يتصرف الافرقاء السياسيون في غالبيتهم الساحقة، وكأن الانتخابات النيابية، المقررة في ايار المقبل، حاصلة ولا محال.. من دون ان تظهر الى العلن وبشكل نهائي بعد، صورة التحالفات النهائية وما ستكون عليه «ليبنى على الشيء مقتضاه..»…
لم يمنع ذلك البعض من الذهاب بعيداً في التشكيك واحتمال ارجاء الانتخابات، خصوصاً وان قانون الانتخاب لايزال يتصدر قائمة الاهتمامات والمتابعات بفعل اصرار رئيس «تكتل التغيير والاصلاح» – وزير الخارجية جبران باسيل على تمديد مهل تسجيل أسماء المغتربين اللبنانيين في الخارج، بعدما تمكن رئيس الحكومة سعد الحريري من نزع فتيل التفجير حول هذا البند في جلسة مجلس الوزراء يوم الخميس الماضي وإحالة المسألة الى اللجنة الوزارية..
دخلت دول أوروبية عديدة على الخط محذرة المسؤولين اللبنانيين من «مغامرة ارجاء الانتخابات او عطيلها».. وقد تبين لعديدين، ان الاطاحة بالانتخابات هي بالنسبة للبعض أمر جدي لحسابات عديدة من بينها عدم ضمان ما يمكن ان تتمخض عنه هذه الانتخابات من نتائج تكون في صالح اخضام هذا الفريق او ذاك، ناهيك بالقلق الناشىء عن خسارة البعض ما يتطلعون اليه.. ناهيك بالمخاطر الناشئة عن الاوضاع الامنية المستجدة وفي مقدمها التطلعات الاسرائيلية وما يمكن ان تؤول اليه التطورات بعد الخروقات المستجدة المتتالية، ومن بينها العملية التي استهدفت قيادي في حركة «حماس» في تفجير صيدا، وما كشفت عنه التحقيقات والمتابعات إضافة الى الجدار التي تعتزم بناءه على طول الخط الازرق وأعلن لبنان رفضه له.. على رغم تبلغ الرئيس نبيه بري من قائد «اليونيفيل» في الجنوب الجنرال مايكل بيري «ان الجانب الاسرائيلي أوقف نشاطه في شأن الجدار الحدودي..» لكنه لم يقل الى أي متى، وهل التوقف دائم، أم أنه مؤقت بانتظار تطورات ما؟!
لا أحد ينكر ان الرد اللبناني، وعلى المستويات كافة، ابتداءً من رئاسة الجمهورية الى رئاسة مجلس النواب ورئاسة الحكومة والقيادات العسكرية كان حازماً ودقيقاً ولافتاً، تعزز بالموقف الذي أعلنه الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، واعتبر ان تفجير صيدا بداية أمنية خطيرة فرد برسائل أمنية للإسرائيليين قائلاً: «خذو تحذيرات الدولة (اللبنانية) بمنتهى الجدية». كان البعض ينتظر ما ستؤول اليه جلسة اللجنة الوزارية.. وما ستكون عليه مواقف «التغيير والاصلاح» الذي يخوض اشتباكاً سياسياً واعلامياً مع الرئيس نبيه بري غير مسبوق على هذا القدر من الحدّة.. وفي المعلومات المتداولة لدى العديد من الافرقاء السياسيين، فإن «لكل شيء ثمنه»؟! وحتى اللحظة، فإن الطريق الى إجراء الانتخابات النيابية في ايار المقبل، لاتزال تعترضها جملة عقبات وعثرات ومعطيات لا يمكن القفز من فوقها..
اللافت ان الرئيس سعد الحريري، يسعى جاهداً للنأي بالسجالات الرئاسية عن الاستحقاق.. وهو عازم على تجنيب مجلس الوزراء اية اهتزازات او خضات قد تؤدي الى المزيد من المواجهات.. خصوصاً وان اشكالية توقيع مرسوم دورة ضباط 1994، وتمديد مهلة تسجيل المغتربين، ظاهرها تقني، وباطنها سياسي بامتياز، على ما قال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم خلال لقائه مجلس نقابة الصحافة الاسبوع الماضي..
يسعى مقربون من رئاسة الجمهورية الى الايحاء بأن «لا اشكال حول مرسوم الاقدمية الذي بات نافذاً بكل مفاعيله منذ لحظة توقيعه من قبل الرئيسين عون والحريري ووزير الدفاع، حتى ولو لم ينشر في الجريدة الرسمية.. وذلك بالتقاطع مع عودة مبادرة النائب وليد جنبلاط، عبر الوزير وائل ابو فاعور الى الواجهة من جديد..
لا ينكر عديدون ان الاسبوع الجاري قد يشهد شيئاً من الهدوء على جبهتي مرسوم الاقدمية وقانون الانتخاب.. بانتظار عودة الرئيسين عون والحريري من الخارج، الاولى من الكويت والثاني من مدينة دافوس في سويسرا.. لكن ذلك لا يعني بالضرورة ان أبواب الحل فتحت على مصراعيها وذلك لأسباب عديدة، من بينها ان أي تعديل على قانون الانتخاب سيؤدي الى فتح الابواب أمام سيل من التعديلات او اقتراحات تعديلات، ما قد لا تستوعبه المهلة الزمنية المتاحة، ما قد يؤدي الى ارجاء الانتخابات، وهذه مسألة غير مقبولة ومرفوضة من عديدين ومن أبرزهم «حزب الله»، حيث لوح السيد نصر الله بكشف القناع عن أوجه البعض، في طلة تلفزيونية في الاسابيع المقبلة لافتا الى وجود «جو اتهامي بأن البعض يريد تأجيل الانتخابات..» مستدركاً بالقول: «… لكن للانصاف لا أعتقد ان أحداً من القوى يريد تطيير او تأجيل الانتخابات.. وأظن ان الجميع يريد انتخابات في موعدها ومن الطبيعي ان يعمل كل طرف لتحسين شروطه..»؟!
لكن السؤال الذي لايزال يتبادر الى الاذهان، ماذا لو غامر البعض ودخلوا جدياً في لعبة، او في مغامرة الاطاحة بالانتخابات وارجائها الى مواعيد لاحقة؟!.
لا يتردد عديدون في القول ان عدم اجراء الانتخابات في موعدها، او ارجائها، لأي سبب كان سيشكل طعنة كبيرة للرئاسات الثلاث والعهد عموماً.. وهي ضربة مؤكدة قد لا تستثني سائر القطاعات كما والاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي يتمسك به الرئيس الحريري ويعتبره من أولوياته.