ينتظر اللبنانيون نتيجة مفاوضات لوزان في شأن الملف النووي الإيراني تزامُناً مع تعَثّر العملية التي تقودها إيران وحلفاؤها الشيعة العراقيون في تكريت. وزاد شغفَهم في الانتظار بعدما تقرّر أن ينضمّ ممثّلو الدوَل الخمس إلى لقاء لوزان لتنتقلَ المفاوضات من ثنائيّتها إلى مرحلة الحوار بين طهران ودوَل (5+1). ما هو المنتظر؟ وما هي حصّة لبنان؟
لم يَهضم أحدُ الديبلوماسيّين المتمرّسين دعوات بعض اللبنانيين إلى تجاهل مضمون المواقف الإيرانية التي تحَدّثت عن قيام الأمبراطورية الإيرانية وعاصمتها العراق، ولا انتظار ما ستَؤول إليه مفاوضات لوزان وحدود دورها في المنطقة للبَتّ في الاستحقاقات اللبنانية الداخلية.
وقال إنّ في مِثل هذه الدعوات القليلُ من الواقعية والكثير من الشوفونية وتسخيفٌ للعوامل التي قادَت إلى استمرار الشغور الرئاسي في قصر بعبدا، في انتظار حصيلة المساعي القائمة لضبطِ الساحة الداخلية ومنعِ تسَرّب الفتنة المذهبية التي أيقظَتها أحداث العراق وسوريا إلى لبنان.
وقال الديبلوماسي: ليس من المنطق إعطاء ما تشهَده الساحة اللبنانية من مساعٍ للتهدئة ومسلسل الخطط الأمنية التي تنفّذ في مناطق عدة حساسة على وقع الحوار في عين التينة بين «المستقبل» و»حزب الله» بُعدُه اللبناني فقط. ولا يجوز الاعتقاد للحظة بأنّه كان نتيجة قرار داخلي ولدوافع لبنانية بَحتة، فيما الواقعية تدعو إلى اعتباره حواراً بالواسطة انطلقَ بنصيحة مزدوجة إيرانية وسعودية.
ولولا الضوء الأخضر الذي جاء من الرياض وطهران لسَقطت كلّ المساعي التي بَذلها الرئيس نبيه برّي وانتهَت كما انتهَت إليه مساعي صديقه النائب وليد جنبلاط الذي حَلم لأشهر بمثل هذا الحوار.
وعليه، أضاف الديبلوماسي: بالاستناد إلى ما تقدَّم، ليس هناك ما يدعو إلى القلق بأن تنعكس المواقف التصعيدية الأخيرة التي شهدَتها عطلة نهاية الأسبوع من بيان قوى «14 آذار» والإعلان عن «المجلس الوطني» على طاولة حوار عين التينة التي عَقدت أمس جلستها الثامنة في أجواء اتّسَمت بعملية غسلِ قلوب ولم تقارب الملفّات الخلافية التي اشتعَلت المواقف في شأنها بين أطراف هذه الطاولة على خلفية أحداث العراق والمواقف الإيرانية التي شَكّلت تحَدّياً كبيراً لقوى «14 آذار» وأقطاب تيار «المستقبل».
وألمحَ إلى أنّ ما يُطَمئن هو أنّ القضايا التي أدّت إلى تصعيد المواقف لدى طرفَي الطاولة غير مدرَجة أساساً على جدوَل أعمال الحوار. وقد تمّ التفاهم المسبَق على شطبِها منه وإبقائها خارج إطار الحوار الداخلي الهادف إلى تخفيف أجواء التشنّج وإرجاء البَتّ بها إلى ما بعد انتخاب رئيس للجمهورية.
وعليه يَعتقد الديبلوماسي أنّ حالَ المراوحة القائمة لن تسمحَ بأيّ إنجاز داخلي، وتحديداً على مستوى الاستحقاق الرئاسي. فهو أمرٌ يَنتظر استكشافَ نتائج المفاوضات في لوزان وسط ترَقّب انتقالها المفاجئ والسريع من مستوى الحوار الثنائي بين إيران والولايات المتحدة إلى مستوى المفاوضات ما بين طهران وممثّلي الدوَل (5+1) الذين انضمّوا إلى المفاوضات بعد ساعات قليلة أعقبَت انتهاءَ الجلسة الأخيرة مع الأميركيين، وهو ما يَشي باحتمال تحقيق خطوةٍ ما إذا سقطت الملاحظات الفرنسية والبريطانية التي كبّلت الطروحات المتقدّمة للأميركيين، ودفعَت الإيرانيين إلى الكشف عن التفاهم مع واشنطن على 90 في المئة ممّا هو مطروح تقنياً وفنّياً، ما يؤدّي إلى القول إنّ حلّ البقيّة سيتمّ في السياسة.
وعلى اللبنانيين أن ينتظروا أيضاً، تبيانَ ما حدث في تكريت حيث تضاربَت القراءات في شأن الأسباب التي دفعَت الإيرانيين وشيعة العراق إلى وقف العملية، وتمحورَت حول رأيَين: أوّلهما يقول إنّها كانت محاولة إيرانية لابتزاز الأميركيين وإن بقدرة المهاجمين حسم معركة تكريت في أيام قليلة لو أرادوا ذلك.
والثاني أنّ الإيرانيّين وقَعوا في مستنقع ووحول تكريت كما كان الأميركيون يتوقّعون عندما اعترضوا على أولوية هذه المعركة على بقيّة المعارك الملِحّة في محافظات عراقية أخرى تحتلّها «داعش».
وبناءً على ما تقدّمَ، سينتظر اللبنانيون إلى أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود من لوزان إلى تكريت، بحيث سيكون للبنان موقع في التسوية، فهو الملفّ الوحيد الأرخص ثمناً والذي يمكن معالجته بسهولة وبأقلّ كِلفة ممكنة، ما يضعه في أولويات تجارب التوافق بين الطرَفين.