مر لبنان قبل اتفاق الطائف بحرب أهلية استمرت 15 عاما برغم محاولات متكررة لبنانية وعربية لإسكات صوت المدافع باءت كلها بالفشل وبلغت الأمور ذروتها مع حصول فراغ في سدة رئاسة الجمهورية بعد انتهاء ولاية الرئيس أمين الجميل ومن ثم انقسام السلطة التنفيذية إلى حكومتين أولى برئاسة سليم الحص وثانية برئاسة ميشال عون، قبل أن تتدحرج الأمور مع اعلان العماد عون (قائد الجيش) بداية «حرب التحرير» من الوجود السوري في لبنان، فكان أن تداعى العرب إلى عقد قمة لحل الأزمة المتفاقمة في لبنان.
23/5/1989:
– عقد مؤتمر قمة عربي غير عادي في مدينة الدار البيضاء (المغرب) لبحث الأزمة اللبنانية وكان من أبرز نتائجها:
÷ مطالبة كافة الأطراف في المشكلة اللبنانية باحترام وقف إطلاق النار وفق قرار مجلس الجامعة العربية الصادر في 27 أبريل 1989.
÷ تشكيل لجنة ثلاثية برئاسة ملك المغرب الحسن الثاني والعاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد. وخولت صلاحيات شاملة وكاملة لتحقيق الأهداف التي أقرها المؤتمر لحل الأزمة اللبنانية.
÷ أما مهمات اللجنة فقد نصت على الآتي: «حل مشكلات لبنان وفرض السلام بكل الوسائل المتاحة والقيام بالاتصالات المناسبة لتوفير مناخ ملائم لدعوة أعضاء مجلس النواب اللبناني حتى خارج لبنان عند الضرورة لصوغ ميثاق وطني انطلاقاً من إدراك اللجنة أن الهيئة الوحيدة التي لم تنل منها الحرب هي المجلس النيابي الذي يضم ممثلي الأمة جمعاء، وكلفت اللجنة إعداد وثيقة الإصلاحات السياسية ومناقشتها لتشكيل أساس الحوار بين الأطراف كي يقرها المجلس النيابي في أول اجتماع له ودعوته إلى الانعقاد في العاصمة اللبنانية للتصديق على الوثيقة وانتخاب رئيس الجمهورية الذي يشكل حكومة الوفاق الوطني».
وتمثل كل رئيس وملك في اللجنة بوزير خارجيته فرأس اللجنة الأمير سعود الفيصل وضمت وزير الخارجية المغربي عبد اللطيف الفيلالي ووزير الخارجية الجزائري سيد غزالي.
25/9/1989:
وجه رئيس المجلس النيابي حسين الحسيني برقية إلى النواب للمشاركة في الاجتماع النيابي الذي قررت اللجنة الثلاثية العربية عقده في 30 أيلول 1989 في مدينة الطائف السعودية لإعداد ومناقشة وثيقة الوفاق الوطني.
27/9/1989:
جمع العماد ميشال عون أربعة وعشرين نائباً من القاطنين في الشطر الشرقي لبيروت في قصر بعبدا للبحث في اتخاذ موقف موحد عشية سفر النواب إلى الطائف للبحث في الوثيقة التي وقعتها اللجنة العربية الثلاثية للوفاق الوطني في لبنان معلناً بعد الاجتماع في مؤتمر صحافي «لا إصلاح ولا انتخاب قبل برمجة الانسحاب السوري».
