هو.
***
للذكرى والذاكرة، ما كان متاحاً ومسموحاً قبل ثلاثين عاماً، لماذا هو ممنوع اليوم؟
ولماذا الإعتراض عليه؟
وانطلاقاً من هذا المعطى فإنَّ ما شهدته الساحة اللبنانية في الساعات الثماني والأربعين التي سبقت صدور قرار التمديد أو تأجيل التسريح، يؤكد أنَّ عمليات النصح وحتى التدخل لم تكن مفاجئة لأحد.
تشير المعلومات في هذا المجال إلى أنَّ السفير الأميركي في لبنان ديفيد هيل قام بتحركٍ مكثف، وطلب مواعيد عاجلة مع كلٍّ من الرئيس بري، الرئيس الجميل، العماد ميشال عون والبطريرك الراعي، وأبلغ إلى كلٍّ منهم جملةً من الرسائل من الإدارة الأميركية، ومن أبرزها رسالتان وهما:
وجوب المحافظة على بقاء واستمرارية حكومة الرئيس تمام سلام، والتعامل والتعاون معها في ظلِّ الظروف الحاليّة، وعدم السعي لإفشالها أو السير في مخطَّطات إسقاطها أو دفعها للإستقالة أو للإعتكاف.
التمديد لمَن تنتهي ولايتهم في الجيش ولا سيَّما قائد الجيش ورئيس الأركان، لَما لهذه الخطوة من تأثير إيجابي على استقرار الأوضاع الأمنية التي هي مفتاح الإستقرار السياسي.
***
لم تتأخر الإستجابة، فكان قرار وزير الدفاع بتأجيل تسريح قائد الجيش حتى 30 أيلول 2016 ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان حتى 30 أيلول 2016 أيضاً والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير حتى 21 آب 2016.
***
هذا القرار الكبير لوزير الدفاع من شأنه أن يُعطي دفعاً للحكومة بمعنى أنّه أخذه منفرداً، وعلى باقي الوزراء العمل على تحسين أداء الحكومة تجاه المطلب الدولي بالحفاظ عليها.
***
أما الرسائل السياسية من قرار وزير الدفاع فهي أنَّ الغطاء الدولي ولا سيَّما الأميركي مازال قائماً بالنسبة إلى لبنان، سواء على المستوى العسكري والأمني أو على المستوى السياسي والدستوري، إذ لا يُعقَل أن تسعى الدول إلى إيجاد تسويات في الدول المشتعلة، فيما تُفرِّط بالتسوية القائمة في البلد الذي لم تصل إليه النيران بعد، بالحجم الذي وصلت فيه إلى الدول الأخرى.
لكنَّ السؤال يبقى، ماذا ستكون عليه ردة فعل العماد عون، وكيف يواجه ما اعتبره تحدياً له؟
الجواب ظُهر اليوم بعد اجتماع تكتله النيابي، فلننتظر.