30/9/1989:
افتتاح اجتماع البرلمانيين اللبنانيين في قصر المؤتمرات في مدينة الطائف السعودية تنفيذاً لمقررات اللجنة الثلاثية العربية المنبثقة عن قمة الدار البيضاء بحضور 62 نائباً من أصل 73 (هم الأحياء من أصل 99 نائباً) لبوا دعوة اللجنة الثلاثية وهم: حسين الحسيني، صائب سلام، عادل عسيران، رشيد الصلح، أمين الحافظ، نصري المعلوف، كاظم الخليل، جوزف سكاف، خاتشيك بابكيان، نزيه البزري، عثمان الدنا، حسين منصور، رفيق شاهين، ادوار حنين، رينيه معوض، عبد اللطيف الزين، ادمون رزق، جميل كبي، فؤاد نفاع، حبيب كيروز، علي الخليل، حسن الرفاعي، توفيق عساف، أنور الصباح، ميشال ساسين، بيار حلو، جورج سعادة، محمود عمار، زكي مزبودي، بطرس حرب، طلال المرعبي، الياس الهراوي، محمد يوسف بيضون، عبد الله الراسي، هاشم الحسيني، سالم عبد النور، فريد جبران، أحمد أسبر، الياس الخازن، انترانيك مانوكيان، علي العبد الله، عبد المولى أمهز، شفيق بدر، بيار دكاش، أوغست باخوس، مخايل الضاهر، ملكون أبليغتيان، يوسف حمود، حميد دكروب، ميشال معلولي، جبران طوق، طارق حبشي، نديم سالم، منيف الخطيب، صالح الخير، نجاح واكيم، زاهر الخطيب، ألبير منصور، فريد سرحال، صبحي ياغي، عبد المجيد الرافعي، موريس فاضل.
وغاب عن الطائف أحد عشر نائباً هم: كامل الأسعد، باخوس حكيم، عبده عويدات، فؤاد الطحيني، آرا يراونيان، سورين خان أميريان، راشد الخوري ورائف سمارة (الأسباب غير سياسية) وألبير مخيبر وريمون اده واميل روحانا صقر (الأسباب سياسية). كما حضر الاجتماع وزراء خارجية المغرب عبد اللطيف الفيلالي والجزائر سيد أحمد غزالي والسعودية سعود الفيصل..
1/10/1989:
قرر الاجتماع النيابي المنعقد في الطائف تشكيل لجنة مصغرة لصوغ البنود التي قد تكون موضع تباين في وجهات النظر حيال وثيقة الوفاق الوطني المطروحة عليهم من قبل اللجنة الثلاثية. وقد ضمت اللجنة رينيه معوض، جورج سعادة، بطرس حرب، خاتشيك بابكيان، نصري المعلوف، عبد الله الراسي، توفيق عساف، جميل كبي، إدمون رزق، علي الخليل، جوزف سكاف، محمد يوسف بيضون، طلال المرعبي، محمود عمار، نزيه البزري، ميشال ساسين وترأسها الرئيس حسين الحسيني.
2/10/1989:
واصلت المناقشات أعمالها لليوم الثالث على التوالي في مدينة الطائف السعودية وتفرغ الاجتماع النيابي اللبناني على مدى جولتين إلى درس البنود الواردة في وثيقة الوفاق الوطني الذي أعدته اللجنة العربية الثلاثية العليا والبند الذي استأثر بالاهتمام وهو بند رئيس الجمهورية وصلاحياته.
4/10/1989:
أنجز الاجتماع النيابي مناقشة البنود المدرجة في «مشروع وثيقة الوفاق» تحت عنوان «المبادئ العامة والإصلاحات» ومن ضمنها رفع عدد النواب وأن يتوزعوا مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، فضلا عن مسائل أبرزها إلغاء الطائفية السياسية، الانتخابات، اللامركزية الادارية، القضاء، المجلس الاقتصادي الاجتماعي الخ…
5/10/1989:
أوضح الرئيس حسين الحسيني بعد الجولة التاسعة أن المجتمعين تجاوزوا بند بسط سيادة الدولة إلى بند تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي ولم يكن هناك أي خلاف حول هذا البند واجتمع المتكلمون على ضرورة التحرير من الاحتلال الإسرائيلي وتطبيق القرارات الدولية وخصوصاً القرار 425.
8/10/1989:
بعث الملك السعودي فهد بن عبد العزيز رسالتين إلى رئيس مجلس الوزراء سليم الحص والعماد ميشال عون وتمنى فهد في رسالته على الحص «بذل ما يستطيع من جهود لإقناع النواب بالتعاون في ما بينهم للتوصل إلى موقف موحد».
10/10/1989:
تعثرت لجنة الصياغة في التوصل إلى مخرج من المأزق الذي بلغته الاجتماعات النيابية في الطائف، أما أبرز العقبات فقد تمحورت حول صلاحيات رئيس الجمهورية.
12/10/1989:
عادت لجنة الصياغة إلى الاجتماع وبتدخل من اللجنة الثلاثية التي حاولت إزالة العقبات وأضيفت بعض التعديلات على الوثيقة.
15/10/1989:
دعا العماد ميشال المتحاورين في الطائف إلى «عدم الالتزام بأي شيء يمكن اعتباره تنازلاً عن سيادة الوطن».
17/10/1989:
اتصالات خارجية وعربية لتذليل العقبات أمام الاجتماعات النيابية اللبنانية في الطائف والعقبة الأساسية هي «بسط السيادة».
19/10/1989:
توجه سعود الفيصل إلى دمشق وسلم الرئيس حافظ الأسد رسالة من الملك فهد تستهدف وضع اللمسات الأخيرة لوثيقة الوفاق الوطني ومحاولة تذليل موقف العماد عون الذي وجه تهديداً للنواب دعاهم فيه إلى تعليق اجتماعاتهم والعودة إلى لبنان للتشاور مع القاعدة الشعبية.
20/10/1989:
أنجز سعود الفيصل وضع اللمسات الأخيرة على الطبعة الأخيرة من وثيقة الوفاق الوطني التي خرجت عناوينها إلى النور بعد 16 ساعة من المحادثات مع القيادة السورية في دمشق.
22/10/1989:
ولادة «وثيقة الوفاق الوطني» بعد الجولة الحادية عشرة من الاجتماع النيابي الذي كان قد بدأ قبل 23 يوماً. افتتح الجلسة الرئيس حسين الحسيني شاكراً السعودية واللجنة العربية الثلاثية العليا وتليت الوثيقة ثم بدأ الاقتراع بالأسماء فوافق (57 نائباً) على الوثيقة وامتنع حسن الرفاعي عن التصويت وتحفظ توفيق عساف، وانسحب زاهر الخطيب من الاجتماع، أما فريد جبران فقد قرر التحفظ.
23/10/1989:
احتفال في قصر الحمراء بولادة اتفاق الطائف باحتفال رعاه الملك السعودي فهد بن عبد العزيز وشارك فيه سفراء الدول الخمس الكبرى وبينهم سفير الاتحاد السوفياتي (السابق) في الكويت. وحضر الاحتفال أعضاء اللجنة العربية الوزارية الثلاثية سعود الفيصل وسيد أحمد غزالي وعبد اللطيف الفيلالي..
24/10/1989:
أكد الملك السعودي فهد بن عبد العزيز باسم اللجنة العربية الثلاثية العليا استعداد اللجنة للاستمرار في مساعدة المجلس النيابي اللبناني والمؤسسات اللبنانية الشرعية «لأن الوضع ليس مجرد مهمة أديناها وانتهينا منها» بينما أشاد الرئيس الأميركي جورج بوش بجهود السعودية وملكها في إنجاح اجتماعات الطائف وأبدت الدول العربية وفي مقدمها مصر ارتياحها إلى الاتفاق الذي اعتبرته فرنسا «مرحلة مهمة وجديدة». وفي دمشق، أكد وزير الخارجية السوري فاروق الشرع أن سوريا ستعمل على تعزيز الوفاق الوطني في لبنان.
5/11/1989:
انتخب رينيه معوض رئيساً للجمهورية اللبنانية في مطار القليعات في الشمال، فور عودة النواب من مدينة الطائف. واغتيل يوم عيد الاستقلال في 22 تشرين الثاني، أي بعد سبعة عشر يوماً من انتخابه، وذلك بعد ثوان من مغادرته القصر الحكومي في منطقة الصنائع، وسرعان ما انتخب الياس الهراوي رئيسا للجمهورية في 24 تشرين الثاني 1989، لتبدأ مرحلة جديدة، هي مرحلة وضع الطائف موضع التنفيذ.